وصلني بريد إلكتروني يزعم الكشف عن القاتل الحقيقي لابنة ليلي غفران وزميلتها في مدينة السادس من أكتوبر قبل نحو عام وينسب ارتكاب الجريمة لابن أحد كبار المسئولين في الدولة بسبب خلاف بينه وبين المجني عليها حول علاقة بينهما. تلك القضية شغلت الرأي العام بعض الوقت نظرا لبشاعتها اتهمت سلطات التحقيق أحد العمال بارتكاب الحادث عشوائيا بسبب السرقة وقدمته لمحكمة الجنايات التي حكمت بإعدامه. بعد نقض الحكم أعيدت المحاكمة أمام هيئة أخري أصدرت بعد تداول القضية علي مدي عدة جلسات حكما بإعدام المتهم للمرة الثانية بعد الاستماع لشهادة الشهود وفحص أوراق الدعوي ومراجعة دفوع دفاع المتهم، ووفقا للنظام القضائي المصري فإن حكم الإعدام يعرض علي محكمة النقض حتي دون طلب من المحكوم عليه مما يعني أن محكمة النقض سوف تراجع أسباب الحكم لتقول الكلمة الفصل في الاتهام الموجه إلي المحكوم عليه بالإعدام. علي أية حال حدد مرسل البريد الالكتروني اسم ذلك المسئول الكبير ووصف طبيعة العلاقة التي كانت بين المجني عليها وبين ابن ذلك المسئول الكبير ووضع تفسيرا لارتكابه الجريمة بطريقة توحي أنه يكشف سرا خطيرا فات سلطات التحقيق سهوا أو عمدا ويوحي بأن الفساد طال الجميع لحماية ابن المسئول الكبير. بالطبع لا يمكنني إعادة نشر تلك التفاصيل لسببين أما الأول فهو خطورة الاتهام الموجه إلي اسم شخص معين يعتبر مستهدفا بحكم مسئوليته دون أن يكون الاتهام مشفوعا بدليل دامغ لا يقبل اثبات العكس. والسبب الثاني هو عدم الخوض في سيرة المجني عليها التي أصبحت في ذمة الله وليس من الانصاف أن نلوك سيرة الموتي لمجرد التلاعب بمشاعر الناس واستخدام حادث اليم في ابتزاز أي إنسان حتي ولو كان مسئولا سياسيا كبيرا لا يرضي عنه بعض الناس ولكن أداءه السياسي سواء كان مقبولا أو غير مقبول لا يبرر الزج باسمه واسم أحد ابنائه في هذه القضية. السبب الآخر الذي يهمني معالجته في هذا المقال هو موقف القضاء المصري الذي يعتبر الملاذ الأخير للمواطن لاستخلاص حقه فالتهمة الملفقة يكشفها التحقيق القضائي وتداول القضايا علي عدة مستويات ومراحل يضمن نظرها أمام هيئات محاكم متعددة تكشف القصور في التسبيب أو الاستدلال وترفض إدانة المتهم إذا لم يسترح ضمير القاضي إلي ما هو ثابت في الأوراق. لا يروق لي أبدا التشكيك في منظومة العدالة ولا استخدام أساليب ملتوية للايحاء بأن القضاء يتواطؤ للتغطية علي ابن مسئول كبير مجاملة لوالده باصدار حكم بالإعدام علي شخص بريء تم تقديمه كبش فداء. إن الحكم بإعدام شخص يتحمل مسئوليته القضاة الذين أصدروه وفق أوراق القضية التي يدرسونها ولو أصدروا حكما بالإعدام علي من لا يستحق القصاص منه فمعني ذلك أنهم يصبحون قتلة وليسوا قضاة ويبقي دمه في ذمتهم ورقبتهم لحين يوم الفصل يوم العرض علي المولي جل وعلا الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور فماذا يقولون له يومها وكيف يسيرون بقية أيامهم في الدنيا وعلي أكتافهم هذا الهم الثقيل. بقيت لي في هذا الموضوع نقطة أود التوقف عندها وهي برنامج ابتزاز المسئولين في الأجهزة التنفيذية عن طريق تلفيق الأخبار أو اختلاق فضائح تمس ذويهم أن هذا البرنامج الذي دأب البعض علي استخدامه للضغط علي المسئولين بغرض تطويع ارادتهم والحصول منهم علي ثمن معين هذا البرنامج ينبغي التصدي له وكشفه باستمرار وفي اعتقادي أن بعض المسئولين يخطئ حين يتغاضي عن بعض الأخبار غير الدقيقة التي يروج لها البعض ضده بدعوي عدم نشرها بصورة أوسع عند الرد عليها بايضاح. والأفضل هو التصدي للشائعات والنميمة في الوقت المبكر المناسب وحرمان أي شخص كان من الاستفادة من الترويج لتلك الشائعات التي تزيد احساس المواطن بانتشار الفساد وشيوعه. إن المجتمع المصري الذي نعيش فيه الآن بالتأكيد ليس مجتمع ملائكة وأشخاص المسئولين في الدولة والحكومة والمجتمع ليست معصومة من الخطأ، لكن ما نهدف إليه ألا يكون كشف الأخطاء وتنقية العمل العام وسيلة لابتزاز المسئولين للحصول علي ثمن، مثل ابتزاز وزير الإسكان في قضية الاستثمار في ميدان التحرير، وابتزاز وزير الصحة في قضية نواب قرارات العلاج علي نفقة الدولة.