لا توجد فتاة أو سيدة مصرية إلا وتسعد كثيرا إذا ما قالت لها إحدي صديقاتها إنها تشبه سعاد حسني! وأنا منهن.. نحبها كثيرا ونحب خفة ظلها وملامحها المصرية الجميلة، وأناقتها الرشيقة، ولفتاتها الرقيقة، وأفلامها التي لا تنسي، وأدوارها التي لا نتخيل أن غيرها قد تقوم بها.. ربما تكون حياتها ووفاتها لغزا، أو لغزين.. ولكن حياتها السينمائية تكفي لوضعها علي قائمة السيدات المؤثرات في مصر في النصف الثاني من القرن الماضي.. وترتبط سعاد حسني لدي بأكثر الأفلام التي أحب مشاهدتها، ولا أملّ من تكرارها أبدا.. وهذه الأفلام هي: (إشاعة حب) مع عمر الشريف ويوسف وهبي وهند رستم.. و(عائلة زيزي) مع فؤاد المهندس وأحمد رمزي.. و(صغيرة علي الحب) مع رشدي أباظة.. وهي أكثر الأفلام التي تتضح فيها شخصية سعاد حسني الحقيقية التي تمتلئ بالشقاوة وخفة الروح وتفيض بالكاريزمية وتحب المغامرة وتبتعد عن الهموم والأحزان.. وهي الصفات التي جعلت المصريين جميعا يحبونها.. لماذا يقولون إنها سندريللا؟ سندريللا كانت خادمة أسعدها الحظ فأصبحت أميرة.. أما سعاد حسني فكانت (أميرة) في قلوب الكثيرين.. (Cinderella) كان اسمها يعني الشخص المهمل الذي لا قيمة له.. و(سعاد) كانت معروفة ومشهورة والجميع يهتمون بها منذ كان عمرها خمس سنوات.. حتي إن شهرتها بدأت مبكرا، وكذلك أعمالها التي توالت حتي بلغت ما يقرب من 90 فيلما أكثرها في حوالي عشرين عاما، ثم جاءت وفاتها أيضا بسرعة وقبل أن تصل إلي إنهاء العقد السادس من عمرها.. سندريللا كانت حياتها بسيطة بدأت بالظلم ثم أسعدها الحظ بلمسة سحر جعلتها بين ليلة وضحاها أميرة البلاد المتوجة وزوجة ولي العهد المصون.. أما سعاد حسني فقد قضت حياة معقدة مليئة بالمتناقضات المتوالية: الصعود والهبوط.. الشائعات والحقائق.. الزيجات والانفصالات.. التساؤلات، وأشهرها: هل تزوجت عبد الحليم حافظ كما تزوجت سندريللا الأمير؟ وسعاد حسني بدأت حياتها مزدهرة ثم هبط المنحني البياني إلي أسفل علي عكس سندريللا القصة.. لا تتطرق قصة سندريللا إلي كيف ماتت.. من المعروف أنها لما تزوجت الأمير عاشا في رغد وسعادة وأنجبا بنينا وبنات ثم من المؤكد أنهما ماتا بعد عمر مديد.. أما سعاد حسني فلا يعلم أحد كيف ماتت.. هل ألقت بنفسها من نافذة بيتها في ذكري وفاة الأمير عبدالحليم حافظ الذي أحبته؟ أم أن الذين انتحروها ذ أو قتلوها ذ بالطريقة التي تبدو فيها وكأنها انتحرت قد اختاروا هذا اليوم بالذات لرسم صورة الانتحار بطريقة محبوكة؟ بعيدا عن الألغاز والأحزان التي ملأت حياتها الواقعية التي انتهت، ما تزال حياتها المبهجة الخيالية في السينما باقية ومستمرة.. وبالرغم من أنها ليست سندريللا بل إحدي بطلات الملحمات، أو التراجيديات الشكسبيرية، سوف تبقي سعاد حسني حية في قلوب المصريين والمصريات، وسنظل نسعد إذا قال لنا أحد إننا نشبهها..