عندما يرسل العلماء صاروخا إلي المريخ مثلا فإن مسار الصاروخ يصحح عدداً كبيراً من المرات في فترات زمنية مختلفة إلي أن يصل إلي مجال دورانه حول المريخ أو المنطقة التي يجب أن يهبط عليها وقد يسأل سائل لماذا هذه السلسلة من التصحيحات؟ لماذا لا نضع الاتجاه الصحيح من البداية؟ الحقيقة أن ذلك لا يمكن عمليا وهو أيضا نظريا قد يكون أقرب إلي المستحيل، الإنسان عامة والعالم خاصة لا يصل إلي الصحيح إلا بعد طريق سلسلة من التصحيحات لبداية أو نظرية قد تكون بعيدة جدا عن التصحيح أو مجرد تقريب ضعيف للحل الدقيق أو النظرية العلمية الكاملة.. من هذا المنطلق أعتقد أن كراهيتي للأخطاء التي كان يمكن أن يتفاداها سياسيون في دول هم شركاء في طريق الكفاح وأخوة في الدم والدين جعلتني أكتب بطريقة حادة وبها القليل من العصبية عن دولتين شقيقتين هما تركيا وإيران. الحقيقة لقد دعوت مرارا في الماضي إلي وجوب أن تتسع الجامعة العربية إلي جامعة شرق أوسط لينضم إليها إلي أقل تقدير بصفة مراقب كل من تركيا وإيران الشقيقتين. دعوني أصحح وأكمل ما قلت سابقا لا يمكن أن ننسي فضل كمال أتاتورك علي المنطقة حينما وضع يده علي نقاط الضعف في الدولة العثمانية وخلطها بين الدولة والدين وأنشأ أول دولة علمانية في العالم الإسلامي ونهض بتركيا من حضيض هزيمة الحرب العالمية الأولي بالطبع بالغ كمال أتاتورك في علمانيته وجاءت الحكومة الإسلامية الحالية ونجحت في تصحيح أخطاء أتاتورك ومعني اسمه «أبوالأتراك» دون المساس بالأساس الذي بناه أتاتورك وصعد به إلي مستوي الدول الأوروبية. لقد كنت في استانبول لإعطاء محاضرة أهديتها إلي الرئيس محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية بمناسبة عيد ميلاده وكذلك لذكري الرجل العظيم كمال أتاتورك الذي صنع نصراً من هزيمة الدولة العثمانية بلا شك إستانبول أجمل وأنظف من لندن التي أسكن بها عدد من المرات وشعبها يتميز بالكرم وحب المصريين. ربما أن متحيزاً بعض الشيء لأن والدتي من أصل تركي ولكن هذا هو الحال لشريحة كبيرة من الشعب المصري وصلات الدم والرحم موجودة في كل مكان بين الأتراك والمصريين. وحتي في لواء الإسكندرونة السوري الذي تحتله تركيا لا يوجد به أي تفرقة عرقية تذكر وهم سوريون يعيشون في وئام كامل مع إخوتهم الأتراك والتزاوج بينهم هو العادة وليس الاستثناء ذلك علي العكس تماماً من الاستعمار العنصري الإسرائيلي للأراضي المقدسة وأريد أن أوضح هذه النقطة التي قد تكون لم تظهر بما فيه الكفاية في مقالاتي السابقة. وأخيراً يجب أن يعلم الجميع أن تعضيد تركيا للعرب نابع أولا من المصالح التركية وثانيا من العلاقات المتميزة بين القيادة التركية والقيادة المصرية الحكيمة برئاسة السيد الرئيس محمد حسني مبارك.. تركيا بلد عاقل وتقدر دور الرئيس المصري حق التقدير في سياسة الشرق الأوسط التي تضعها إسرائيل دائما علي حافة الهاوية. .. ونكمل غدا