"الطريق إلي السلام يمر عبر بوابة السرد الشخصي"، للحكم السابق أكثر دلالة، مبدئيا لأنه صدر من أحد الحاخامات اليهود تعليقا علي إعجابه بمذكرات أمريكي قضي سنوات الطفولة والصبا في القدس، ثم وقف في مصر علي نقاط التماس مع العدو الإسرائيلي عبر ثلاثة حروب، والدلالة الأخري أنه يؤكد أن التاريخ الشخصي يمتلك صكوك التاريخ العام، له نفس قوته وتأثيره، وربما يكون التاريخ الشخصي - حتي لو كان شفاهيا - أشد صدقا وحساسية من التاريخ السياسي العام، والأكثر من هذا أنه الورقة الأخيرة لحفظ ذاكرة المكان والناس من النسيان، خاصة إذا تعلق الأمر بوطن علي حافة الذوبان كفلسطين. بهذا المنطق سجلت الشهادتان التاليتان عن فلسطين قبل وبعد نكبة 1948، في كتابين، صدرا متزامنين من لندن ونيويورك، واحد لمؤلفته المصرية تروي قصة عائلة والدتها الفلسطينية، والأخري بواسطة الأمريكي الشرق أوسطي كما يحلو أن يصف نفسه في مذكراته، لكن ثمة دلالة ثالثة وأخيرة فيما يخص عبارة الحاخام، لقد كانت في الحقيقة تلخيصا لصورة مصر كما ظهرت في الكتابين رمزا للمأوي والسلام، ومحورا عاما في حكايات الأم الفلسطينية عن المنفي المصيري الإجباري وفي نفس الوقت التفاؤل من حتمية خروج الإسرائيليين، وكذلك في أحكام الصبي الأمريكي الذي أعجب بعبد الناصر والسادات، لكنه تيقن من إحباطه بشأن احتمال تأسيس علاقة جيرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.