الأحوال الشخصية للأقباط.. أمن قومي الكنيسة تسيطر علي المسيحيين ب«الدفتر» مجدداً، لا بد أن نتكلم بصراحة: فجرت (عودة كاميليا) التي قيل إنها اختفت لأسباب طائفية ثم ظهرت كاشفة عن خلافات عائلية في بيت الكاهن تداوس، فجرت من جديد معضلة أوضاع الأحوال الشخصية في البيوت القبطية.. فالموقف برمته يتعلق بمشكلة أسرية بين زوج وزوجته.. وإن كان كاهناً اختفت زوجته. وقبل أسابيع من تلك الأزمة التي انتهت، كان أن قامت(هوجة) الكنيسة اعتراضاً علي حكم صدر عن القضاء الإداري صرح بالزواج الثاني لمسيحي طلبه بعد أن تطلق، وقالت الكنيسة: إن هذا تدخل في تطبيق الشريعة المسيحية.. وجري جدل لم يصل إلي مرحلة النضج حول مشكلات الأحوال الشخصية للأقباط، وتزمت الكنيسة الأرثوذكسية في التعامل معها بقدر من المرونة التي لا تخل بعقيدة.. ومن ثم كان أن قالت الدولة: إن الحل يكون في إصدار قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين.. وأن يكون الرأي فيه للكنائس. وبخلاف المواقف المتناقضة لكل كنيسة، حتي بما في ذلك بين الطوائف الأرثوذكسية المختلفة، فقد ضرب الإحباط قطاعات مهتمة من الرأي العام القبطي، حين تبين أن الكنيسة الأرثوذكسية تتجه إلي اقتراح مواد علي القانون لا تعالج المشكلات المستفحلة وإنما ترسخ الأوضاع التي لا تريد أن تغيرها.. والتي يشكو منها الذين يعانون من أوضاع الأحوال الشخصية للأقباط. حسناً، وبصراحة أيضا: الدولة وضعت الأمر في حجر الكنيسة.. فهي المختصة عقيدياً بالأمر.. ويفترض بالتالي أن تكون الكنيسة جديرة بهذا.. وأن تضع حلولاً.. ليس من أجل ما تراه عقيدياً فحسب.. وإنما كذلك من أجل وضع حل لمشكلة وطنية في التحليل الأخير.. حتي لو كانت صفتها الدينية أنها قبطية. واقعة (كاميليا وتداوس)، ومثلها ألوف من الوقائع في البيوت، الله أعلم بها، لم تتفجر إلي درجة أن تصبح احتجاجات، ولم يلبسها أحد ثوباً طائفياً، تفرض علي الكنيسة أن تنزع عن نفسها العنت.. وأن تعيد النظر في الأمر بتفتح يتطلبه الأمر ويقتضيه الموقف.. كونها (أرثوذكسية) لا يعني أنها لا ينبغي أن تتعرض للتجديد.. فهذا يحميها.. ويمنع بعض التابعين لها من أن يتحولوا إلي غيرها لكي يحلوا مشكلاتهم.. وقد أصبحت ظاهرة معروفة الآن أن عدداً من الأقباط الأرثوذكس يغير مذهبه لكي يحل مشكلة قلبه. إن حماية الكنيسة هي حماية للبلد.. ولكن الكنيسة لا تؤمن بأن التجديد نوع من الحماية.. وقبل سنوات انفجرت في وجه الكنيسة مشكلة «مكسيموس»، وبخلاف بعض الجوانب العقيدية، فإن ظاهرته التي أغضبت الكنيسة وأقلقتها وجدت بعض الصدي بسبب الصيغة اللاهوتية التي طرحها واجتذبت بعض الاتباع. إن عدد الذاهبين للمحاكم طلباً لتصريح الزواج بعيداً عن الكنيسة يتزايد يوماً تلو آخر.. لكن الكنيسة أصرت علي موقفها: لا طلاق إلا لعلة الزني، وفي التفسير بمزيد من الصراحة يقول بعض الأقباط: إن الكنيسة تصر علي موقفها هذا لأنها تجد في أمور الأحوال الشخصية الوسيلة المثالية لإبقاء التواصل ولا أقول السيطرة علي مع شعب الكنيسة بطريقة لا يمكن الفكاك منها.. إذ إن كل الأمور ذات الصلة بحياة القبطي الشخصية لا بد أن تنطلق من موافقة الكنيسة ورضاها.. ما يعني أن الكنيسة تري أنها لا يمكن إلا أن تفرض سيطرتها علي الأقباط من خلال الدفتر.. دفتر الزواج.. ودفتر الطلاق الذي لا يفتح أبداً. لا أريد أن أخوض في أمور عقيدية.. وأنا أقر بحق كل مصري في أن يتبني العقيدة التي يؤمن بها.. كما أنني لا أخوض في تفاصيل لها علاقة بأحكام ونصوص، ولا أريد أن أمضي قدماً في الاستشهاد بما يقول عنه بعض الأقباط إنه موجود في الإنجيل ويتيح مرونة في التعامل مع المواقف المعقدة اجتماعياً. ولكن المعضلة لم تعد شأنا كنسياً.. ولم تعد تخص فئة دون غيرها.. الأقباط مواطنون.. ولديهم مشكلاتهم.. التي حين يعانون منها فإن غيرهم يعاني منها ليس فقط لأنها لا يمكن سجنها في قمقم ولكن أيضا لأن ما يؤلمهم يؤلم غيرهم.. وما يعانون منه يعاني منه مواطنوهم. وإذا كانت الكنيسة تتعامل مع أمور الأحوال الشخصية باعتبارها من أسرار الكنيسة، فإن الملف برمته أصبح يتعلق بالأمن القومي للدولة.. وللدولة ثوابتها وخطوطها الحمراء.. لأنه كما جري في واقعة (كاميليا وتداوس) يتحول الأمر البسيط إلي مشكلة كبيرة.. وينتقل من موقعه في المنيا إلي قلب القاهرة.. وحتي لو بقي هناك جغرافياً.. فإن هذا لا ينفي عنه أنه موضوع يثير القلق والقلاقل.. خصوصاً إذا تم إصباغ الصفات الطائفية عليه واستخدم في الإثارة والتهييج، من قبل من ترفض سلوكهم الكنيسة بالتأكيد. إن علي الكنيسة أن تدرك أنها ليست جزيرة منعزلة.. وأن الأقباط لا يعيشون وحدهم.. وأن هذا بلد مشترك.. وأن الظواهر التي يمكن أن تؤذي أي مواطن فيه لا تميز بين مسلم ومسيحي.. وعليها أن تتجدد.. وأن تفتح النوافذ للرؤي المختلفة لكي تجد صيغاً مقبولة منها ومرضية للمواطنين الأقباط.. فلا يكون الأمر مشكلة مع القضاء.. ولا يتحول إلي احتجاج في ساحات البطريركية.. ولا يكون مشكلة ذات أبعاد أمنية.. وأيضا حتي لا تتفاقم ظواهر التحول بين المذاهب. ومن ثم فإنني أطالب الدولة بأن تتريث وهي تترك الأمر برمته للكنيسة.. وأن تستمع إلي الرؤي الأخري حول قانون الأحوال الشخصية للأقباط.. لا سيما أنه لا يوجد اتفاق بين الكنائس المختلفة حول البنود المطروحة فيه.. وأن تطالب الكنيسة بفحص المعضلة حتي لا تنفجر في وجه الجميع.. فإذا كانت مشكلة (كاميليا وتداوس) قد انتهت فإن هناك غيرها غير معلن عنه.. ولم يجد من يستغله ويحوله إلي مشكلة.. وإذا كانت صفة الكاهن تداوس قد ساعدت في أن تصل هذه المسألة إلي وسائل الإعلام.. ظناً من البعض أن كاميليا أسلمت.. فإن هناك أقباطاً لديهم مشكلات.. لكنهم ليسوا بكهنة. اقرا ايضا : عوده كاميليا ..مأساه امراه ..ومشكله كنيسه (زوجه ابونا)..عوده كاميليا ..وازمه الكهنه www.abkamal.net [email protected]