شارلي شابلن هو أعظم صناع الضحك في العصر الحديث، هو ممثل إنجليزي يعمل في مسرحيات الفودفيل الضاحكة، جاء أحد المتعهدين وتعاقد مع الفرقة للقيام بجولة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وفي نهاية الجولة طلب أحد المنتجين مقابلته وطرح عليه موضوع العمل في السينما. كانت السينما اختراعاً جديداً في ذلك الوقت، وكان الفيلم عبارة عن (بكرة) واحدة طولها علي الشاشة عدة دقائق، وقصة الفيلم كانت عادة مطاردة بين شرطي وأحد اللصوص أو ما شابه. وافق شارلي علي العمل في هذا الميدان الجديد الذي لا يعرف عنه شيئاً، واتفق معه المنتج علي بطولة عشرة أفلام يتم تنفيذها في شهرين مقابل أجر مجز. وبدأ شارلي العمل في الاستوديو في هوليوود، وذات يوم أثناء التصوير حدث خلاف عادي بينه وبين المخرجة وكانت صاحبة نفوذ في الأستوديو نظراً لأنها كانت صديقة المنتج صاحب الاستوديو، المشهد بسيط، هو حدائقي يقوم برش الحديقة بالخرطوم، فجأة تنقطع المياه فيقلب الخرطوم في دهشة وفجأة تعود المياه مندفعة بشدة في الوقت الذي يتصادف فيه أن شرطيا يطارد أحد الصعاليك فتغرقهما المياه بعد أن يعجز عن التحكم في الخرطوم. اللقطة بسيطة ومثيرة للضحك فعلا ولكن شارلي كأي كوميديان حقيقي فكر في الاستفادة من اللقطة إلي أقصي حد فكان لابد من تعديل بسيط في تتابع اللقطات المكونة للمشهد للإجابة عن السؤال: لماذا توقفت المياه ثم عادت مندفعة؟ قال للمخرجة: اسمحي لي باقتراح تعديل بسيط، فجأة ستتوقف المياه لأنني بدون أن أشعر دست بقدمي علي الخرطوم، سأشعر بالدهشة بالطبع ثم أنظر في فوهة الخرطوم باحثا عن الشيء الذي يسده ويمنع تدفق المياه، وفجأة بشكل عفوي أرفع قدمي من علي الخرطوم فتندفع المياه في وجهي فأقع علي الأرض وأفقد السيطرة علي الخرطوم في الوقت الذي يصل فيه إلي المكان الصعلوك الذي يطارده الشرطي فنغرق جميعا في المياه. فأجابته المخرجة: افعل ما طلبته منك فقط.. أنا المخرجة. فرد عليها بهدوء: أعترف بأنك جميلة يا سيدتي ولكن جمالك لا يكفي لكي تتقني صناعة الضحك.. أنت لا تفهمين في الكوميديا. قال ذلك وانصرف من موقع التصوير وعاد إلي غرفته إلي أن حان موعد انصرافه، وفي صباح اليوم التالي جاء إلي الاستوديو وارتدي ملابس الدور وأجري الماكياج اللازم وظل جالسا في غرفته ولم يطلبه أحد حتي جاء موعد الانصراف كان علي وعي بأن مصيره هو الفصل ولم يزعجه ذلك فمعه عدة مئات من الدولارات سيصل بها إلي إنجلترا. الشيء الذي لم يكن يعرفه شارلي في ذلك الوقت هو أن الطلب كان يتزايد علي أفلامه، استدعاه صاحب الاستوديو وقال له: ما هذا الذي حدث بينك وبين فلانة؟ لا شيء، المسألة باختصار أنها عديمة الخبرة في صناعة الضحك، هي لا تعرف كيف تضحك الناس. • وأنت تعرف؟ نعم. • هل يمكن أن تتحمل مسئولية إخراج وتمثيل أفلام ضاحكة؟ نعم. • حسناً سأوقع معك عقداً الآن بإخراج وتمثيل عشرة أفلام في شهرين. ووقع شارلي العقد، وبدأ العمل، بدأ مسيرته الطويلة العظيمة. هناك لحظة في حياة الفنان عليه فيها أن يقول لأ.. عندها تنفتح كل أبواب المستقبل. هذه اللحظة هي البداية الحقيقية لأي فنان، ما قبلها مجرد تدريبات وما بعدها هو الإبداع نفسه، ولكنها (لأ) نبيلة ليست بدافع من العناد ولكن بدافع من الفهم العميق، هي (لأ) من أجل المزيد من الإبداع وليس المزيد من الفلوس.