زمان وأنا صغير في كلية التجارة جامعة القاهرة من حوالي اربعة وعشريييين سنة كنت بامثل في فريق المسرح الجامعي وكان المسرح الجامعي مزهزه ومنور بشباب بقوا دلوقتي نجوم الحركة الفنية في مصر خالد صالح وخالد الصاوي وماجد الكدواني ونادرصلاح الدين ومحمد شومان وغيرهم وغيرهم... المهم... فاكر إن في سنة لغوا مسابقة الكليات في جامعة القاهرة وقرروا ان منتخب الجامعة هو اللي يشارك في مسابقة قناع الجامعات واسندت ادارة رعاية الشباب في جامعة القاهرة اخراج عرض المسابقة للمخرج اللامع احمد مختار اللي اختار نص للكاتب جريجوري جورين اسمه (انسوا هيروسترات) واسند للعبد لله دور من ادوار بطولة العرض المهم جه يوم المسابقة وتوتر يوم المسابقة واستنينا ورا الستارة في مسرح السلام علشان دخول لجنة التحكيم وجت اللجنة فعلا ومحسوبكم شاب لسه في أول الطريق جاتللي بعيد عنكم رعشة مرعبة واحساس فظيع مفاجئ بفقدان الذاكرة. واختلطت كلمات نص جريجوري جورين في دماغي بأغاني عبد الحليم حافظ وجف حلقي وكانت هاتبقي ليلة سودة بعيد عن السامعين... المهم... اترفع الستار ولحسن حظي كنت صامتا في المشهد الاول للعرض فاختلست نظرة للجنة التحكيم اللي كانوا زمان بيختاروها عالفرازة علشان تقيم اعمال المسرح الجامعي وتجولت عيناي بين اعضاء اللجنة اللي تخض واستقرت في منتصف اللجنة بالظبط علي أطيب وجه يمكن ان تراه في حياتك ... نظرة جميلة هادئة مريحة مبتسمة وبشوشة ومشجعة ... اول ما شفتها تقولش شربت حبوب الشجاعة .. تحولت فجأة لسوبر مان وخرجت الكلمات علي لساني فصيحة بليغة بصوت هادر وكنت كل شوية اعاود النظر لنفس السيدة فالمح ضحكاتها الجميلة المشجعة فازداد قوة وثباتًا علي خشبة المسرح واذكر ان المخرج احمد مختار كان قد رسم لي حركة طريفة انهي بها دوري علي خشبة المسرح في المشهد الاخير حيث اموت بعد ان تناولت السم بطريق الخطأ فأسقط علي ركبتي وانظر لقائد الحرس الذي كان يقوم بدوره زميلي العزيز الفنان محسن منصور استاذ المسرح حاليا واقول له بطريقة استيفان روستي... نشنت يا فالح ثم وباعتباري أميرا قبل ان اموت المع الارض بمنديلي ثم اسقط ميتا.... وهنا انفجرت السيدة الجميلة ضاحكة ومصفقة فتبعها الجمهور الغفير بمسرح السلام مصفقا بشدة... وانتهي العرض... وصرخنا جميعا بمجرد اغلاق الستار وإذا بالفنانة الجميلة عبلة كامل والتي كانت وقتها في بداية نجوميتها وكانت تساعدنا في منتخب الجامعة بروح رائعة تصعد الي خشبة المسرح وتنادي علينا لان رئيسة لجنة التحكيم تريد مصافحتنا ونزلنا جميعا لنصافح رئيسة لجنة التحكيم فاذا بها ذات الوجه الملائكي الرائع واشارت الينا فاقتربنا منها وهنا نظرت إلي وقالت ... انت اسمك ايه؟.... فرددت.. خالد جلال... وحضرتك؟ ... وهنا لكزتني ايدي فريق العمل كله تقريبا ... فايقنت انني قد اخطأت خطا لا يغتفر لجهلي بها... ولكنها وبنفس الابتسامة الرائعة التي لم تفارقها لحظة ردت ببساطة ... أنا أسمي سناء فتح الله.... قد ايه انتوا جمال ورائعين برافو عليكم . وكانت هذه هي اول مرة التقي فيها بماما سناء ولم تكن أبدا الأخيرة فبعدها لم تفارقنا ابدا ماما سناء في اي عمل نقدمه سواء كنا نمثل فيه أو نقوم باخراجه كنا دائما ندعوها للحضور ولم تخيب ابدا امالنا بالمغيب ... فكانت تحضر جميع العروض بنفس الابتسامة الهادئة الناعمة والصوت الرقيق الدافئ المشجع والموجه اذا اخطأنا احببناها وكانت واحدة من امهات الفنانين كما كان يحلو لنا ان نسميهن وهن كثر وكن جميعا هدية ربانية منحها لنا سبحانه وتعالي كي يشددن من ازرنا ويساعدونا في بداياتنا . اسأل اي مسرحي عنهن ... سناء فتح الله... نهاد صليحة ... امال بكير... فتحية العسال ... نعم الباز... سميحة ايوب... وسيحكي لك بكل حب مثلي قصص المساندة والتشجيع .... تشجيع بلا نهاية وبلا غرض أحببنا فعشقناهن وعلمننا فاخلصنا لهن ووجهننا فاصلحنا مسار حياتنا الفنية ... كفاية فصحي بقي احسن انا ضعيف في النحوي.... والكلام اللي جاي تلزمه العامية.... من كام يوم... ماعادتش موجودة ماما سناء .. ورغم ان ولادها اصحابي واخواتي المخرج الكبير خالد بهجت والشاعر الكبير محمد بهجت الا اني مارحتش العزا... خوف غريب جالي لما رحلت ماما سناء... ورغم انها ف الكام سنة الاخيرة ماكانتش بتنزل كتير لظروفها الصحية بس احساسك انها موجودة وتقدر تكلمها بالتليفون لما تكون في أزمة كان مطمن قلبي... لما كنت اخاف وانا كبير كده كنت افتكر صوتها وضحكتها الصافية واتشجع وأواجه... ماعادتش موجودة... كلمت محمد وخالد بهجت وقلتلهم اكيد هاشوفكوا بكره وللا بعده وبرضه ماقدرتش يومين وكتب محمد بهجت احلي ما كتب من قصايد... قصيدة اسمها... يجعلها اخر أحزاني... فجدد أحزاني ولقيتني باعيط زي طفل صغير وانا بقراها... رفعت سماعة التليفون وكلمت نهاد صليحة وآمال بكير من غير مناسبة قلت أي كلام والسلام ... كنت عايز اسمع صوتهم ... ودخلت علي أمي أوضتها وسألتها برضه من غير مناسبة انتي كويسة؟... عايزة حاجة؟... فدعتلي... كنت زي طفل صغير بيطمن علي بقية امهاته ويبوس ايديهم واحدة واحدة... أرجوكم الحقوا اعملوا كده..... أصلي....... ملحقتش ابوس ايد ماما سناء