في العشرين من أبريل وقع انفجار علي منصة الحفر النفطية البحرية (ديب واتر هورايزون) التابعة لشركة بريتيش بتروليوم في خليج المكسيك، فأدي ذلك الانفجار إلي التسرب النفطي الذي حظي بتغطية إعلامية لم يسبق لها مثيل منذ عقود. وكانت منصة حفر بحرية أخري قد انفجرت منذ 31 عاماً في نفس المياه، ولكن إلي الجنوب قليلاً علي الجانب المكسيكي من الخليج، فأسفر ذلك الانفجار عن أضخم تسرب نفطي عرفه التاريخ في وقت السلم والحرب. ناقلات النفط كانت هي المسئولة عادة عن القسم الأعظم من التسربات النفطية. عمليات غسل الحاويات كانت سبباً في عدد هائل من التسربات الصغيرة، و في وقائع اخري أسفرت حوادث الناقلات عن تسربات ضخمة مركزة. ولم تكن حوادث الانفجار نادرة، ولكن أغلبها وقع علي الأرض أو في المياه الضحلة، وكان من السهل نسبياً السيطرة عليها واحتوائها في أغلب الحالات. وكان حظر غسل الحاويات، وفرض بعض الشروط الفنية مثل البدن المزدوج للناقلات وتقسيمها إلي أقسام منفصلة، وتخصيص مسارات بحرية ذات اتجاه واحد، من بين الاحتياطات بالغة الأهمية التي اتخذت ، كما ساعد استخدام أنظمة تحديد المواقع العالمية بالاستعانة بالأقمار الصناعية في الحد من كميات النفط التي تنسكب إلي البحر من ناقلات النفط بدرجة عظيمة. بعد حدوث انفجار كما حدث علي منصات مثل ديب واتر هورايزون، يدخل النفط والغاز تحت ضغط هائل إلي المياه عند قاع البحر. وهذا يؤدي إلي تكون مستحلب ثلاثي يتألف من النفط والغاز والماء ويحتوي أيضاً علي رمال وذرات غبار. لقد بذلت جهودا متنوعة للقضاء علي التسرب النفطي.. وبُذِلت جهود لحرق النفط علي سطح المحيط. ولكن كما أظهرت تجربة توري كانيون في عام 1967 ق حين ُصِفَت الناقلة الجانحة بالنابلم فإن النفط لا يحترق جيداً في الماء، والنفط المستحلب الذي يطلق عليه "مخفوق الشوكولاتة" يكاد لا يحترق علي الإطلاق. ان التساؤل حول إمكانية اللجوء إلي "تفريق" النفط كان يشكل قضية استراتيجية رئيسية، لأن جهود مكافحة تسربات النفط كانت قد بدأت بشكل جدي في ستينيات القرن العشرين. وكانت الإجابة تتوقف علي ما إذا كانت أولوية جهود الحماية للطيور والشواطئ، أو لأشكال أخري من الحياة البحرية مثل الأسماك والجمبري والرخويات. فإذا كانت الأولوية للطيور والشواطئ فيصبح من الممكن تفريق بقعة النفط؛ أما إذا كانت الأولوية للحياة البحرية فلا يجوز تفريق بقعة النفط. وكان القرار ينطوي بوضوح علي بُعد يرتبط بالعلاقات العامة. ذلك أن صور الطيور والشواطئ الملوثة بالنفط تكون مروعة عادة، في حين أن الأسماك الميتة ويرقات الروبيان لا تلحظها الكاميرات. وكان الضرر الذي أحدثه التسرب الاخير هائلاً. في فقد لحق الضرر بالشواطئ أغلبها في المكسيك ولكن بعض الشواطئ تضررت إلي حد ما في الولاياتالمتحدة أيضاً وهلكت أعداد هائلة من الطيور، علي الرغم من جهود تفريق بقعة النفط. وبسبب هذه الجهود أيضاً لم تسلم التجمعات من الجمبري والحبار وبعض الأسماك الأخري من الأذي الشديد في مناطق صيد الأسماك. وحيثما كانت تركيزات مُركَّبات النفط عند أعلي مستوياتها فإن الكائنات المائية التي تتنفس في الماء تهلك بأعداد هائلة. وإذا كانت منطقة التلوث كبيرة فإن هذه الكائنات تتلوث وتصبح غير صالحة كمنتجات غذائية. وإذا كانت مساحة التلوث أضخم من ذلك واستمرت لفترات أطول فإن المستهلكين يرفضون تلك المنتجات تماماً. استغرقت محاولات إغلاق بئر انفجر من قبل في المكسيك تسعة أشهر. ولقد ساعد حفر بئر تصريف في وقف تدفق النفط أخيراً. أما ديب واتر هورايزون فما زالت تقذف النفط إلي خليج المكسيك، رغم نجاح بريتيش بتروليوم في إدخال أنبوب أصغر إلي مصدر التسرب الرئيسي لامتصاص جزء من التدفق. من السابق للأوان أن نحاول تقييم الأضرار البيئية والخسائر الاقتصادية التي ستتكبدها مصائد الأسماك والسياحة بسبب التسرب النفطي من ديب واتر هورايزون. ولكن من المؤكد أن أعداد القريدس والحبار سوف تتضاءل بشكل كبير، ولكن التعافي شبه الكامل قد يكون وارداً في غضون بضعة أعوام.