دعا الرئيس مبارك الشركاء الدوليين لأفريقيا إلي الالتزام بتعهداتهم الدولية للقارة مختصاً فرنسا باستمرار دعمها طموحات أفريقيا وقضاياها. وقال مبارك في الكلمة الافتتاحية لقمة أفريقيا- فرنسا ال25 أمس في مدينة نيس الفرنسية إن القمة هذه الدورة تنعقد وسط تحديات جديدة علي الساحتين الأفريقية والدولية تضاف لما تواجهه القارة من صعاب من أجل تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية، أبرزها الأزمات العالمية الحادة التي لم تكن أفريقيا مسئولة عنها لكنها دخلت بالاقتصاد العالمي في مرحلة ركود.. وإلي نص الكلمة: الصديق العزيز.. الرئيس ساركوزي الإخوة والأخوات رؤساء الدول والحكومات الأفريقية.. الأخ العزيز جان بينج.. رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي.. السيدات والسادة. أتوجه بالتحية والتقدير للرئيس نيكولا ساركوزي.. وأؤكد ثقتي في أن هذه القمة ستخطو بالتعاون بين أفريقيا وفرنسا خطوات جديدة للأمام. لقد كانت فرنسا أول من أقام إطارا مؤسسيا للمشاركة مع أفريقيا.. منذ عام 1973 تأكيدا للعلاقات التاريخية التي تربط الجانبين وتحقيقا للرغبة المشتركة وتدعيم الحوار والصداقة والتعاون. تواصلت دورات القمة الأفريقية الفرنسية.. نحو أربعة عقود.. طرأت خلالها متغيرات وتحولات عديدة في أفريقيا والعالم.. وتنعقد قمتنا اليوم وسط تحديات جديدة علي الساحتين الأفريقية والدولية تضيف لما تواجهه القارة من صعاب.. من أجل تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية. لقد انعقدت قمتنا الأخيرة في كان 2007، وقد بدأت أفريقيا انطلاقة واعدة.. حققت لدولها معدلات نمو اقتصادي بلغت في المتوسط 5% سنوياً وصلت إلي ما يزيد علي 7% في مصر وعدد من دول القارة. سرعان ما اصطدمت هذه الانطلاقة بأزمات عالمية حادة.. لم تكن أفريقيا مسئولة عنها.. بدأت بأزمة الارتفاع غير المسبوق لأسعار السلع الغذائية.. ثم اعقبتها أزمة مالية طاحنة.. دخلت بالاقتصاد العالمي في مرحلة ركود.. لم يكن أحد بمنأي عن تداعياتها. إننا في أفريقيا مقتنعون بأن مصائرنا بأيدينا.. وأن تحقيق السلم والأمن والتنمية لشعوبنا.. هو مسئوليتنا.. وأن الحوار والتعاون فيما بيننا هو الطريق للمستقبل الأفضل. كانت تلك فلسفة «مبادرة النيباد» التي اعتمدناها عام 2001، فأرست هذه المسئولية.. وحددت معالم هذا الطريق.. كما وضعت أسس المشاركة بين أفريقيا وشركائها الدوليين. قد طورنا آليات عملنا المشترك في إطار الاتحاد الأفريقي.. في مواجهة العديد من التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية والبيئية نسعي جاهدين لتغيير الواقع الأفريقي الراهن لواقع أفضل.. ببرامج اقتصادية تقوم علي الإصلاح والتنوع والتكامل.. وخطوات لدعم التجارة البينية وتعزيز التنمية الزراعية والصناعية.. وتحقيق الأمن الغذائي.. والتعاون في مجالات البنية الأساسية ومشروعات الكهرباء وإدارة موارد المياه. نجتهد في ذلك.. مقتنعين بأن ما تمتلكه أفريقيا من ثروات وموارد طبيعية تؤهلها -إذا ما أحسن استغلالها- لنقلة نوعية في مستوي معيشة شعوبها. كما نتمسك في ذات الوقت بإنهاء ما تتعرض له القارة من تهميش.. كي تشارك بصوت قوي ومسموع في صنع القرار السياسي والاقتصادي.. علي المستوي الدولي. إننا علي طريق العمل الأفريقي المشترك.. نتطلع إلي وفاء شركائنا الدوليين بتعهداتهم الدولية لأفريقيا.. ونتطلع في هذا الإطار.. إلي استمرار فرنسا في دعم طموحات أفريقيا وقضاياها. إن حرص مصر علي تعزيز التعاون بين أفريقيا وفرنسا.. يدعوني لأن أطرح أمامكم رؤيتنا لتطوير الإطار المؤسسي لهذا التعاون.. علي النحو الآتي: أولاً: أن تركز القمة علي قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية إلي جانب الملفات السياسية.. بما يأخذ في الاعتبار أولويات القارة لتحقيق التنمية الشاملة لشعوبها.. وبحيث يصدر في ختام القمة «إعلان سياسي واقتصادي جامع» حول هذا التعاون.. يحدد مجالاته وأهدافه وبرامجه. ثانياً: اعتماد القمة «لخطة عمل» مشتركة بمشروعات محددة.. تغطي عددا من الأولويات القطاعية.. خاصة في مجالات البنية الأساسية.. وقطاعات الإنتاج والخدمات.. نلتزم بتنفيذها وفق إطار زمني محدد.. مع المراجعة الدورية علي المستوي الوزاري ومستوي القمة. ثالثاً: إنشاء «آلية للمتابعة» تضم ممثلين عن الوزارات والمؤسسات الفرنسية المعنية.. وسفراء الدول الأفريقية المعتمدين في باريس.. تعقد اجتماعات دورية ربع سنوية.. لمتابعة تنفيذ قرارات القمة.. وخطط العمل الصادرة عنها.. وترفع تقاريرها للمستوي الوزاري.. ومنه لمستوي القمة. رابعاً: تدعيم دور القطاع الخاص، وجمعيات رجال الأعمال، والمستثمرين الفرنسيين والأفارقة.. للدفع بتنفيذ وتمويل مشروعات «خطة العمل».. بالتعاون مع حكومات الجانبين.. والمؤسسات الإقليمية والدولية ذات الصلة. خامساً: دراسة إنشاء «صندوق خاص».. لتمويل مشروعات التعاون بين الجانبين في مجال التنمية البشرية.. وبحث مصادر تمويله من جانب شركاء التنمية.. وبالتنسيق مع المؤسسات المالية الوطنية والإقليمية والدولية.. مع إيلاء اهتمام خاص لصيغة «التعاون الثلاثي» بين هذا الصندوق والصناديق الأفريقية المماثلة.. كالصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا.. الأصدقاء الأعزاء إننا في أفريقيا نسعي لهدف واحد.. هو تقدم قارتنا وشعوبنا.. وتجمعنا المصالح المتبادلة.. والتاريخ والمصير المشترك. نثق في أنفسنا وقدراتنا.. ونتطلع لمساندة فرنسا وباقي شركائنا الدوليين لجهودنا. كما ألقي الرئيس مبارك كلمة في مداخلته بالجلسة الأولي المغلقة للقمة بشأن وضع أفريقيا في نظام الحوكمة الدولية أبدي فيها بعض الملاحظات حول هذا الموضوع المهم.. وقال: إنه لم يعد مقبولا استمرار ما تتعرض له القارة من تهميش في النظام الدولي الراهن.. وعلينا نحن الأفارقة أن نتمسك بتعزيز مشاركاتنا في دوائر صنع القرار الدولي، علي الأصعدة السياسية والاقتصادية والتجارية والمالية، ونحن نتطلع لدعم فرنسا وشركائنا الدوليين لهذا المطلب المشروع. وأضاف: هذا الموقف الأفريقي يستمد شرعيته من اعتبارات عديدة، كما أن الدعوة لتحقيق الديمقراطية داخل الدول، لابد أن تقترن بدعوة مماثلة لتحقيق ديمقراطية التعامل الدولي، وداخل المنظمات والمؤسسات والتجمعات الدولية. مؤكدا أن القضية الأهم هي تحقيق التمثيل العادل والمتوازن لأفريقيا في «مجموعة العشرين»، ومؤسسات التمويل الدولية، والأهمية الموازية لتعزيز التنسيق فيما بيننا وبين شركائنا الدوليين لسرعة إنهاء مفاوضات تحرير التجارة في إطار «جولة الدوحة»، بما يحمي اقتصاداتنا ومصالحنا، وفي الجلسة الثانية المغلقة للقمة بشأن السلم والأمن في أفريقيا، قال الرئيس مبارك: أن حالة السلم والأمن في القارة قد شهدت تحسنا ملحوظا عما كانت عليه منذ أعوام قليلة، خاصة بالنسبة للأوضاع في منطقة البحيرات العظمي ودارفور، كما شهدت العلاقات بين الأشقاء في تشاد والسودان مرحلة جديدة من الثقة والتعاون، للتعامل مع ما تبقي من بؤر التوتر والنزاعات، خاصة في الصومال والقرن الأفريقي. مشيرا إلي أن العلاقة الوطيدة بين تحقيق الاستقرار وجهود التنمية الأفريقية، تؤكد حاجتنا لاستكمال منظومة الاتحاد الأفريقي للأمن والسلم بجميع حلقاتها، كما تؤكد الحاجة الموازية لإقامة آلية للتنسيق بين مجلس السلم والأمن الأفريقي ومجلس الأمن الدولي.