حياتنا في هذه الأيام لا تتغير عن الروتين العادي المألوف.. الازدحام في الشوارع كما هو.. القمامة تتكاثر بدرجات مطردة بمعدل واحد.. المظاهرات مستمرة بشكل يومي.. مازال نواب مجلس الشعب يقدمون الجديد والغريب ولا يفقدون مكانتهم علي قمة المبدعين في أفكارهم.. الأهلي يواصل انتصاراته وجمع نقاط تأهيله لصدارة الدوري.. يعلنون عن موعد امتحانات نهاية العام فنعلم أنها سوف تتغير إما تتقدم أو تتأخر أسبوعًا عن الميعاد المعلن عنه.. حتي الحياة السياسية في عام انتخابات البرلمان لا يوجد فيها من الجديد ما يفتح الشهية بالرغم من التجربة الجديدة لكوتة المرأة والتي كان من المتوقع أن تجعل العام كله غنيا بالحراك.. التغير الوحيد المتوالي والسريع وغير المتوقع ساعة بساعة هو التغير الجوي!! لم نعد نتابع مؤخرا سوي أخبار التغيرات الجوية وفروق الدرجات العظمي والصغري الكبيرة التي نعيشها في كل يوم حار جدًا صباحًا وبارد جدًا ليلاً.. ثم التقلبات الجوية يومًا بيوم: يأتي الصيف لمدة يومين أو ثلاثة وحالما يطمئن الناس لثباته وارتفاع درجاته، ينقلب فجأة إلي برد وانخفاض في الدرجات، وتغطي السحب شمس النهار وتزيد سرعة الرياح.. وكأن التغيرات الجوية ليست كافية لإرهاقنا، فيأتينا بركان آيسلندا بتغيرات أقوي، وتسقط الأمطار لتزيد الطين بلة!! يتابع الشعب الانجليزي النشرة الجوية والتوقعات المناخية بشكل دوري وبخاصة في لندن التي يعرف عنها أنها تستضيف فصول السنة الأربعة في يوم واحد.. ويحمل الانجليز المعاطف والمظلات تحسبًا لهطول المطر وحلول البرد.. ولكننا في مصر لم نكن أبدًا نحمل معاطف أو نتحسب لتغيرات مفاجئة.. واعتاد المصري أن يعيش مستقراً في حياته اليومية فلا ينتظر انقلابًا لا جويا، ولا غيره.. ولم يكن المواطن المصري يتابع النشرات الجوية، ولا التقلبات المناخية لأنه لا يتوقعها وهو يعرف أن مناخ مصر حار جاف صيفًا، دافئ ممطر شتاًء منذ وجدت مادة الجغرافيا في المدارس منذ أيام الجدود. هل ستكون التغيرات الجوية مؤقتة أم ستستمر؟ وهل هي إشارة إلي أننا سنصبح مثل الإنجليز نتابع النشرات الجوية وننتظر التقلبات ونستعد لها؟ أم ستنتهي التغيرات الجوية ونبدأ في متابعة تغيرات أخري علي مستويات أكثر أهمية وإيجابية وأعمق تأثيرا علي الحياة اليومية للمواطن المصري؟ وهل ستكون التغيرات متدرجة أم مفاجئة كليل هذه الأيام ونهارها وكشمسها ومطرها؟ وهل يعي دعاة التغيير أن المصري يهتم بالاستقرار علي قمة أولوياته وينتظر تدرج تغير الحرارة والبرودة دون انقلابات جوية؟ الطريف أن أكثر ما لا يتغير هو زيادة نسبة دعاة التغيير في مصر دون أي تغيير حقيقي.. دعاة التغيير في زيادة شديدة جدًا جدًا ولا يوجد أي تغيرات تمس المواطن المصري العادي.. ننتظر تغييرًا هادئًا حقيقيا إيجابيا ليس جويا ولا مناخيا.. ننتظر تغييراً حياتيا.