«واقع التعليم الفلسطيني تحت حكم حماس» هو موضوع دراسة حديثة صادرة عن مركز فافو للدراسات الدولية في النرويج راصدة تجربة المدارس الخاصة الإسلامية التابعة للجمعيات الخيرية الإسلامية في الضفة الغربية وغزة، وذلك علي أساس أن الأسلمة حركة اجتماعية وليس شأنا ايديولوجيا. وركزت الدراسة التي صدرت تحت عنوان الحركة الإسلامية والتعليم في فلسطين علي المدارس الإسلامية الخاصة التي شبهتها بالمدارس الخاصة المسيحية في النرويج من ناحية الأهداف المتعلقة بنشر القيم الدينية والأخلاقية ومن ناحية قبول قطاعات من الشعب لوجودها. علي الرغم من أن هذه المدارس هي جزء أصيل من تعبيرات الأسلمة في فلسطين حسب تعبير الدراسة، وتتبني رؤية دينية تتقاطع مع رؤية حركة حماس، ويمكن أنْ تتلقي تمويلاً من جهات حمساوية، وقد ينتمي كادرها الإداري إلي حركة حماس، إلا أنها ليست مرتبطة بمشروع حماس السياسي، وليس لديها أجندات تغييرية، ولا تلتزم بما نصّ عليه ميثاق حركة حماس حول التعليم، وهي بشكل أساسي تعبير عن التزام ديني محض تجاه فئات الأيتام. وحسب الدراسة، فإن المدارس الإسلامية الخاصة في فلسطين هي ذات طبيعة خيرية، تستهدف فئات بعينها كالأيتام، ورسومها منخفضة مقارنة بالمدارس الخاصة الأخري، كما انها تتلقي تمويلاً محلياً وخارجياً، وتتَّبع بالكامل النظام التعليمي الفلسطيني الرسمي، فتدرِّس المنهج الفلسطيني الجديد، وتخضع لتفتيش وزارة التربية والتعليم. وتتمحور أهداف هذه المدارس حول رفع مستوي التعليم داخل المجتمع الفلسطيني ونوعيته وغرس القيم الدينية، وهي تدار من قبل هيئات من صلب البيئة المحلية، مشهود لها بالكفاءة، وحصلت علي ثقة الجماهير والمؤسسات التعليمية الرسمية. وقالت الدراسة إن الحكومة الفلسطينية هي المسئولة بشكل كلي عن قطاع التعليم في الضفة وغزة، اذ تخضع مشاركة القطاع الخاص في التعليم لقوانين وزارة التربية والتعليم، موضحة أن النظام التعليمي الرسمي لا يستند إلي بنية فكرية علمانية خالصة، بل يقوم علي رؤية تجمع بشكل معتدل بين التوجهات الدينية والثقافة القومية، وتدعو إلي الانفتاح، وتري في تطوير نوعية التعليم المهمة الرئيسية لجهاز التعليم الحكومي، وتؤمن بدور للقطاع الخاص في تحقيق هذه المهمة. وخلصت الدراسة إلي أن المدارس الإسلامية الخاصة التابعة للجمعيات الخيرية الإسلامية في فلسطين هي مبادرات محلية مرتبطة بجمعيات محلية، وتعمل باستقلالية إلي حدٍّ كبير عن أي أطر عامة لحزب أو حتي حركة، لكن كلها تتشابه في أهدافها وآليات عملها في الضفة وغزة، مع اختلاف بسيط في القطاع يتعلق بحضور لافت للخطاب الإسلامي السياسي، علي الرغم من أن تأثيره علي مجمل العملية التعليمية يبقي محدوداً جداً. وذكرت الدراسة أن هذه المدارس تحصل علي مراتب متقدمة من ناحية نوعية التعليم وجودته، والتحصيل الأكاديمي لطلابها، وقد نجحت في تقديم تعليم أفضل للأيتام والفئات الاجتماعية الضعيفة، واستطاعت المساهمة في حل اشكاليات تتعلق بالقدرة الاستيعابية للجهاز التعليمي الرسمي. ووصفت الدراسة هذه المدارس بأنها جزء من نضال اجتماعي ثقافي ضد القيم الأجنبية، التي يري كثيرون بأنها تهدد المجتمع المسلم، وهي مؤشر علي قوة المجتمع المدني، ورافد أساسي للعمل الأهلي، في ظل الاحتلال ووجود حكومة فلسطينية غير قادرة علي الوفاء بالتزاماتها بشكل كامل تجاه التعليم.