"اكتشف المؤلف عجز المعلومات النفسية والعلمية في حل مشكلات حوالي أربعة آلاف شخص من الشباب والكهول والاغنياء والفقراء والفتيان والفتيات، فانبري ليصف الدواء الناجع لمرضاه النفسيين عن طريق اتباع الدين، والتمسك بالقيم والتقاليد الإيجابية..."... بهذه الكلمات قدّم لنا الدكتور ثروت عكاشة، وزير الثقافة الأسبق، كتاب "العودة إلي الإيمان" لعالم النفس الأمريكي هنري لنك، الذي ترجمه ثروت عكاشة، وصدرت منه طبعة جديدة ضمن مطبوعات الهيئة العامة للكتاب. قدم عكاشة لنا مزيدا من المعلومات عن الكتاب وعن مؤلفه قائلا: "يرصد الكتاب رحلة الطبيب النفساني هنري لينك الإيمانية من خلال التجارب العملية التي مارسها في عيادته علي المرضي الذين كانوا يترددون عليه، وقد تخرج في الجامعة ملحدا شديد الاقتناع برفض الدين وظل طوال عشرين عاما مؤمنا بضرورة ربط الأسباب بالمسببات، وبأن الدين هو الملجأ للعقول الخاملة الكسولة، إلي أن اكتشف أن كل من يعتنق دينا أو يتردد علي دار عبادة يتمتع بشخصية أقوي وأفضل ممن لا دين له أو لا يؤدي أي عبادة". في الكتاب يعّرف لنك الدين بأنه "الإيمان بوجود (قوة) ما كمصدر للحياة، هذه القوة هي قوة الله، مدبر الكون خالق السماوات ، وهو الاقتناع بالدستور الخلقي الالهي الذي سنه الله في كتبه المتعاقبة"، ويعود لنك لينفي أن الاعتقاد بمجرد التردد علي بيت إله، هو الحل العملي لمشكلات الحياة وبه يستكمل المرء كأس سعادته فهذا، وكما يقول لينك، بإجماع الآراء فكرة بالية، لأن الإيمان بدون أعمال ميت كما جاء في العهد الجديد. ويري لينك أن أهم ما في مكتشفات علم النفس الحديث هو اثباته علميا أن سعادة الانسان وإمكانه إدراك ماهية نفسه لن يتأتيا بغير التضحية برغبات النفس في سبيل الغير، وينتقد الحضارة الغربية التي ألهت العقل والفكر وجعلتهما غاية، في حين أن الفكر ليس غاية، بقدر ما هو أداة يستخدمها الأنسان ليكيف شخصيته، وفق قيم الحياة وأغراضها، فكما أن الأسنان قد خلقت للمضغ بها، لا لمضغ نفسها، كذلك العقل قد وهب للتفكير في سواه، لا التفكير في استكناه أمره، فالعقل آلة نعيش بها لا من أجلها. ورغم أن كل ميادين العلم تعلي من قيمة العقل فلقد توصل علماء النفس أن الاعتماد المطلق علي الفكر فحسب كفيل بأن يقوض أركان سعادة الإنسان، إن لم يقوض أركان نجاحه ككل، فالإيمان بالعقل ضروري بشرط أن يقف عند حدود قدراته، واختتم المؤلف كتابه بأن التحرر الفكري هو النتيجة الأخيرة لانطلاق المرء، انطلاقا متحررا من التقاليد والقيود، التي تفرضها المعتقدات الدينية والثقافية، دون أن يستبدل بها عدة كافية من القيود والمثل العليا التي تعينه في المستقبل. "العودة إلي الإيمان"، الذي بلغ عدد طبعاته 47 طبعة، وقدر عدد قرائه بالملايين في أنحاء العالم، يؤكد فيه المؤلف علي أن الإيمان هو الحل الحاسم والسريع لكل مشكلات المجتمع عندما ينتشر بين أفراده، مع إيمان كل فرد بما عليه من واجبات وما له من حقوق مستعينا بالإيمان بالله وبأوامره ونواهيه ومنظومة العلاقات الواردة في الكتب المنزله، والأحاديث الشريفة والآثار الدينية القديمة، والرصيد المعرفي المتوارث من الأئمة والعلماء.