فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر رجل ذو مكانة علمية رفيعة تربي في الأزهر علي يد علماء أجلاء ودرس في أعرق جامعات العالم وهي جامعة السوربون في فرنسا وتدرج في المناصب العلمية والدينية فشغل منصب مفتي الديار المصرية ثم رئيس جامعة الأزهر وأخيراً شيخ للجامع الأزهر. التقيت وفضيلته مرات عدة وهو يشغل هذه المناصب ولمست عن قرب سماحته وفي نفس الوقت غيرته علي دينه من خلال العديد من المواقف وبالأمس القريب تأكدت من كل ذلك من خلال حديثه الممتع والشيق إلي الأستاذ مكرم محمد أحمد والذي نشر علي صفحات جريدة الأهرام وقبل أن أخوض في التعليق علي حديث فضيلته أقول إن البعض حاول إجراء مقارنات بين فضيلة الإمام الحالي وسلفه فضيلة الإمام الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي وحيث إنني كنت أيضا قد شرفت بمعرفة فضيلته عن قرب أقول في ذلك أن لكل منهما مدرسته الفكرية التي قد تختلف عن الأخري كما أن الاحتكاك بالثقافات المتنوعة والحضارات المختلفة مما لا شك فيه يكون له تأثير مختلف في تجديد الفكر والشخصية ومن هنا يكون من الصعب مقارنة شخص بآخر. أعود لحديث فضيلته فقد تحدث بأسلوب بسيط أكد فيه علي وسطية الإسلام شارحا لمعني الوسطية ومفهومها كما أزال اللبس حول ما يقال عن أن الإسلام انتشر بحد سيف وأيضا عرض لوضع الأزهر خلال الخمسين عاما الماضية والظروف التي اعتبرها البعض قد أدت إلي تراجعه كمرجعية معتدلة للعالم الإسلام أمام المذاهب المتشددة والمتطرفة. وننتقل إلي حديثه عن العلاقة مع غير المسلمين ودعوته للحوار مع أصحاب الأديان السمايوية الأخري وعلي رأسها المسيحية حيث ذكر فضيلته أنه بين المسيحية والإسلام منذ الأزل مد وجذر وفي القرآن أن النصاري أقرب إلي المسلمين لأن بينهم قسيسين ورهبانا ومريم هي أفضل نساء العالمين نصا في القرآن أما بني إسرائيل فيريدون فقط من الحوار استدراج العرب إلي التطبيع دون أن يقدموا شيئاً حقيقياً للفلسطينيين برغم أن الرسول الكريم كان يتعامل مع اليهود بدرجة عالية من الود والاحترام إلي حد أنه كان يطلب من المسلم إذا تزوج يهودية ألا يجبرها علي تغيير دينها وأن يأخذها إلي المعبد كي تصلي وبين اليهود أعداد قليلة يميلون إلي الإنصاف وما ينبغي أن يعرفه العرب والفلسطينيون أن إسرائيل لن تعيد حقوقهم علي طبق من فضة أو نحاس أو ورق ومن يري غير ذلك فهو في الحقيقة يحلم وعلي الفلسطينيين أن يتحدوا دفاعا عن حقوقهم المشروعة وأن يستخدموا حقهم المشروع في مقاومة المحتل بما في ذلك المقاومة. أيضا تأييده لموقف البابا شنودة الثالث من قضية الزواج الثاني للأقباط قائلاً: أوافقه وأدعمه مائة في المائة وحجة البابا شنودة صحيحة تماماً وحول عقد الذمة وحقوق المواطنة قال: الجزية كانت نوعا من ضريبة الدفاع عن النفس لأنهم كانوا يشاركون في الجندية وقد سقطت منذ زمن لأن الأقباط يخدمون في الجيش والأن يشاركون في الدفاع عن الوطن لهم ما لنا وعليهم ما علينا وإن كان من العدل أن يكون منصب رئيس الجمهورية من نصيب الأكثرية المسلمة كما هو الحال في كل الدنيا وحول التأكيد علي كون غير المسلمين يدخلون في طائفة المؤمنين قال: نعم لأنهم يؤمنون بالله واليوم الآخر وإذا كان الرسول اعتبر في وثيقة المدينة اليهود من طائفة المؤمنين فالأولي بالإيمان هم أخوالنا الأقباط الذين تزوج منهم أبونا إبراهيم كما تزوج منهم رسول الله وفي الإسلام لا يتزوج المسلم الكافرة ولا يأكل طعام الكافر لكنه يتزوج من القبطية ويمكنها من الحفاظ علي دينها إلي آخر حياتها ويأكل طعام القبطي. لقد أكد فضيلة الإمام الأكبر في حديثه هذا علي سماحة الإسلام وموقفه من العديد من القضايا المطروحة علي الساحة حاليا لاسيما التي تخص المسيحيين والعلاقات بين أبناء الوطن الواحد وهو بذلك يرد علي الكثيرين من أصحاب الفكر المتشدد الذين يسيئون إلي تلك العلاقة الأبدية التي تجمع ولا تفرق. تحية لشيخنا الجليل علي هذا العلم الغزير والفكر المستنير