هذه مسألة تحتاج الي بعض الصراحة.. فلنتسلح بها: تظاهر أقباط دير مواس من المنيا في مقر البطريركية.. ليس فقط لأن (كاميليا شحاتة) هي سيدة مسيحية اختفت من بيتها.. ولكن أيضا لأنها زوجة كاهن.. ولأنه إذا كانت قد صدقت الشائعات التي تقول إنها تحولت عقيدياً.. فإن هذا يمثل مشكلة عقيدية كبري.. تماما بالضبط كما لو أنك قلت إن زوجة شيخ قد تحولت إلي المسيحية. المشكلة العقيدية التي قد تنتج عن التحول العقيدي لكاميليا لم تقع.. والحمد لله.. لكن التفاعلات فجَّرت مشكلة عقيدية أخري.. لأنها أيضا زوجة كاهن.. والمسيحيون يقولون عن مثل هؤلاء السيدات (زوجة أبونا).. والكاهن هو في المسيحية بمثابة الأب.. والزوجة لديها مميزات اجتماعية كبيرة.. كما أنها تواجه أعباءً رهيبة.. وهذا الموقع يتطلب طرازاً خاصا من النساء. بحكم كونها (زوجة أبونا) تكون الزوجة محل أضواء المجتمع المسيحي الضيق الذي تعيش فيه.. ولكنها كذلك قد تتحمل عبء عائلة لها مواصفات خاصة.. فهي مطالبة بأن تعيش في أسرة قد يغيب عنها عائلها أياماً بحكم رعايته لشعب الكنيسة.. وهي منوط بها أن تحتمل أن يكون بيتها مفتوحاً طيلة اليوم وربما إلي وقت متأخر من الليل.. ومن ثم فإنها إذا لم تتمتع بمواصفات خاصة سوف تعاني كثيراً. ولذلك يفترض في الكاهن أن يختار زوجته بعناية كبيرة جداً.. غير أنه يحدث في بعض الحالات أن يتم اختيار كاهن ليكون قساً في كنيسة قبل أن يتزوج.. ولا بد له أن يقترن قبل أن يرسَّم كاهناً.. ومن ثم تساعده الأجواء المحيطة في اختيار فتاة قبطية لكي يتزوجها في وقت قد يكون سريعاً.. وهذا قد يسبب مشكلات منزلية فيما بعد. و(أبونا) في الكنيسة الأرثوذكسية له وضعية خاصة ومحورية.. تتعلق بها حياة الناس.. فهو يعرفهم جميعا تقريباً.. ويعرف عائلاتهم.. وكل ما يرتبط بهم.. وهو أحد أهم أدوات الكنيسة في أن تمد سيطرتها المعنوية علي المسيحيين.. خصوصا أنه من يعمِّد ومن يصدر شهادة الخلو من موانع الزواج.. وهو من يزوج.. وهو «أب الاعتراف».. بخلاف مهماته الدينية الأخري. والكاهن موكول به أن يصلح ذات البين في بيوت العائلات.. ويفترض فيه أنه يرمم ما يقع في الأسر الأخري من مشكلات.. وقد تبين الآن من قصة (دير مواس) أنه كان بين الزوجة العائدة (كاميليا) وزوجها الكاهن (تداوس) مشكلة أسرية.. فكيف به إذن يستطيع أن يقوم ببعض أمور دوره الروحي المفترض فيما بين بقية العائلات؟ فلنواصل الصراحة: منوط بالكاهن أن يتلقي الاعترافات من المسيحيين.. ولعل هذه المهمة هي أحد الأسباب التي تجعل الكنيسة تشترط في الكاهن أن يكون متزوجاً قبل أن يرُسَّم كاهناً.. وربما يكون الكاهن (تداوس) قد تزوج علي عجل.. قبل أن يرسم كاهناً.. وبغض النظر عن صحة هذا من عدمه.. يبقي السؤال معلقاً: كيف يمكن له الآن أن يستمر في تلقي الاعترافات وفق العقيدة المسيحية؟ لقد قال الكاهن الذي اختفت زوجته إرادياً إنه لم تكن في بيته أي مشكلات من أي نوع.. وجزم في بلاغه وفي تصريحاته للصحف وللمواقع بأن زوجته كانت تعيش حياة سعيدة.. وتبين فيما بعد أن هذا لم يكن واقع البيت.. وعفواً لأننا اصبحنا نناقش الأمر علنا.. فقد قلت بالأمس إن المظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات قد جعلتنا جميعا شركاء في هذا البيت.. إذ تمت دعوتنا إليه.. وكان ما فيه أمرا شخصياً.. وهو لم يعد كذلك. لقد كتب معلق اسمه (صموئيل عازر) في موقع الأقباط متحدون ما يلي: «إذا كان الكاهن الذي من ضمن واجباته الرعوية مصالحة الأزواج والزوجات هو الذي يتسبب في المشاكل بينه وبين زوجته، وهناك حالة قديمة في كنيسة الأنبا رويس خلع فيها الكاهن ملابسه الكهنوتية ليتمكن من الطلاق، وهناك مشاكل شبيهة أخري، إذن المشكلة أخطر من نص أو نصوص قانونية نعاقب بها هؤلاء الناس، وكأن الحل بالقانون (هذا منطق ومنهج الدولة لا الكنيسة)، وليس بالرعاية والافتقاد وبروحانية الكاهن (وهي مهمة الكنيسة)، فليت المسئولين في الكنيسة يحسون بآلام البشر ويعملون كل ما في وسعهم لحل المشاكل الزوجية قبل أن تصل إلي محكمة الأحوال الشخصية. وأضاف صموئيل: يا ليت تقوم هوجة وهجمة (مثل هوجة وهجمة الاعتراض علي حكم مجلس الدولة)، ولكن هذه المرة تكون لتنظيم الرعاية والافتقاد في كل أرجاء مصر والمهجر، ومصالحة المتخاصمين حتي لو كان أحدهم كاهناً وزوجته فهما إنسانان بشريان أيضاً.. أين الروحانيون في الكنيسة الذين ناداهم بولس الرسول (أصلحوا أنتم الروحانيين مثل هذا بروح الوداعة) . كل هذا أعرضه حتي أصل إلي هذه النتيجة: لو كنا نبحث عن الخراف الضالة ونحتضن العائدين ونحن فرحون (كما احتضن المسيح الخروف الضال.. وحمله علي منكبيه فرحاً) لما لجأ أحد إلي المحاكم ليتطلق أو يشتكي الكنيسة لأنها لم تُعطه تصريح الزواج الثاني مع أنها أعطتها لزوجته وظروفها هي ظروفه». انتهي التعليق. ومثله عشرات قرأتها.. ويفهم مما نقرأ ومن متابعة مشكلة (عودة كاميليا بعد اختفائها) أن لدي الكنيسة مشكلات عليها أن تواجهها.. وأن تعمل علي حلها.. قبل أن يحاول البعض تصديرها للمجتمع علي أنها أزمات طائفية.. وإذا كان المسيحيون الآن يطالبون بنوع من المراجعة لأداء الكهنة ودورهم مع الأسر المسيحية.. فإن المجتمع كله يجب أن يطالب الكنيسة بمراجعة هذا الأداء من حيث علاقته بالمشكلات اليومية للأسر القبطية. إن السؤال المحوري الآن هو: كيف يمكن لبيت هذا الكاهن أن يلتئم من جديد.. بعد كل هذا الذي جري.. وبعد أن تمت دعوة 80 مليون مصري إلي دخول بيته ومعرفة تفاصيل مشكلاته؟ لقد فرت زوجته منه.. وعرف كل الناس هذا.. فهل سوف تعود إلي البيت وتعيش فيه؟ كيف.. وهل سيقبل هو بها؟ كيف.. وهل سوف ترضي هي أن تعيش معه؟ كيف.. وإذا استحال الأمر كيف يمكن أن يظل كل منهما مرتبطاً بالآخر.. هو بحكم أنه (أبونا) وينتمي إلي كنيسة لا تطلق الناس إلا لعلة الزني.. وهي بحكم أنها قد أعلنت باختفائها استحالة العشرة؟ مرة أخري.. نحن لا نريد أن نتدخل في الأحوال الشخصية لكل من كاميليا وتداوس.. ولكننا قد دعينا.. وفرض الأمر علينا.. وقيل إنها اختفت لسبب طائفي.. ثم تبين أن السبب عائلي.. وقد انتهت المشكلة من حيث إنها مثيرة لاهتمام الرأي العام.. وعادت المختفية.. وتبين أنها لم تكن قد تحولت عقيديا.. ولكن المشكلة الكبيرة أصبحت في (حجر الكنيسة).. مشكلة بيت عائلة مسيحية.. مثلها ألوف.. تجد أنه من المستحيل أن تستمر العشرة.. لكن الكنيسة تقول بغير ذلك. ولم تزل في المسألة أبعاد أخري. اقرأ ايضا : مأساة امراه ..ومشكله كنيسه و ..الاحوال الشخصيه للاقباط ..امن قومى www.abkamal.net [email protected]