"نحن لسنا بلد النفايات" و"لا أحد فوق القانون"، هكذا كانت تصريحات المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة، في تصريح له بعد أن أصدر قراراً بشطب إحدي الشركات العاملة في مجال السيارات من القائمة البيضاء بالهيئة العامة للرقابة علي الصادرات والواردات، إضافة إلي تحويل 27 شركة إلي القائمة السوداء التي تضم الشركات التي تلاعبت في شهادات الاستيراد من الصين.. وأكد المهندس رشيد، وفق ما نشر في جميع الصحف (الاثنين 18 يوليو) أنه سيتم تطبيق عقوبات مشددة علي الشركات المستوردة التي تتلاعب بالمواصفات والجودة، أو تقوم بأي ممارسات تضر بالمستهلك المصري، وأن هذه العقوبات سوف تشمل الشطب نهائياً من سجل المستوردين، وأنه سيتم وضع الشركات الأجنبية المخالفة في "قائمة سوداء" لمنع التعامل معها. وأن الوزارة سوف تتصدي بكل حسم وقوة لأي محاولات لإدخال سلع غير مطابقة للمواصفات وضارة للمستهلك، و"علي المتلاعبين تحمل العواقب".. وتأتي تصريحات المهندس رشيد متسقة مع تصريحاته السابقة، ومتطابقة مع أفعاله وتحركاته وقراراته.. فالرجل منذ تحمل وزارة التجارة والصناعة وشعاره هو "حماية المستهلك" والعمل علي رفع مستوي الجودة فيما يقدم له من خدمات أو منتجات.. وكثيراً ما تعرض الوزير رشيد لهجمات من الشركات التي لا تراعي هذه المعايير بسبب هجومه عليها.. غير أن عزيمته لا تنكسر، وإرادته تزيدها تلك الهجمات قوة و"حصانة".. علي أنه لابد من الإشارة إلي أن الكرة الآن ليست في ملعب المهندس رشيد، ولكنها في ملعب المستهلكين والمتعاملين مع هذه الشركات.. إذ لابد من قيام المستهلكين بحركة إيجابية، ولابد من اتخاذهم موقفاً فعالاً في هذه القضية: موقف مفاده منع التعامل مع هذه الشركات، ومقاطعة السلع والخدمات التي تبيعها، مهما كانت الإغراءات التي تقدمها، ومهما كانت الخصومات التي تعلن عنها.. يجب علي المستهلك ألا يرضي بالجودة بديلاً، وأن يعمل علي تقوية جانبه التفاوضي مع هذه الشركات.. إن حماية حقوق المستهلكين والدفاع عنها لم تعد ترفاً، ولم تعد من قبيل الكماليات، ولكنها أصبحت مطلباً حيوياً وجوهرياً لكل فرد.. ويجب علي جمعيات الدفاع عن المستهلكين أن تنتهز الفرصة، لكي تزيد من أنشطتها وفعاليتها.. ويجب علي الأفراد أن يكونوا جديرين بالدفاع عن حقوقهم، لأنه بدونهم، وبدون مشاركتهم لن يصبح لهذه القرارات قيمة. إن حماية حقوق الأفراد "فرض كفاية" علي الحكومات، ولكنه "فرض عين" علي كل فرد يريد أن يعيش محترماً ومستمتعاً بالخدمات التي يستحقها، وبالسلع التي يدفع مقابلاً لها.