أثار تعرض حاملة النفط اليابانية' ام ستار' نهاية الاسبوع الماضي لحادث غامض نتج عنه عطب في جانبها الايمن وهي في طريقها من ابو ظبي الي اليابان اهتماما كبيرا. نتيجة الغموض الذي أحاط به وبالرغم من الاعلان عن سبب الانفجار الذي تبنته جماعة متشددة مرتبطة بتنظيم القاعدة حيث قالت الجماعة في بيان لها إن مفجرا انتحاريا من أعضائها هو المسئول عن الهجوم علي ناقلة النفط اليابانية قرب مضيق هرمز' إلا ان حجم الغموض حول الحادث يتزايد امام ضآلة المعلن عنه والمعلومات المتاحة حول الحادث والناقلة. ولعل ذلك يرجع إلي حساسية وطبيعة المكان' مضيق هرمز' اضافة الي اهمية الاطراف المعنية بالحادث, فالمضيق يعد ممرا بحريا لاكثر من40% من تجارة النفط العالمية التي تمر من خلاله اضافة الي ان المخاوف التي تبديها السلطات اليابانية تجاه الحادث وخشيتها من ان يشكل بداية لمتاعب اقتصادية امنية لتجارتها خاصة أن90% من امداداتها النفطية تمر عبر هذا المضيق المتحكم في الخليج العربي اضافة الي حالة التوتر والاحتقان التي تحيط بالمنطقة باطرافها الدولية والاقليمية والعربية وهي اسباب تقدم في مجملها تفسيرا لحالة الحساسية المطلقة التي تكتنف الحادث والناقلة التي تقف قبالة ساحل ميناء الفجيرة علي بعد25 كيلومترا في المياه الدولية, ويعكف حاليا خبراء من الاماراتواليابان مع نظرائهم الدوليين علي مستوي عال من الخبرة لفحص المناطق المتضررة علي ظهرها للوصول الي الاسباب الحقيقية للحادث. وفي منتصف العام الماضي تعرضت سفينة تجارية لعملية قرصنة بحرية في مياه الخليج العربي اثناء ابحارها من الإمارات إلي البحرين حيث اعترضتها سفينة علي متنها طاقم مسلح, وهدد القراصنة الطاقم الهندي المكون من ستة أفراد بالسلاح واعتدوا عليهم قبل الاستيلاء علي شحنة أسماك كانت في السفينة, وبالرغم من عدم حدوث خسائر او اصابات خطيرة للبحارة إلا ان الواقعتين اثارتا مخاوف واهتمامات الاوساط الخليجية والعربية والدولية, باعتبار ان الحوادث جديدة لم تتعرض لها منطقة الخليج منذ حرب الخليج الاولي, اضافة الي ان منطقة الخليج العربي عند مضيق هرمز ليست بعيدة عن ساحة القرصنة الدولية الراهنة وهي القرن الافريقي, اضافة الي ان هذا المضيق المكتظ بالسفن والاساطيل البحرية يصبح علي المناورات ويمسي علي لغة التهديد والتصعيد المتبادلة بين القوي والاطراف الدولية عبر ضفتيه, الامر الذي يثير التساؤلات حول مدي تحول هذا الخليج الي مسرح لاعمال القرصنة البحرية بعد توافر عوامل جغرافية واخري حربية قد ترجح هذا التوقعات. والحديث عن القرصنة في الخليج لايتوقف علي عصابات او افراد يعترضون السفن التجارية وناقلات النفط للحصول علي مغنم او ابتزاز السفن, بل يمتد الي اتهامات بين اطراف دولية ودول وحكومات تطفو علي سطح المياة طرفاها ايران والطرف الآخر الولاياتالمتحدة ودول اوروبية لاسباب ترتبط بالصراع والهيمنة الاقليمية, مرورا بالنزاع حول ملف ايران النووي, وما يصاحبه من تصعيد وتوتر فالسجال لم يتوقف في الحديث عن التوتر في منطقة الخليج والتلويح باغلاق مضيق هرمز الذي يمر من خلال اكثر من30% من النفط المتجه من الخليج الي العالم. فعندما تتزايد محاولات الاطراف الغربية التضييق علي ايران وتطبيق عقوبات للحصار الاقتصادي يطفو اسم المضيق ويتصدر الاحداث. وفي الوقت الذي تعتزم فيه ايران الرد وكسر الحصار فانها تلوح باغلاق المضيق امام حركة التجارة الدولية وكما اعتبر سكرتير المجلس الأعلي للأمن القومي الإيراني ان وجود السفن الحربية الأجنبية في مياه المنطقة نوعا من القرصنة العصرية. والمخاوف من امتداد عمليات القرصنة البحرية المنتشرة في القرن الافريقي القريب من منطقة الخليج العربي مازالت تشكل هاجسا لايهدأ خاصة ان عودة قضية القرصنة قبالة السواحل الصومالية في الأعوام الأخيرة لكي تتصدر القضايا الدولية يضفي الكثير من الحساسية لحادث القرصنة البحرية الاخير في الخليج, كما يحمل قدرا كبيرا من المخاوف من تحول الشواطئ الخليجية الي ساحة للقرصنة العصرية ورغم ذلك يري استاذ الادارة الاستراتيجية بكلية دبي الحكومية سابقا الدكتور طارق حاتم الاستاذ بالجامعة الامريكية انه لايجب الاستسلام لتلك المخاوف لعدة اسباب اهمها ان منطقة الخليج العربي مساحة صغيرة ومحدودة يمكن التحكم في مياهها والسيطرة علي مجريات الامور فيها, ثانيا ان مياه الخليج تحمل العديد من الاساطيل البحرية للقوي الكبري والصغري من بوارج وسفن حربية وزوارق وقطع بحرية تجوب مياه الخليج ما يزيد من درجة السيطرة كما يشير الي ان مضيق هرمز عند بدايته هو مضيق صغير يساعد علي التحكم في مياه الخليج بشكل قوي وهو عكس مايحدث في منطقة القرن الافريقي المفتوحة علي المحيط الهادي ومياه البحر الاحمر والتي يصعب معها السيطرة علي مايحدث او التحكم في فيما يحدث من تجاوزات واعمال قرصنة. وتحدد أحكام ومبادئ اتفاقية الأممالمتحدة الخاصة بقانون البحار خطوات واضحة لمكافحة القرصنة في أعالي البحار تعطي لكل دولة صلاحية مكافحة القرصنة البحرية بما فيها الحق في اعتقال ومحاكمة القراصنة, كما يري القاضي في المحكمة الدولية لقانون البحار جوزيف عقل ضرورة وضع الإمكانيات والوسائل لتحقيق هذا الأمر, مشيرا الي ان نظام المرور في مضيق هرمز يسري عليه نظام المرور العابر, وليس نظام المرور البريء لأنه يصل بين جزءين من أعالي البحار, موضحا أن نظام المرور العابر يوجب علي الدول المشاطئة أن تحترمه, ولا يمكن وقفه اعتباطيا. ويستبعد خبير استراتيجي خليجي لايود ذكر اسمه المقارنة بين منطقة الخليج العربي ومنطقة القرن الافريقي فيما يتعلق بامكانات حدوث اعمال القرصنة, مشيرا الي ان حوادث القرصنة التي تحولت الي ظاهرة في القرن الافريقي تمتلك ظهيرا وميناء ومكانا تستطيع ان تنطلق منه عصابات القراصنة, ويشكل لها عمقا استراتيجيا للحركة والمناورة والاعمال اللوجستية, اما بالنسبة لمنطقة الخليج الضيقة فان من يسعي للقرصنة فانه لن يتمكن نظرا لصعوبة الذوبان في تلك المنطقة الضيقة, فضلا عن انه لايملك مكانا او ميناء او مرسي ينطلق منه ولا نستطيع ان نغفل ان مصالح الدول الكبري في الحصول علي الطاقة النفطية من الخليج قضية تعمل علي تضييق الخناق علي اعمال القرصنة البحرية. ويشكل اكتظاظ مياه الخليج بالسفن والاساطيل البحرية في ذاته ضمانا لعدم حدوث ظواهر للقرصنة وهناك محدودية لمجال القرصنة في الخليج نظرا لصعوبة الدخول والخروج منه واليه, فضلا عن وسائط رصد ومراقبة فائقة القدرة وطيران سريع وأسلحة فعالة, كما ان الشواطئ والموانئ لديها رقابة محلية واقليمية واخري دولية لاتسمح بأن تتعرض نسبة40% مما يباع من النفط العالمي والتي تقع في منطقة الخليج لاخطار القرصنة.