أحمد حلمي يرتدي عباءة المدافع عن الطبقات الفقيرة في أفلامه فقط، لأنه إذا كان يثير الضحكات من خلال التلويح بآلام وعذابات أوجاعهم الحية فإن أفكاره وانتماءاته لا تمتد إلي هذه المنطقة الشائكة بل تتجه الي جهة أخري وهي تحقيق أعلي معدل للإيرادات والحصول علي الأجر المرتفع عن أفلامه بينما الأموال التي يحصل عليها من دمائهم لا يفكر في توظيفها بما ينفع هذا القطاع العريض من الشعب، وإنما يفتتح بها أكبر كافيه في مصر، وطبعًا يستضيف فيه الVIP لكن الفقراء الذين يدفعون قيمة تذكرة السينما من دمائهم ليس لهم نصيب في مشروعه ولا حتي مكان للجلوس في الكافيه لأن «المينيمم تشارج» في الكافيه يساوي راتب موظف درجة ثالثة في السلم الوظيفي لهذا الشعب، وقد وصلت تكلفة الكافيه الذي تبلغ مساحته نحو 2000 متر إلي 2 مليون جنيه ولا عزاء للذين نغص عليهم أحمد حلمي حياتهم بفيلمه الأخير، ولا فائدة من أن يعلن عن مزاد علني لملابس الفيلم علي الفيس بوك لصالح مستشفي السرطان، لأن العمل الاجتماعي يحتاج لمجهود أكبر من الكافيهات وغرف الدردشة علي الإنترنت.. أم أن التشدق بالدفاع عن الطبقات الفقيرة والمتاجرة بآلامهم.. أصبح بضاعة رائجة في زمن الفيس بوك. الشعب في «الدويقة» لا يحتاج لعسل أحمد حلمي ولا ل«فنجرة البق»، وإنما يريد أن يتفاعل الفنان مع الناس، وإذا كان أحمد حلمي يطرح النموذج الأمريكي بديلاً لمصر في فيلمه الأخير، فأنا أقول له أيضا أن في أمريكا فنانين يقيمون مؤسسات خيرية تهتم بمجتمعاتهم الصغيرة، بدلاً من تحويل أموال الفن إلي بيزنس ليست له علاقة بالفن. أولا يكفي ترجمة أحمد حلمي لنجوميته في الإعلانات بدءًا من المشروبات حتي السيارات بل تم تخصيص أحد مشاهد فيلمه الأخير في الدعاية لإحدي شركات المحمول واجتهد في لي عنق الأحداث والسيناريو ليضمن الاستفادة من الفيلم ماديا إلي أقصي درجة، وبعد ذلك يتحدث النقاد الكبار عن الرسالة الفنية التي يوجهها الفيلم للمشاهدين، فأية رسالة وأي فيلم إذا كانت البيزنس تضرب جميع قيم الفن. من حق أحمد حلمي أن يستثمر أمواله بالطريقة التي تعجبه ولكن من حق المشاهدين أيضًا أن يعترضوا علي طريقته في الضحك علي الذقون لأن مشروعاته تتناقض مع مضامين أفلامه، وهنا أتذكر مشهدًا من فيلم «حنفي الأبهة» عندما كادت الفازة تسقط من يد عادل إمام فقال له فاروق الفيشاوي.. أنت عارف دي بكام؟ ب80 ألف جنيه، فرد عليه عادل إمام «قال واحنا اللي مقطعين بعض علي ملاليم»!