يعاني مئات الفلاحين من مشاكل عديدة وأزمات متواصلة مع مسئولي بنك التنمية والائتمان الزراعي بسبب الحصول علي الماكينات والآلات الزراعية التي حصدت أحلامهم في توفير نفقات الحصاد وجني الأرباح من تشغيلها في المزارع إذ إن الماكينة تباع للفلاح بقروض تسدد علي مدار خمس سنوات بفوائد 12% وعلي الرغم من ارتفاع أسعارها فإن قطع غيارها باهظة وتتعرض لأعطال متكررة فلا تحقق الماكينة أي ربح وبالتالي يتعثر الفلاحون في سداد القروض. وحرصا من الفلاحين علي السداد فإن بعضهم يلجأ لطلب قرض أكبر يسدد منه قيمة القرض الأول لكن الفوائد تتزايد ويبدأ في دخول دائرة مفرغة من المديونيات للبنك وبالتالي لم يعد أمام الكثيرين منهم سوي الدفع أو الحبس. في محافظة الشرقية وتحديداً في مركز كفر صقر رصدنا معاناة المزارعين مع إحدي هذه الآلات كمثال يتكرر في باقي المحافظات فيقول السيد أحمد مسعود «فلاح» من قرية الحوامدة بكفر صقر: كنت أملك في حيازتي 6 أفدنة ونصف الفدان تناقصت بسبب قروض البنك إلي فدان ونصف الفدان، وقد بدأت مشكلتي مع القروض عام 1996 حين لجأت إلي بنك التنمية والائتمان الزراعي للحصول علي ماكينة «الكمباين» أو حصادة الأرز بقرض قدرة 138 ألف جنيه علي 5 سنوات بضمان حيازة الأرض التي أمتلكها بفوائد سنوية 12% ورغم أن هذه الحصادة مربحة لكن قطع غيارها غالية الثمن ونادرة، كما أن عمل هذه الآله موسمي وبالطبع خيبت أملي ووجدت نفسي عاجزاً عن سداد القروض وأقام البنك دعوي ضدي واضطررت لبيع جزء من أرضي للسداد. ويكمل علي أحمد مسعود شريكه في الأرض والماكينة: هذه الماكينة خربت بيوتنا وبعنا بسببها أرضنا فبعد أن سددنا القسط الأول وقدره 30 ألف جنيه بدأت الماكينة تتعطل بشكل مستمر وأصبحت في حاجة دائمة للصيانة ورغم أننا لجأنا إلي أسلوب الجدولة في البنك بناء علي نصيحة المسئولين في البنك إلا أننا اكتشفنا بعد ذلك أن الجدولة مثل الأقساط العادية والفوائد هي نفسها والفارق الوحيد هو إتاحة مدة أطول للسداد وكنا نتمني أن يرفع البنك عنا الفوائد أو علي الأقل يخفض نسبتها إلي أقل من 12% بعد مبادرة الرئيس مبارك. ويشير سليمان سليم أحد المزارعين إلي أن البنك لا يقدم دراسة جدوي لهذه الماكينة للفلاحين وبالتالي أصبحت الماكينة من أهم مشاكل المتعثرين في محافظة الشرقية إذ إن بنك التنمية والائتمان الزراعي كل همه أن يجمع أكبر عدد من العملاء وبالتالي زيادة العمولة التي يحصل عليها الموظف دون النظر إلي مصلحة الفلاح البسيط وبالرغم من أنهم يؤكدون لنا أن الفائدة السنوية 12% فقط إلا أن الحقيقة أنها وصلت 20%. ويضيف: من أهم أسباب تعثر الفلاحين في سداد القروض لبنك التنمية الفائدة العالية والمعاينة السلبية أو إجراءات المعاينة التي تتم علي الورق عن المشروعات المأخوذ لها القرض وتقدم دراسة الجدوي من الموظف في البنك وليس الفلاح وعدم وجود لجنة تشرف علي المشروع، ولأننا نعاني الفقر وضيق ذات اليد لم ندرس مشاريعنا جيداً كما أن بعضنا يحصل علي القروض لقضاء حاجات أخري مثل بناء أو تشطيب البيوت أو تزويج الأبناء ودائما ما نقول «عيشني النهاردة وموتني بكرة» ولا نعلم أنها ستخرب بيوتنا. ويقول شاكر نجيب ميخائيل شيخ قرية القضاة أن بنك التنمية والائتمان الزراعي من المفترض أن يساعد الناس ولذلك كان قديما يسمي بنك «التسليف» وأصبح بنك تنمية وائتمان زراعي إلا أن 95% من قروضه توجه لغير الغرض الذي يجب أن توضع فيه كما أن موظيفه غير مؤهلين للتعامل مع الفلاح، وعن تجربته مع القروض في بنك التنمية الزراعي يقول: اشتريت ثلاث ماكينات «كمباين» لاستثمارها وظهرت عيوبها بعد سنة من عملها وندرة قطع غيارها وغلو أسعارها في ظل احتكار أحد الأشخاص لهذا النوع من الماكينات ووجدت نفسي مطالباً بأقساط سنوية مزودة بالفوائدة فقررت بيعها وبعت أيضا أراضي لتكملة المبلغ لافتًا إلي أن من أهم أسباب تعثر الفلاحين في سداد قروضهم أن موظفي البنك لا يدققون في دراسات الجدوي قبل الموافقة علي إعطاء الفلاح للقرض ومندوبي شركات ماكينات «الكمباين» يجيدون إقناع الفلاح بأخذ هذه الماكينة وذلك لشراء أكبر عدد ممكن منها. الحاج محمد الديب عمدة قرية الشرقاية بكفر صقر يؤكد أن عدداً من الفلاحين يلجأ إليه لسداد قروضه التي لا تتعدي في الغالب مبلغ 10 آلاف جنيه وهدفه من سداد القرض بهذه الطريقة هو اقتراض مبلغ أكبر يدفع له منه أمواله ويستفيد بالباقي وبالتالي تتزايد ديونه وتتضاعف فوائدها ويجد نفسه عاجزاً عن السداد ويلجأ لبيع الأراضي والبعض الآخر يشتري ماكينة «الكمباين» كاستثمار وسريعا ما تتعطل ويجد نفسه مطالبا بدفع ثمنها وكذلك إصلاحها المكلف جداً وللأسف لا يسمع الفلاح لنصائح من سبقه في شراء مثل هذه الماكينات معتقداً أنه يخشي منافسته. ويعلق عبدالمعز الريس المهندس ببنك التنمية والائتمان الزراعي علي ذلك قائلاً: أنواع القروض التي يقدمها البنك هي قروض زراعية بفائدة 5.5% بحوالي 1530 جنيها للفدان تسدد كل 6 شهور كسلفة زراعية لخدمة الأرض أو قروض استثمارية علي مشاريع مواشي أو أغنام أو دواجن أو الآلات الزراعية بفوائد 12% مؤكداً أن أهم أسباب التعثر أن العميل لا يأخذ القرض لكي يستخدمه في نفس الغرض ولكن يقوم بعمل إصلاحات داخل المنزل أو زواج أبنائه كما أن البنك عندما يعرف تعثر أحد العملاء يبدأ في عمل جدولة بفوائد مركبة والذي يتخلف عن سداد قسط يقوم البنك برفع دعوي قضائية ضده وإذا مات العميل يتحول الدين إلي الورثة ولا يسمح بنقل الحيازة إلا بعد سداد المديونية.