عزيزي د. البرادعي قرأت حوارك الأخير في إحدي الجرائد المصرية الخاصة.. حزنت كثيرًا لعدة أسباب أقلها إهانة الصحفيين في الصحف القومية.. خاصة أنك قلت: إنني لا اقرأ 95% من الجرائد الحكومية علي حد تعبيره لأن هذه الصحف تدافع عن نظام الدولة وأننا كصحف قومية ترانا وتسمعنا وتشاهدنا من خلال زوجتك السيدة المحترمة فقط.. وقلت أيضًا إنك حزين لأن أخبارك لا تنشر في الصفحات الأولي من هذه الجرائد ولكن في الصفحات الداخلية فقط بشكل عابر، ولا تأخذ جولاتك في المحافظات بالشكل اللائق من وجهة نظرك.. وأنا أيضًا حزين لأنك رأيتنا فقط من خلال عيون زوجتك وليس من خلال مرشح محتمل لرئاسة الجمهورية «لكل المصريين» المفروض أن يستمع لوجهة نظر معارضة لك في الرأي وليس التجاهل وبهجوم بشكل منقوص وغير موضوعي.. وإن كنت تشبه نفسك بغاندي وأوباما ومارتن لوثر كينج.. وأعتقد أن هؤلاء كانوا يقرأون معارضيهم حتي لو اختلفوا معهم وهذا أبسط قواعد الديمقراطية والشفافية التي تنادي بها.. وأعتقد لو أن أوباما شخصيًا صرح في يوم ما، وحتي ولو بطريقة غير مباشرة بإنه لا يقرأ صحيفة ما أو رأيا معارضًا في داخل أمريكا.. فحضرتك تعلم جيدًا ماذا سيفعل فيه الشعب الأمريكي والقانون الأمريكي والصحف الأمريكية.. وهل حضرتك تعلم بمناسبة أمريكا حينما صدر قرار رئاسي أمريكي علي يد إبراهام لينكوكن.. بتحرير العبيد بعد أيام قليلة فقط طالبوا المتظاهرين «العبيد» أن يلغي هذا القرار لأنهم لا يجدون طعاما أو مأوي لهم.. وكانت أمريكا وقتها لا تعاني من الاحتلال لعقود طويلة بل كانت هناك حروب أهلية بين الأمريكيين أنفسهم أدت إلي انفصال ولايات عن بعضها، وحضرتك تعلم جيدًا حجم الخسائر في الأرواح والممتلكات التي نتجت عن هذه المعارك. وأريد أن أعلم الدكتور الفاضل والمحترم أيضًا د. البرادعي أن كل رؤساء تحرير الصحف الخاصة والحزبية حاليًا دون استثناء تربوا وعاشوا أكثر من نصف عمرهم المهني في صحف قومية أو «حكومية» علي حد تعبيرك قبل أن ينقلوا أنفسهم إلي هذه الصحف.. ليس اعتراضًا علي السياسة التحريرية لهذه الصحف أو المجلات بل لأسباب مفهومة لدي جميع الصحفيين.. أبسطها محاولة الاستقلال في ضوء حرية إصدار الصحف طبقًا لقوانين الدولة ونظامها الذي تريد أن تهدمه بالكامل لتعليم الديمقراطية والشفافية من منظورك الشخصي.. في حين يري البعض أن هاتين الخاصيتين تطبقان من خلال الممارسة الميدانية من الشعب والحكومة، فهم يأكلون ويشربون ويجدون مساكن بشكل أفضل يعيشون فيها وبرلمان قوي يحاسب ويراقب بأناس بشر وليسوا ملائكة ينزلون من السماء. الأهم من ذلك طبقًا لرؤيتك العلمية التي تريد أن تدخل بها للشعب المصري وأقصد المواقع الإلكترونية، فإنه لا تزال هناك حتي هذه اللحظة قضايا فساد علي أعلي مستوي في أمريكا وغيرها من البلدان الأوروبية واستقلال السلطة في إيطاليا وفرنسا أخيرًا. عزيزي د. البرادعي.. لا أعتقد أنك تريد أن تكون زعيمًا روحانيًا للشعب المصري بأنك إذا دخلت إلي الانتخابات طبقًا للقانون ستأخذ 35% فقط من الأصوات.. وطبقًا للنتيجة التي حددتها لنفسك.. كما أعتقد أنه أمر مبشر وجميل وصحي.. ويمكنك أن تحصل علي 70% في المرات المقبلة دون تعال منك علي المواطنين. وأخيرًا.. د. محمد البرادعي.. الرجل الذي قابلك بساق واحدة في ميدان الحسين منذ أيام وعانقك.. هل تعلم أن دخل هذا الرجل لا يقل عن خمسمائة جنيه يوميًا من «الشحاتة».. وأن منطقة الحسين هذه من أغلي المناطق وأكثرها ثراءً نظرًا لطبيعتها الدينية والأثرية وبها مليونيرات مصر. ولنتواصل إن أردت.