تصر ما تسمي بحركة المقاومة الإسلامية "سابقا" علي أنها سلطة مستقلة تحكم قطاع غزة، وهي استولت علي الحكم في انقلاب عسكري في يونيو من عام 2007، ومنذ هذا التاريخ، وهي تتمسك بحكمها لغزة، وتعتبرها إمارة إسلامية مستقلة، وبالتالي ترفض أي وجود للسلطة الوطنية الفلسطينية المعترف بها دوليا. لكن الغريب أن هذا الاستقلال الذي تزعمه حماس، سرعان ما يتحول إلي تبعية مطلقة للسلطة الفلسطينية حين يتعلق الأمر بتوقف محطة توليد الكهرباء في غزة عن العمل، حيث تسارع حماس، ليس فقط بتحميل السلطة في رام الله مسألة انقطاع الكهرباء، وإنما تخاطبها رسميا لتطلب منها مدها بالوقود اللازم لتشغيل المحطة باعتبارها السلطة المسئولة. ومنذ مساء الجمعة بات نحو ثلث سكان قطاع غزة بلا كهرباء بعد أن توقفت محطة توليد الكهرباء عن العمل، بعد نفاد وقودها، لتنقطع الكهرباء عن ثلث السكان، واتهم نائب رئيس سلطة الطاقة في الحكومة المقالة كنعان عبيد السلطة في رام الله بتقليص كميات الوقود وبمنع دخوله إلي القطاع، ورد مدير المركز الإعلامي للحكومة الفلسطينية غسان الخطيب معتبرا أن الأزمة تحدث بسبب "استغلال معاناة الناس للحصول علي التعاطف والتحريض علي السلطة الفلسطينية". وكشف الخطيب عن أن السلطة الفلسطينية تغطي 95% و97% من الفاتورة الإجمالية للكهرباء في غزة، وإنها تتوقع من الشركة الموزعة تحسين تحصيل فواتير استهلاك الكهرباء "حتي تغطي جزءا يسيرا من النفقات"، وقال أن بعض الرسوم التي تم جمعها في غزة استولت عليها حركة حماس. الأمر لم يقف عند هذا الحد، فقد تحول إلي تراشق إعلامي بين الجانبين "رام اللهوغزة"، لكن الغريب أن حماس التي ترفض المصالحة الوطنية التي ترعاها مصر، وترفض توقيع وثيقة المصالحة التي سبق وفاوضت بشأنها عدة أشهر، وضمنتها كل ما تريد من مطالب وضمانات، وترفض في ذلك الوقت الاعتراف بالشرعية الفلسطينية، وتصر علي أنها حكومة مستقلة تحكم غزة.. هي نفسها التي تطالب السلطة الفلسطينية باستمرار ضخ السولار لتشغيل محطة توليد الكهرباء، وتعتبر أن ذلك مسئولية الحكومة الفسطينية في الضفة الغربية. مثل هذا التناقض ليس غريبا علي حماس، فهي تدعي أنها حركة مقاومة ضد الاحتلال، بينما تطارد المقاومين وتلقي القبض علي الفصائل التي تطلق صواريخ محلية أو قذائف هاون علي إسرائيل، بينما هي نفسها خاضت جدلا وصل إلي تخوين السلطة الفلسطينية حينما طلبت التوقف عن إطلاق الصواريخ علي إسرائيل للسماح بعملية السلام بالتواصل.. بينما حماس تمنع الصواريخ وتحافظ علي أمن إسرائيل دون مفاوضات.. ودون سلام. وهكذا تبقي غزة مستقلة حين تريد حماس، وتابعة للسلطة لكي تمدها بالكهرباء، وتحت الاحتلال حتي تستمر منظمة الأممالمتحدة للاجئين في رعاية السكان، فما هو الوضع الحقيقي لغزة.. وماذا تعني سيطرة حماس عليها: مستقلة.. أم مستقلة إلا كثيراً؟!