"أرض النار" أو "ريف الحرق" علي هذا النحو يأتي وصف نادين جورديمر الأديبة الجنوب أفريقية البيضاء لمسقط رأسها، المدينة المشهورة بتعدين الذهب والمحاطة بمناجم الفحم في منطقة الترانسفال شرق جوهانسبرج تظهر في مذكرات صاحبة نوبل 1991 والتي تحمل عنوان "أوقات الحكي.. الكتابة والحياة (1954-2008) وكأنها تحترق من الداخل. هكذا تحكي في مقالة بعنوان "طفولة في جنوب أفريقيا" كانت قد نشرتها عام 1954 عن الفصل العنصري والعنف والغضب الكامنين في الطبيعة الأفريقية، إلي جانب مائة مقال آخر عن الكتابة والحياة والمسئولية السياسية للمثقف، وأخيرا عن تفوق البيض باعتباره "كذبة جنوب أفريقيا الكبيرة"، يضمها هذا الكتاب الصادر لدي. اختارت صاحبة نوبل في مذكراتها "أوقات الحكي" التركيز علي ملامح الصورة العامة لها والابتعاد عن كل ما يمس حياتها الخاصة، فقط شذرات من أيام طفولتها ومراهقتها، إلي جانب بضعة سطور عن زوجها رينهولد كاسيرر زوجها الذي عاشت معه 50 عاما وكانت أسعد أيام حياتها. دافع الواجب وليس السعادة هو العنصر الملهم في معظم أعمال جورديمر الإبداعية، هذا ما نكتشفه في مجموعة المحاضرات المرفقة بالكتاب وتتحدث عن صعوبة التوفيق بين أداء واجب العمل وبين تحقيق السعادة الشخصية، فقد كتبت جورديمر في مقالة نشرت عام: 1983 الكاتب الذي يشعر بالمسئولية تجاه قضايا معينة مرفوض، ومطلوب منه دائما الازدواجية والانطوائية والانعزال عن العالم الخارجي". السياسية تتقاطع مع الأدب في مذكرات جورديمر التي تغطي خمسة عقود منذ امتهانها الكتابة، ويمكن اعتبار تلك المذكرات بحسب النيويورك تايمز "بوصلة أخلاقية" لعصرنا. تتذكر بحماس يوم أن أفرجت السلطات عن الزعيم نيلسون مانديلا عام 1990 كيف شكلت تلك الواقعة "ذروة أوقات الحكي" بالنسبة إليها، حتي إنها اعتبرت تتويجها بنوبل بعدها بعام علامة علي نيل شرف النضال في قضية حياتها.