يتزايد القلق في دول الخليج العربية من احتمالات حرب قادمة تشنها الولاياتالمتحدةالأمريكية بتحريض من إسرائيل علي إيران تعصف باستقرار منطقة الخليج العربي التي تعد من أهم المناطق الاستراتيجية في العصر الحديث بما تمتلكه من مخزون وافر من الطاقة «البترول والغاز الطبيعي» يكفي لإمداد العالم منها أكثر من قرن ونصف وفقا لأكثر التقارير موضوعية. ينتابك الشعور وأنت تجوب دول الخليج العربية بحالة من عدم الرضا علي المواقف التي تنتهجها حكومة إيران لكن هذا لا يعني أن حكومات الخليج وشعوبه توافق علي حرب يبدو من ملامحها أنها باتت وشيكة تخيم علي سماء المنطقة بدأ الغرب في دق طبولها منذ زمن، واتخذ قرارها، وربما تكون ساعة الصفر قد تم تحديدها أيضا، وهذا ما يفسر الانسحاب الأمريكي الوشيك من العراق ومحاولة تهدئة الأوضاع في أفغانستان والحديث عن إعادة المفاوضات الشكلية التي لن تسفر عن شيء بين الفلسطينيين وإسرائيل، وفي المقابل يبدو أن إيران قد أدركت أن ساعة الصفر أزفت واقتربت فتحسبت لذلك بأن زرعت فلولا من عملائها في دول الخليج العربية هذا فضلا عن الطوائف الشيعية التي تعيش وتحيا وتحمل مواطنة دول الخليج، لكن ولاءها العقدي، والسياسي يتجه إلي مدينة قم الإيرانية. الكثير من الظواهر في المنطقة يجب أن يسترعي انتباهنا، منها تشبث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الموالي لإيران والمنتهية ولايته برئاسة الوزراء رغم فوز منافسة إياد علاوي بالانتخابات منذ أكثر من أربعة أشهر، لكن المالكي حليف إيران وبتأييد وإيعاز منها لن يمكن علاوي من تولي مقاليد رئاسة الحكومة في العراق وهذا في تقديري يتم وفق المخطط الإيراني الذي يسعي إلي ثني أمريكا عن شن حرب علي إيران وصرفها عن ذلك من خلال مغامرة متوقعة قد تكون في الخريف المقبل لحزب الله أو حركة حماس التي تشير التقارير إلي أن إيران أمدتها بصواريخ عززت من قوتها العسكرية التي تستطيع بها أن تؤلم إسرائيل بشكل غير مسبوق تعمل له إسرائيل ألف حساب. في تصوري أنه رغم ما هو معلن من أن الحرب المقبلة التي تهدد بها أمريكا إيران لكونها دولة مارقة تسعي لامتلاك السلاح النووي وتدعم الإرهاب، نعم قد يكون هذا مبررا لكنه قطعا ليس السبب الرئيسي فالولاياتالمتحدة التي لا تزال تعاني من أزمة مالية عصفت باقتصادها ورفاهية شعبها، ورغم ما يبدو من أن الأزمة أمكن احتواؤها بسرعة وفي خلال عام واحد فقط، فإن المؤسسات المالية الأمريكية التي ما زالت قائمة تعاني من مشكلات ضخمة تهدد كينونتها واستمراريتها، فالتقارير تشير إلي أن عددا كبيرا من تلك المؤسسات مرشح للانهيار خلال العام المقبل إذا تم سحب الدعم الحكومي منها قبل الأوان. يبدو لي أن الصورة التي تصدرها لنا الولاياتالمتحدةالأمريكية من أن اقتصادها قد تعافي ليست واضحة المعالم، فالمخاطر ما زالت كبيرة وقائمة والدليل علي ذلك هو الحركة المضطربة لأسواق الأسهم الأمريكية والعالمية، وأسواق العملات وأسواق الذهب. الحل كما تراه الإدارة الأمريكية هو في حرب خاطفة تشنها الولاياتالمتحدة علي إيران بتمويل خارجي ينعش الاقتصاد الأمريكي، ويضخ فيه الدماء من جديد، ويقيله من عثراته لعقدين قادمين، هذا هو ما يبدو أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد اقتنع به مؤخرًا بعد رفضه السابق للحرب علي إيران مفضلا عند توليه سدة الرئاسة الحلول الدبلوماسية، إلا أن إسرائيل وحلفاءها في البيت الأبيض نجحوا في أن يغيروا من قناعات أوباما قبل انتخابات الكونجرس المقبلة، وأن من شأن الحرب علي إيران أن تعزز من قدرات الاقتصاد الأمريكي لكنها في المقابل سوف تضعف اقتصادات دول الخليج التي رغم الأزمة المالية تعيش حالة من الانتعاش الاقتصادي بسبب ارتفاع سعر النفط وتخلصها من الديون التي كانت تكبلها بسبب الحروب التي خاضتها أمريكا لتحرير الكويت والعراق معا من صدام حسين. في يقيني أنه توجد حالة من الإدراك في الوعي الجمعي العربي أن الحرب علي إيران ليست بسبب السلاح النووي الإيراني ذي تخيفنا منه أمريكا وإسرائيل في الوقت الذي يقتلان فيه بغيره من الأسلحة الفتاكة الأخري في العراق وأفغانستان وفلسطين كل يوم أضعاف ما تفعله القنبلة النووية. إن الحرب علي إيران مقبلة لا محالة لتكون أمريكا قوية لمدة قرن قادم من الزمان.