حدد الرئيس حسني مبارك في كلمته أمام قمة إفريقيا فرنسا الخامسة والعشرين التي عقدت في نيس بفرنسا أمس رؤية مصر لدفع التعاون بين القارة الإفريقية وفرنسا, وبقية دول العالم. وأعلن الرئيس أن مصر تتطلع إلي وفاء الشركاء الدوليين بتعهداتهم لإفريقيا. وطالب بأن تركز القمة علي قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية, إلي جانب المسائل السياسية, بما يأخذ في الاعتبار أولويات القارة لتحقيق التنمية الشاملة لشعوبها, وبحيث يصدر في ختام القمة إعلان سياسي واقتصادي جامع حول هذا التعاون يحدد مجالاته وأهدافه وبرامجه. كما طالب الرئيس باعتماد القمة لخطة عمل مشتركة بمشروعات محددة تغطي عددا من الأولويات القطاعية, خاصة في مجالات البنية الأساسية, وقطاعات الإنتاج والخدمات تلتزم بتنفيذها وفق إطار زمني محدد مع المراجعة الدورية علي المستوي الوزاري, ومستوي القمة, وإنشاء آلية للمتابعة تعقد اجتماعات دورية ربع سنوية لمتابعة تنفيذ قرارات القمة, وتدعيم دور القطاع الخاص وجمعيات رجال الأعمال, والمستثمرين الفرنسيين والأفارقة للدفع بتنفيذ وتمويل مشروعات خطة العمل, بالتعاون مع حكومات الجانبين. وقد أكد الرئيس مبارك في مداخلته بالجلسة الأولي للقمة أهمية تحقيق التمثيل العادل والمتوازن لإفريقيا في مجموعة العشرين, ومؤسسات التمويل الدولي, بما يحمي الاقتصاد الإفريقي ومصالح القارة. وقال: إنه لم يعد مقبولا استمرار ما تتعرض له القارة من تهميش في النظام الدولي الراهن. أما الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي, فقال مخاطبا مبارك: عزيزي الغالي الرئيس مبارك.. لقد أسعدني أن تكون بيننا اليوم في كامل لياقتك, لكي نستفيد منك ونستمع إليك. وأعلن في الجلسة الافتتاحية للقمة أنه لا يمكن تجاهل دور إفريقيا في مواجهة المشكلات العالمية, وأن أوروبا بحاجة إلي إفريقيا بالقدر نفسه الذي تحتاج به إفريقيا إلي أوروبا.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس أمام الجلسة الافتتاحية: الصديق العزيز.. الرئيس ساركوزي الأخوة والأخوات رؤساء الدول والحكومات الإفريقية الأخ العزيز جان بينج..رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي السيدات والسادة أتوجه بالتحية والتقدير للرئيس نيكولا ساركوزي..وأؤكد ثقتي في أن هذه القمة ستخطو بالتعاون بين افريقيا وفرنسا خطوات جديدة للأمام. لقد كانت فرنسا أول من أقام إطارا مؤسسيا للمشاركة مع افريقيا..منذ عام1973 تأكيدا للعلاقات التاريخية التي تربط الجانبين وتحقيقا للرغبة المشتركة وتدعيم الحوار والصداقة والتعاون. تواصلت دورات القمة الإفريقية الفرنسية.. نحو أربعة عقود.. طرأت خلالها متغيرات وتحولات عديدة في افريقيا و العالم.. وتنعقد قمتنا اليوم وسط تحديات جديدة علي الساحتين الإفريقية والدولية تضيف لما تواجهه القارة من صعاب..من اجل تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية. لقد انعقدت قمتنا الأخيرة في كان2007, وقد بدأت إفريقيا انطلاقة واعدة حققت لدولها معدلات نمو اقتصادي بلغت في المتوسط5% سنويا وصلت الي ما يزيد عن7% في مصر وعدد من دول القارة. سرعان ما اصطدمت هذه الانطلاقة بأزمات عالمية حاده.. لم تكن افريقيا مسئولة عنها, بدأت بأزمة الارتفاع غير المسبوق لأسعار السلع الغذائية.. ثم أعقبتها أزمة مالية طاحنة..دخلت بالاقتصاد العالمي في مرحلة ركود.. لم يكن احد بمنأي عن تداعياتها. اننا في إفريقيا مقتنعون بأن مصائرنا بأيدينا.. وأن تحقيق السلم والأمن والتنمية لشعوبنا.. هو مسئوليتنا.. وان الحوار والتعاون فيما بيننا هو الطريق للمستقبل الأفضل. كانت تلك فلسفة مبادرة النيباد التي اعتمدناها عام2001, فأرست هذه المسئولية.. وحددت معالم هذا الطريق.. كما وضعت أسس المشاركة بين إفريقيا وشركائها الدوليين. لقد طورنا آليات عملنا المشترك في اطار الاتحاد الافريقي..في مواجهة العديد من التحديات السياسية والاقتصادية والامنية والبيئية. نسعي جاهدين لتغيير الواقع الافريقي الراهن لواقع أفضل.. ببرامج اقتصادية تقوم علي الاصلاح والتنوع والتكامل.. وخطوات لدعم التجارة البينية وتعزيز التنمية الزراعية والصناعية.. وتحقيق الامن الغذائي..والتعاون في مجالات البنية الاساسية ومشروعات الكهرباء وادارة موارد المياه. نجتهد في ذلك مقتنعين بأن ما تمتلكه افريقيا من ثروات وموارد طبيعية تؤهلها اذا ما احسن استغلالها لنقلة نوعية في مستوي معيشة شعوبها. كما نتمسك في ذات الوقت بانهاء ما تتعرض له القارة من تهميش.. كي تشارك بصوت قوي ومسموع في صنع القرار السياسي والاقتصادي.. علي المستوي الدولي. إننا علي طريق العمل الافريقي المشترك.. نتطلع الي وفاء شركائنا الدوليين بتعهداتهم الدولية لافريقيا.. ونتطلع في هذا الاطار.. الي استمرار فرنسا في دعم طموحات افريقيا وقضاياها. إن حرص مصر علي تعزيز التعاون بين افريقيا وفرنسا.. يدعوني لان اطرح امامكم رؤيتنا لتطوير الاطار المؤسسي لهذا التعاون.. علي النحو الآتي: اولا: ان تركز القمة علي قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية الي جانب الملفات السياسية.. بما يأخذ في الاعتبار اولويات القارة لتحقيق التنمية الشاملة لشعوبها.. وبحيث يصدر في ختام القمة اعلان سياسي واقتصادي جامع حول هذا التعاون.. يحدد مجالاته واهدافه وبرامجه. ثانيا: اعتماد القمة لخطة عمل مشتركة بمشروعات محددة.. تغطي عددا من الاولويات القطاعية..خاصة في مجالات البنية الاساسية.. وقطاعات الانتاج والخدمات.. نلتزم بتنفيذها وفق اطار زمني محدد.. مع المراجعة الدورية علي المستوي الوزاري ومستوي القمة. ثالثا: انشاء آلية للمتابعة, تضم ممثلين عن الوزارات والمؤسسات الفرنسية المعنية.. وسفراء الدول الافريقية المعتمدين في باريس.. تعقد اجتماعات دورية ربع سنوية.. لمتابعة تنفيذ قرارات القمة.. وخطط العمل الصادرة عنها.. وترفع تقاريرها للمستوي الوزاري.. ومنه لمستوي القمة. رابعا.. تدعيم دور القطاع الخاص, وجمعيات رجال الاعمال, والمستثمرين الفرنسيين والافارقة.. للدفع بتنفيذ وتمويل مشروعات خطة العمل بالتعاون مع حكومات الجانبين.. والمؤسسات الاقليمية والدولية ذات الصلة. خامسا: دراسة انشاء صندوق خاص لتمويل مشروعات التعاون بين الجانبين في مجال التنمية البشرية.. وبحث مصادر تمويله من جانب شركاء التنمية.. وبالتنسيق مع المؤسسات المالية الوطنية والاقليمية والدولية..مع ايلاء اهتمام خاص لصيغة التعاون الثلاثي بين هذا الصندوق والصناديق الافريقية المماثلة.. كالصندوق المصري للتعاون الفني مع افريقيا. الاصدقاء الاعزاء.. اننا في افريقيا نسعي لهدف واحد..هو تقدم قارتنا وشعوبنا.. وتجمعنا المصالح المتبادلة.. والتاريخ والمصير المشترك. نثق في انفسنا وقدراتنا.. ونتطلع لمساندة فرنسا وباقي شركائنا الدوليين لجهودنا. اعرب مجددا عن شكري وتقديري للرئيس نيكولا ساركوزي.. وعن تطلع مصر للترحيب بكم علي ارضها.. في القمة القادمة.