منذ قرابة العام وتحديدا بداية من العدد رقم 1258 بتاريخ 20 يونيو 2009 اقتحمت «روزاليوسف» ملف صحف الفتنة، وعلي مدار 12 عددا من خلال تحقيق استقصائي مازالت حلقاته لم تغلق حتي الآن، فلا تزال المعلومات تتوالي، عندها اعترفت باقتحامي حقل ألغام، وتحسست الخطي مدركا أن للكلمات وزنا وعمقا وتأثيرا، لكن حسبنا في ذلك مصلحة الوطن، فالدمامل كثيرة في الجسد ولا مفر من الجراحات لعلاجها. في تلك الحملة ألقينا الأضواء علي تلك الصحف التي تصدر في الكنائس بلا ترخيص، ولا مهنيين يرعاها رجال دين متطرفون، فتخرج في كل عدد حاملة عناوين، اختطاف فتيات مسيحيات لإجبارهن علي الأسلمة وغيرها من العناوين المثيرة للطائفية، عندها سارع رافضو الرأي بالهجوم علينا عبر أذرعهم الإلكترونية التي لا تتواني عن إثارة الفتنة وتزييف الحقائق. في الأعداد التالية كانت المفاجأة فالتطرف لا يقتصر علي المسيحيين، بل هناك من الجمعيات والحركات الإسلامية، من يصدر صحفا يقف خلفها متطرفون، تنشر التطرف وتحشد نحو كراهية الآخر، وكشفنا عن التطرف الجنسي بحثا عن الرواج من خلال العري والإثارة لدي متاجرين من نوع آخر. مناسبة ذلك هو تحقق ما حذرنا منه فما يحدث الآن من احتشاد للمتظاهرين في الكنائس، مثلما حدث في دير مواس وقناعات المتظاهرين بأن كاميليا زوجة الكاهن تادرس سمعان خطفت من قبل مسلم علي عكس الحقيقة، لم يكن وليد اللحظة، بل نتاج آلة إعلامية موجهة للأقباط فقط توزع داخل الكنيسة، لجمهور مستهدف تغرس في أذهانهم خرافات الاضطهاد والاختطاف والتمييز، والدولة غائبة ونقابة الصحفيين في غفلة عمن ينتحلون صفة صحفيين، والمجلس الأعلي للصحافة لا يطبق عليها القوانين بل لا يعلم عنها شيئًا. تلك الصحف إن كانت ليست وحدها المسئولة حيث يشاركها خطاب ديني متطرف وفضائيات فإن عليها دورًا مهمًا لذلك ينبغي تفعيل القانون تجاهها وفي المقابل انتشرت جماعات التطرف الفكري وكان آخرها القرصنة علي موقع اليوم السابع تلك الواقعة التي مهما كانت أخطاء الموقع إلا أنها كشفت عن وجود فصيل يحمل فكرًا متطرفًا وقدرة علي التعامل مع التكنولوجيا الحديثة غرس في عقولهم من فكر متشدد عبر المديا والصحف والفضائيات الدينية التي تكفر الآخر. هناك أزمة حقيقية قديمة أشجار الحنظل التي غرست في العقول بدأت تثمر تحركًا علي أرض الواقع عنفًا سيقابله عنف مضاد التظاهر في دور العبادة يعني أن المطالب دينية وليست فئوية وهنا لابد من الاسراع باقتلاع أشجار التطرف من جذورها قبل أن تنمو ويطول بها العمر ويشتد عودها وتستعصي علي القانون. وبالتوازي مع ذلك مطلوب غرس الاعتدال والتسامح في العقول منذ الصغر وهنا أذكر قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي درستها وأنا مازلت في المراحل الأولي من التعليم الأساسي تقول «بين الحديقة والنهر وجمال ألوان الزهر سارت مها مسرورة مع والد حان أبر فرأت هنالك نخلة معوجة بين الشجر فتناولت حبلاً وقالت يا أبي هيا انتظر حتي نقوم عودها فتكون أجمل في النظر فأجاب والدها لقد كبرت وطال بها العمر ومن العسير صلاحها فات الأوان ولا مفر قد ينفع الإصلاح والتهذيب في عهد الصغر والنشء إن أهملته طفلاً تعثر في الكبر». فهل للدولة أن ترعي النشأ وأن تتولي تربيته عبر مناهج تعليمية ووسائل إعلامية تحصنه ضد التطرف أم ستتركه للجماعات والمتطرفين والمتاجرين بالدين في غيبة المؤسسات الدينية الرسمية ورجال الدين المستنيرين.