كتب - القس عدلى ثابت إذا كان من غير العدل أن يتحمل الإنسان وزر إنسان آخر وذلك في الشرائع السماوية فكذلك رسمت القوانين الأرضية أن تخص العقوبة من ارتكبها ولا تمتد إلي الآخرين حتي لو كانوا أولادهم أو زوجاتهم أو أخوتهم وهذا هو منطق العدالة. فمثلا لا يعقل إذا ارتكب شرطي جريمة كأن يفقد سلاحه أو أن يستخدمه استخدامًا خاطئًا ضد شخص فيرديه قتيلاً أن يكون أول رد فعل أن تطالب بتقدم مأمور القسم إلي المحاكمة وأن يتحمل وزر هذا العسكري، هذا مخالف لمنطق الأمور ولكن الإجراء الصحيح أن يقوم مأمور القسم بالقبض علي هذا العسكري المتهم وتقديمه للمحاكمة هناك إذن قانون يجب أن يفصل بين الأفراد يؤثم الأثيم ويبرئ البريء ولا يجب أن يخرج القانون عن هذا المسار وإلا سيكون مثل قطار خرج عن القضبان يدهس كل من يلاقيه بدون تمييز. ولكن عندما يكون هناك خلل في الرؤية العقلية فإننا نخرج عن المعقول ونلف وندور وننفخ في بالونة تظل تنتفخ حتي تنفجر في وجوهنا فهناك كاتبة كنت أقرأ لها مقالها الأسبوعي بتقدير شديد وشغف هي الأستاذة بثينة كامل في جريدة الدستور وعندما كتبت عن ابن الإسكندرية الشاب خالد سعيد الذي ترددت شائعات عن مقتله علي يد الشرطة واشتعلت غضبًا وهذا حقها وكلنا ينتابنا غضب مقدس لهذا المظلوم ولكن ما يؤخذ عليها أنها غيبت العقل في ثورتها فبدلا من أن يهديها إلي بر الأمان قادتها العاطفة الهوجاء لتبحر بسفينة التحليل إلي مجموعة من الصخور تكسرت عليها سفينة المقال وعامت الواحها أو اشلاؤها علي سطح الأمواج الهادرة!! أولاً: لو أنها أبقت علي سلطة العقل لكانت قد تجنبت كل هذه الكلمات الساخنة التي تشبه الفشار وطالبت مثلا بتقديم المسئولين عن هذه الجريمة بقسم الشرطة بالإسكندرية إلي جهات التحقيق لينالوا حسابهم وهنا كنا سنصفق لها أما أن تركب موجة العنف والتطرف الفكري وتطالب بالإطاحة باللواء العادلي وزير الداخلية فكان هذا التجاوز هو صخرة الروشا التي انتحر عليها قلم الأستاذة بثينة «الروشا صخرة عالية في بيروت ينتحر من فوقها إلي البحر اللبنانيون»، ذلك لأن «وزير الداخلية» لا ذنب له من قريب أو بعيد فيما جري في قسم الشرطة وكل ما يتوجب عليه أن يطلب تقريرًا عاجلاً عن الحادثة وهذا ما يفعله دائما ولو وجد في الأمر شبهة جنائية يقدم الجناة إلي المحاكمة حتي لو كانوا من رجال الشرطة. ثانيا: الأستاذة بثينة كانت تعلم أن هناك بلاغًا مقدمًا إلي النائب العام وأصدر علي أثره قراره باخراج الجثة وتشريحها لمعرفة سبب الوفاة وكان عليها أن تتريث قليلا حتي يأتي تقرير الطب الشرعي وهذا إجراء قانوني ما كان يجب أن يفوتها أو يمر عليها حتي لا تقذف الأبرياء بالأحجار. ثالثًا: ثبت من تقرير الطب الشرعي بعد التشريح أن صاحب الجثة مات بسبب الاختناق عندما أراد ابتلاع لفافة من مخدر البانجو فسدت منافذ الهواء والتنفس فمات مختنقًا وأن الجروح والكدمات التي وجدت علي سطح الجثة لا تسبب الوفاة ونحن نعلم أن الطب الشرعي هو جزء من الجسم القضائي، أي جزء من هيئة القضاء المصري الذي لا يجوز الطعن عليه حتي لا تحدث بلبلة وتهتز صورة العدالة بين الناس، ذلك أن الطبيب الشرعي هو ملاك الرحمة لأنه يكشف عن أسباب طبيعة الموت ويقرر ما إذا كان الموت طبيعيا أو جنائيا وبناء علي تقريره يؤكد البراءة أو الاتهام. فهو ليس مجرد تقرير طبي بل شهادة يحررها أمام ضميره وأمام الله. ولكن نفترض المستحيل «وهذا ليس رأيي» لو أن تقرير الطب الشرعي وقع في خطأ وهذا مجرد افتراض جدلي فهل يتحمل أيضا اللواء العادلي هذا الخطأ وأن يطاح به؟ أليس هذا يدل علي أن السيدة بثينة كامل أصابها حول عقلي فلم تعد تري أي شخص في الوجود تعلق عليه مسئولية هذه الجريمة إلا اللواء العادلي، فهل يعقل أن نحمل وزير الداخلية أوزار مجتمع معقد التركيب، اختلت فيه جميع القيم بما فيها أصحاب الأقلام أنفسهم. رابعًا: ألم تسمع السيدة بثينة كامل، عن عصابات حسن نصرالله التي أرسلها إلي مصر لتزرع المتفجرات وتغتال شخصيات سياسية مصرية وأجنبية وتدمر منشآت وتضرب سفنًا في قناة السويس مملوكة لدول أجنبية، هذا الشريان الحيوي الذي يدر دخلاً كبيرًا علي مصر والأكثر من ذلك أن هذه العصابة كانت تفكر في تنفيذ عدة تفجيرات شملت ميادين عامة ودوائر حكومية ووسائل مواصلات متقدمة كمترو الأنفاق الذي ينقل حوالي 15 مليون شخص يوميا لإثارة الرعب في مصر. لماذا لم تطالب الأستاذة بثينة كامل، برقبة حسن نصرالله، أم أنها كانت مع موجة الترهيب والعنف لتحويل مصر إلي كوم تراب؟ خامسًا: هل فكرت في أبعاد هذه الكارثة من الناحية الاجتماعية والحياتية التي كانت سوف تشل حياة المصريين وتقعدهم عن تحصيل أرزاقهم حينما تتمزق أوصال مصر ويجد الناس أنفسهم في جزر معزولة، فالذين يعملون في الهرم لا يجدون وسيلة إذا كانوا في مصر الجديدة أو التحرير والعكس بالعكس لأن الكباري كانت ستنسف والدنيا ستتحول إلي ظلمة لأن من المنشآت المستهدفة محطات الكهرباء وخلافه، هذه الأفكار الظلامية التي تحتضنها طيور الظلام الذين يرغبون أن تكون مصر «سداح مداح» ولا يمنعهم عن تحقيق أحلامهم الشريرة إلا العادلي وزير الداخلية فهم يريدون أن يزيحوه بأي شكل، أما هؤلاء الأشرار فعند أول خطر يركبون الطائرات التي تنزل بهم في إيران أو عند حزب الله في لبنان أما الشعب المسكين فهو الذي يأكلها ويحترق بنارها، ولذلك يجب أن نقول لهؤلاء الذين يلبسون الباطل لباس الحق هم الذين أولي تقديمهم للمحاكمة لأن الأقلام المأجورة لا تقل خطرًا عن عصابة حسن نصرالله ولو أننا شعب يحترم عزته الوطنية لكان يجب أن نطالب بتكريم هذا الرجل «اللواء العادلي» وهذا أقل شيء نفعله له اعترافا منا بجهده المتواصل وقدرته الأمنية الفائقة فهناك دول عظمي لم تحقق ما حققه العادلي لمصر من أمن وأمان والآن قد بدأت تأخذ بأسلوب مصر في التحريات للإيقاع بالعملاء في المصيدة الأمنية.