أعلن اتحاد كتاب مصر في نهاية مؤتمر "ألف ليلة وليلة ومستويات التلقي" الذي عقد الثلاثاء الماضي عن غضبه الشديد إزاء ما يحدث من هجمة شرسة تجاه الكتاب التراثي البديع ألف ليلة وليلة، كما أعلن الاتحاد عن وقوفه مع أعضاء اتحاد الكتاب الذين قدم ضدهم بلاغ للنائب العام بشأن نشر كتاب ألف ليلة وليلة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة .كما طالب المشاركون في المؤتمر بتدريس فصول من ألف ليلة وليلة في المراحل التعليمية المختلفة والدعوة إلي مؤتمر قومي كبير يتبناه اتحاد كٌتَّاب مصر والنقابات الأخري المتصلة بالآداب والفنون والثقافة لمناقشة الدور الفعال للمثقفين في المرحلة المقبلة إزاء تلك الهجمة الشرسة التي تتربص بالإبداع والمبدعين وأوصي المشاركون بتعويض كل من رفعت عليهم قضايا حسبة عن طريق اللجوء إلي المحكمة المدنية المختصة وبأن يتضامن معهم اتحاد كٌتَّاب مصر في دعواهم. البيان الاختتامي الغاضب الذي أصدره الاتحاد في ختام المؤتمر يعبر كثيراً عن أجواء "الغضب" التي سادت الجلسات الصباحية للمؤتمر، والتي بدأت بالجلسة الافتتاحية التي تحدث خلالها د.جابر عصفور الذي وصف المجموعة التي تقدمت ببلاغ المصادرة بأنها ليست مجموعة جديدة، بل تيار قديم موجود في التراث العربي منذ قرون طويلة، ففي التاريخ الثقافي العربي يوجد دائماً تيارين، التيار العقلاني، والتيار النقلي. وبقدر ما كان التيار العقلاني أكثر انفتاحاً علي الآخر، وصمودا في وجه السلطان، بقدر ما كان التيار النقلي أكثر انغلاقاً وموالاة للسلطة. وتوقف عصفور في كلمته عند التيار العقلاني في التراث العربي حيث قال "أخرج لنا هذا التيار كتابين مهمين في تاريخ الإنسانية "كليلة ودمنة" وألف ليلة وليلة، ويمكن أن نرصد في هذين الكتابين هذا الموقف المنحاز ضد السلطة، ضد سلطة الملك الباطش، وضد السلطة الذكورية" أما د.أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة فقد اختار أن تكون كلمته مجموعة من الشكر المستحق حيث وجه الشكر الأول لجمال الغيطاني لتحمسه لنشر الليالي، ثم فاروق حسني، ثم رئيس اتحاد الكتاب السابق ثروت أباظة والذي تدخل ووقف ضد قضية المصادرة عام 1985، والشكر الرابع لصبري العسكري الذي حصل علي حكم البراءة لألف ليلة وليلة عام 1986. وأوضح مجاهد أن العسكري قد نجح في إغلاق باب الجدل في القضية فهو لم يحصل علي حكم البراءة فقط، بل في مرافعته دافع ضد حذف أي لفظ من ألف ليلة وليلة، وذلك لأن الطبعة مصورة عن طبعة بولاق بالتالي فأي حذف هو تشوية وتعدي علي حقوق المؤلف، كما أنه يبدو كمحاولة لاخفاء جريمة ليست. وبدأ جمال الغيطاني حديثه محذراً من إقرار مبدأ الحذف في النشر، وقال إذا أقرينا الحذف فنحن نهدم الثقافة العربية والتراث الانساني كله، فالمحظورات تتغير باستمرار في كل عصر، كما أكد في كلمته . أن مثل هذه القضايا تخلق المناخ الذي يؤدي إلي العنف، ولقد ثبت علي مرار السنين أن السد الأول والمنيع في مواجهه الإرهاب والتطرف هو الثقافة لا الأمن. واختتمت الجلسة الافتتاحية بكلمة لمحمد سلماوي الذي وصف المؤتمر بأنه الرد الأمثل للاتحاد علي هذه الادعاءات الموجهه لليالي، من خلال عقد مثل هذا المؤتمر العلمي. وقد بدأت الجلسات العلمية بورقة لدكتور محمد حافظ دياب تحدث فيها عن ألف ليلة وليلة والجنس والتراث وأوضح خلالها أن الليالي بالنسخة الموجودة حالياً كانت قد ظهرت في القرن التاسع عشر وقدمها الشيخ محمد العدوي قطة وقد حذف منها بعض الكلمات والأجزاء التي ظن أنها لن تروق للقارئ العربي. وتحدث دياب أن رحلة ألف ليلة وليلة، حيث كان المسعودي هو أول من تحدث عن هذا الكتاب، أما أول من قدمه وشرح له فكان الطبري، وقال دياب أن الهجوم علي الليالي ومحاولة طمسها وطمس الآثار الثقافية العربية الآخري، جزء من محاولة طمس التراث المصري، وأشار إلي أنه منذ عدة أيام صدر كتاب آخر لا يعترف بأي منجز للحضارة للفرعونية وينسبها كلها إلي الهكسوس. وعن الجنس في الليالي قال رجب أن الجنس في الليالي ليس مقصوداً بذاته، بل المقصود تعرية السلطة، فالعبد نراه في معظم قصص الليالي متربصاً بسيدته أو بزوجة سيده، وحينا ينالها، لا تصبح السيدة سيدة بل مجرد امرأة، ولا يصبح العبد عبداً. وتحدث قاسم مسعد عليوة أن مخالفة قانون الحسبة مع بعض المواد الدستورية تحديداً المادة 47 والمواثيق الدولية التي تكفل حرية الرأي والتعبير ووقعت عليها مصر. أما الجلسة الثانية التي أدارها سعد عبد الرحمن، فقد شاركت فيها د.هدي وصفي وتحدثت عن ألف ليلة وليلة وأثرها في الأدب الفرنسي منذ ترجمة جالان لليالي، وربطت بين ظهور الترجمة الفرنسية لليالي وبداية النهضة الثقافية في فرنسا حيث ساهمت الليالي في تقديم شكل من أشكال المعرفة بين العالم الغربي والعالم العربي، وفي إثارة الخيال الفرنسي والأوروبي. وتحدث بها عبد المجيد عن أثر الليالي في الأدب الإنجليزي تحديداً رواية عوليس لجيمس جويس، وربط د.حامد أبو أحمد بين الليالي وظهور الواقعية السحرية في أدب أمريكا اللاتينية.