أبحث عن عنوان البريد الالكتروني للكاتبة الانجليزية المعاصرة التي أقرأ قصصها القصيرة منذ عدة شهور.. أريد أن أتواصل معها عبر الميل حتي أستوضح منها أمورا تتعلق بكتاباتها.. لا أجد ما يساعدني.. فجأة رأيت في بحثي اسم الكاتبة مرتبطا بعنوان بريد إلكتروني وليس هناك ما يؤكد ما إذا كان هذا العنوان للكاتبة أم لا.. قررت أن أجرب حظي.. أرسلت رسالة أسألها فيها عما إذا كانت هي كاتبتي المنشودة أم أنه تشابه في الأسماء.. ولكنني لم أتلق أي رد.. قلت في نفسي ربما ذهبت رسالتي إلي صاحبة اسم يشبه اسم الكاتبة فلم ترد.. وبعد انقضاء حوالي خمسة شهور وصلني الرد.. نعم هي ليست الكاتبة ولكنها امرأة انجليزية تعيش في بلجيكا بعد زواجها ببلجيكي وتحمل الاسم نفسه.. وتعتذر بشدة لأنها تأخرت في الرد علي (هي لا تعرفني).. وتعرض علي أي مساعدة تستطيعها بداية من محاولات تعقب بريد الكاتبة ومعرفته إلي شراء كتب أحتاجها أو أي مساعدة أطلبها (وهي لا تعرفني علي الإطلاق).. شكرتها كثيرا وحكيت لها عن نفسي قليلا.. وقبل أن أطلب منها شيئا، كانت قد أرسلت لكاتب كبير في لندن وهو كما قالت لي صديق لأسرتها هناك.. وقصت عليه أني أبحث عن الكاتبة المعاصرة.. وفي اليوم نفسه وجدت رسالة من الكاتب الانجليزي الكبير يعرض فيها مساعدته لي بكل وسيلة ممكنة وبكل تواضع يحاول مساعدتي في الحصول علي بريد الكاتبة المعاصرة (وهو لا يعرفني طبعا).. من هؤلاء الناس؟ ما الذي يدفعهم لمساعدة شخص عبر البحار يسكن، ولن يجنوا من ورائه شيئا؟ لماذا اهتمت السيدة الانجليزية بالرد علي رسالتي بعد كل هذه الشهور؟ ولماذا يهتم كاتب كبير وروائي شهير بشخص مثلي بالرغم من أنني لم أرسل له تعليقا علي رواياته أو أطلب ما يتعلق بإنتاجه الأدبي؟ العجيب أن السيدة الانجليزية صارت صديقتي بالصدفة.. صديقة عبر الإنترنت.. وإذا بعمرينا متماثلين، وبظروفنا الاجتماعية متشابهة إلي حد كبير.. وإذا بها تعرف الكثير عن مصر الفرعونية التي تخصصت في دراسة تاريخها منذ كانت بالجامعة.. والأكثر من كل ما سبق أنها إنسانة بكل ما تحمله الكلمة من معان، وأهم تلك المعاني أنها تحب أن تساعد أي إنسان آخر علي الأرض طالما تستطيع فعل ذلك.. وإذا بها تقول لي في إحدي رسائلها إن الإنترنت قد جعلنا أصدقاء ثلاثة من مصر ومن لندن (تقصد الكاتب الشهير) ومن بلجيكا.. بعد ذلك بأيام وجدت إحدي صديقاتي في مصر تحكي لي كيف تقابلت مع عدة أصدقاء لها عبر النت وكان لهم سنوات يتحدثون معا عبر إحدي غرف (الشات) وإذا بهم يتفقون علي أن يتقابلوا جميعا ويرون بعضهم البعض علي أرض الواقع وقد كان.. وكم كان جميلا أن تثبت مصداقيتهم، ويتعارفوا بشكل أفضل.. صحيح أن الإنترنت ليس وسيلة التعارف المضمونة، ولكنه أحيانا إذا توافرت المصداقية يكون إيجابيا.. وصحيح أنني لم أصل إلي الاتصال بكاتبتي المنشودة بعد، ولكن: (Who cares any more? ) لقد تعرفت علي كاتب كبير، والأهم: علي صديقة إنسانة..