تسببت الحركة الإسلامية في السودان التي تزعمها حسن الترابي في إفساد المناخ السياسي داخل البلاد، وساعدت علي حدوث الانقلابات العسكرية.. هذا ما أجمع عليه عدد من الباحثين والمفكرين الذين شاركوا في الندوة التي استضافتها مكتبة البلد مساء أمس الأول لمناقشة كتاب "الحركة الإسلامية السودانية" لمؤلفه المحبوب عبد السلام أحد أبناء هذه التجربة السودانية، إذ قال الحاج رواق وهو كاتب سوداني متخصص في الإسلام السياسي: إن أجهزة ثورة الإنقاذ أذلت السودانيين أكثر من الأنظمة الشمولية، بدليل ما حدث في دارفور من جرائم قتل وحرق للأطفال، فالدولة الدينية تبرر مثل هذه الأمور علي أنها تنفيذ لشريعة الله، كأنها تدعي الألوهية فالحركة لا تعني بمراجعة وسائلها وهو ما يعني «عشعشة» الفساد داخلها، لذا فإن مثل هذه التنظيمات «مافياوية» خصوصا أنهم كانوا غير معنيين بتطبيق مفهوم العدالة الاجتماعية وضرب فكرة التخصص في العمل. من جهته لفت أبو العلا ماضي وكيل مؤسسي حزب الوسط والقيادي السابق بجماعة الإخوان إلي أن الترابي كان حريصا علي استقلال حركته عن جماعة الإخوان، موضحا أن ثمة مشكلة كانت بين الترابي والنميري الذي وصفه أبوالعلا بأنه كان متلوناً بكل الأطياف كنوع من الانتهازية السياسية غير أن ما أنقذ الترابي من ذلك هو اعتقال النميري، مؤكدا أن الحركة الإسلامية بالسودان كان لديها الفرصة لكي تحكم بشكل ديمقراطي إذا صبرت ولم تقم بهذا الانقلاب، منتقدا مبررات قيادات ثورة الإنقاذ للبقاء في السلطة مشددا علي وصفها بالمبررات الدكتاتورية التي لا تهدف إلا إلي السيطرة الأبدية علي الحكم. واستعرض د. نبيل عبد الفتاح الباحث في شئون الحركات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية كيف كانت الحركة توظف الإسلام في الاتجاه السياسي، مشيرا إ|لي أن فرصة جيدة كانت متاحة أمام قيادات الحركة لإنتاج خطابات سياسية تختلف كثيرا عما قام به الإخوان المسلمون في مصر. وأوضح عبد الفتاح أن هذه الحركة الأصولية في السودان شديدة الخصوصية، وأن أسلمة المؤسسة العسكرية قضت علي ميزة من مميزاتها وهي أنها كانت تعد قديما بوتقة لبناء الأمة الحديثة رغم الجوانب السلبية لها في بعض دول العالم الثالث.