في تحد واضح، أعلن د.أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة أمس صدور الطبعة الثانية من كتاب «ألف ليلة وليله» ووجه مجاهد خلال مؤتمر «ألف وليلة وليلة ومستويات التلقي» الذي عقد باتحاد الكتاب شكره للجنة العليا للنشر بالهيئة علي موافقتها أمس الأول علي إعادة طبع الكتاب. كلمات المؤتمر الافتتاحية عبرت بوضوح عن رفض المثقفين لجميع أشكال الارهاب الفكري، وأكدت عدم فهم بعض الجماعات السلفية للأفكار السلفية النقية. وخلال كلمته استشهد «مجاهد» بحكم القضاء عام 86، الذي رفض مصادرة الكتاب وأشار إلي تراجع موقف اثنين ممن طالبوا مؤخرا بمصادرته، كما استشهد بما نشرته «روزاليوسف» عن تراجع المحامي مجدي عبدالحليم وتأكيده رفضه منذ البداية تقديم بلاغ ضد الكتاب. انتقد رئيس هيئة قصور الثقافة تأخر اتحاد الكتاب في إعلان موقفه وقال إنه بصفته متهما في البلاغ، أول «المطمئنين» إلي أن النائب العام سيحفظ البلاغ، مشيرا إلي تقدم مجموعة من المثقفين لبلاغ مضاد الأحد الماضي. من جانبه أكد جمال الغيطاني رئيس تحرير أخبار الأدب، وسلسلة الذخائر المسئولة عن إصدار الكتاب، وأحد المتهمين في بلاغ المحامين إنه سيطالب النائب العام باقتصار التحقيق عليه فقط، وقال: «أتحمل المسئولية كاملة، حتي لو دفعت حياتي ثمنا». وطالب اتحاد الكتاب بتقديم بلاغ للنائب العام ضد المحامين المبلغين، مؤكدا أن بلاغهم سيترتب عليه أمورا خطيرة، بينها الاساءة للإسلام وللحضارة العربية. وأضاف: نحن نواجه تنظيماً يعمل علي مصادرة الفكر بنفس طويل، وإلا بما نسمي انتماء هؤلاء المحامين لمكتب له تاريخ في رفع العديد من القضايا علي المثقفين؟، كما تطرح الواقعة امكانية العبث بالتراث بالحذف منه، مقابل عدم اللجوء للنائب العام، وهذه مساومة لا علاقة لها بالثقافة أو الدين أو الأخلاق، وإنما نفاق سياسي وتملق ومزايدة علي الرأي العام. وأضاف «ألف ليلة وليلة» الأكثر حشمة في الأدب العربي القديم، واقرار مبدأ الحذف يفتح الباب أمام العبث بالذاكرة الثقافية، مشيرا إلي أن النصوص الدينية المقدسة لم تتجنب الحديث في الجنس وعلاقة الرجل بالمرأة. وأوضح «الغيطاني» أن فكر الحذف لا ينفصل عن أفكار من قتلوا السياح بالأقصر، ومن يحاولون ترويع المثقفين بدعاوي الاغتيال واستخدام قوانين الحسبة، مؤكدا أن الثقافة هي السد المنيع ضد أفكارهم المتطرفة، ولهذا يسعون جاهدين لتشويهها. وقال د. جابر عصفور مدير المركز القومي للترجمة، أن الواقعة سياسية والتيار السلفي الرجعي يسعي إلي مثل تلك القضايا لعلمه أن التراث حائط ضعيف لن يجد من يدافع عنه، وأشار إلي أن مضمون البلاغ ليس جديدا وإنما هو امتداد لأفكار تيار قديم أدي لانحدار الحضارة العربية وتقويضها. وأضاف إن أهم كتابين في تاريخ الإنسانية والتراث هما «ألف ليلة وليلة» و«كليلة ودمنة»، كونهما نموذجا للعقل المثقف، وقال إن هناك أكثر من 100 فيلم وأعمال موسيقية مستوحاه من «ألف ليلة وليلة».. ودلل «عصفور» علي موقفه بحديث لجلال الدين السيوطي عن واقعة لابن عباس في المسجد، قائلا إن ابن عباس لم يجد حرجا من إنشاد أبيات في المسجد، وتقبل التيار السلفي المتفتح الواقعة ولم يجد فيها خروجا عن الملة ولفت إلي وجود كتب أدبية بها كلمات أكثر وضوحا من «ألف ليلة وليلة».