"قراءة الديوان ليست سهلة، لأن التفاصيل التي تستدعي التفكير الطويل والتأمل، قد تستغرق القارئ، وتصرفه عن أن يشكل رؤية مكتملة للديوان، بما يدفعه لقراءة الديوان عدة مرات"، هكذا قال الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي في وصفه لديوان "يكتب الباء..يقرأ الجسد"، الصادر حديثا للشاعر حسن طلب، عن دار "العين"، والذي ناقشته مجلة الشعر بنقابة الصحفيين. أكد حجازي أن أدوات حسن طلب الشعرية مكتملة قائلا: "إذا استخدم اللغة استخدمها بحق، وإذا لعب بها لعب بحق، فهو شاعر وفيلسوف، والديوان تجسيد لهذا الالتقاء الذي لا أظن أنه يحدث كثيرا بنجاح عند الشعراء المصريين، وهو التفاعل الذي يحدث ما بين الحب الشهواني الجسدي، والتجريد الكامل الذي يستخدم لغة الفلسفة نفسها، فيتحدث عن النسبي والمطلق والاستغراق وغيرها". وأضاف حجازي: "روي حسن طلب في الديوان سيرة الجسد، وكأن الديوان تجسيد للديانة القديمة التي تربط بين الدعارة والتقديس، أي أن تنظر إلي الفعل الجنسي، من حيث هو طقس وانفعال الطبيعة والتفرد، الذي يمكن أن يؤدي إلي العزلة أو الوحشة أو العقم، بل ينفعل الإنسان بكل ما حوله حتي لأن يصبح الفعل الجسدي طقسا أو صلاة، وكلمة الباء الواردة في عنوان الديوان لها معنيان في اللغة العربية: الأول فعل الحب، والثاني هو الزواج الذي حضدتنا القوانين الاجتماعية عليه، وربما أدل العنوان علي أن اللقاء الجسدي فعل وانفعال، وأن الكتابة فعل والقراءة انفعال والحب حوار لا يتحقق من طرف واحد". وتابع حجازي: "طلب جعل سيرة الجسد تجسيدا لسيرة البشر، وإن كنت أري أن الشاعر في حواره الدائر بين المرأة والرجل، لا يزال يضع الرجل في المقام الأعلي حتي في فعل الجنس، فالرجل دائما في الديوان هو النحات، والمرأة هي التمثال، صحيح أنه تمثال يلهم ويتحرك ويعيش، لكن الرجل هو صانعه دائما". وأكد حجازي قائلا: "هناك سحر في الديوان متمثل في اللغة التي تقوم علي نوع من التناص مع الكتاب المقدس والقرآن الكريم وأبي نواس وحتي مع شعري، فأنا لي قصيدة اسمها (نحت) عارضني فيها حسن طلب، وقد حاولت أن أعبر فيها عن أن الجسد له حياته المستقلة وله إرادة، الجسد الذي بلا فكرة مسبقة، وبلا وعي اجتماعي بالذات". قدم الندوة الشاعر البهاء قائلا: "قصيدة حسن طلب قطعة تريكو يعمل عليها بكل حواسه، يشعرك أن الحياة مستمرة بالأنثي، التي هي قصيدة، ومستمرة بالقصيدة التي تدعوك للتفكير فيها، وهو يرفع في قصيدته الغربة بين اللغة والقارئ، ولا يسوقك إلي قصيدته بالعصي، ومبني قصيدته يقوم علي أن جماليات الإبداع هي جماليات الحياة". وفي كلمته قال الشاعرحسن طلب: "الديوان تجربة طويلة الأمد، تعود أقدم قصائدها إلي الثمانينيات وأحدث قصائدها إلي عام 2006، وهي قصائد كنت قد كتبتها وتركتها لتصبح فيما بعد تجارب مكتملة ومشروعًا كبيرًا، وهو رهان ومجازفة تحتوي علي قدر كبير من المخاطرة، فديوان (النيل) بدأته في السبعينيات ولم يكتمل سوي في بداية التسعينيات، وهذا ما قد يسبب التفاوت بين أقدم القصائد وأحدثها، والحقيقة أنني لا أستسغ كثيرا الطريقة التي يجمع بها الشعراء قصائدهم".