محافظ الجيزة يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عيد الأضحى المبارك    شيخ الأزهر يهنئ الأمة الإسلامية بعيد الأضحى ويطالب المجتمع الدولي بوقف غير مشروط للعدوان على غزة    هيئة الرعاية الصحية تعلن عن خطتها للتأمين الطبي بالمحافظات خلال عيد الأضحى    مياه مطروح تكثف حملات توعية بترشيد استخدام مياه الشرب والتخلص الآمن من مخلفات الأضاحي    رئيس جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في زيارة لمطروح    رسميًا إطلاق خدمات الجيل الخامس في مصر.. كل ما تريد معرفته عن السرعة والتحميل والباقات    البورصة المصرية تربح 17.2 مليار جنيه في ختام تعاملات الأربعاء    تقارير أولية من سوريا تفيد بحدوث انفجارات في مطار حماة العسكري    تطورات غزة وسوريا والسودان تتصدر القمة المصرية الإماراتية في أبو ظبي    مواعيد مباريات كأس الرابطة المصرية اليوم والقنوات الناقلة    «بن رمضان» في مواجهة توانسة الأهلي.. الأرقام تحذر معلول    تشيلسي يقترب من صفقة صيفية كبرى.. إيكيتيكي على أعتاب البلوز    ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة خلال وقفة عرفة.. والأرصاد تُحذر من اضطرابات جوية بعدة مناطق    العثور على جثة مجهولة الهوية بها آثار ذبح في قنا    خطأ غير مقصود.. توضيح مهم من حسام حبيب عن أغنيته الجديدة "سيبتك"    محافظ المنيا يزور مديرية الصحة ويتابع سير العمل داخل الإدارات والأقسام    بورتو منافس الأهلي يكشف عن زيه الاحتياطي فى مونديال الأندية.. فيديو    نائب رئيس مؤتمر المناخ والبيئة تدعو المجتمع العربي للتحرك في مواجهة التحديات المناخية    توريد 500 ألف طن قمح في المنيا منذ بداية الموسم    لضبط التنقيب العشوائي.. إزالة 32 طاحونة ذهب بوادي عبادي في حملة موسعة بإدفو    «قد يحسم أمام العراق».. حسابات تأهل منتخب الأردن مباشرة ل كأس العالم 2026    بيراميدز يجدد عقد المغربي وليد الكرتي موسمين    نجم الزمالك السابق يحذر من خماسي بيراميدز قبل نهائي الكأس    الزمالك يفسخ التعاقد مع مدافع الفريق رسمياً    مستقبل وطن يطلق أضحى الخير لدعم الفقراء    مجلس الوزراء يوافق على اتفاقية مع الاتحاد الدولي للاتصالات لتحقيق التنمية الرقمية    المشدد 7 سنوات لأب ونجله لتعديهم علي شخص وإصابته بعاهة مستديمة بشبرا    الإسكندرية ترفع حالة الطوارئ بشبكات الصرف الصحي استعدادًا لصلاة عيد الأضحى    عراقجي لأمين عام حزب الله: إيران مهتمة بمساعدة لبنان    قصور الثقافة تنظم برنامج فرحة العيد للأطفال بالمناطق الجديدة الآمنة    «بيحبوا المغامرة».. 4 أبراج تستغل العيد في السفر    وزير الثقافة ل«الشروق»: لا غلق لقصور الثقافة.. وواقعة الأقصر أمام النيابة    إطلاق البوستر الرسمي لفيلم "أخر راجل في العالم"    دعاء يوم التروية 2025.. أدعية مستحبة ومعلومات عن فضل اليوم الثامن من ذي الحجة    زلازل وعواصف وجفاف.. هل تستغيث الأرض بفعل تغيرات المناخ؟    الصحة: قرارات فورية لتيسير علاج المرضى ب"جوستاف روسي"    تزايد الضغط داخل مجلسي الكونجرس الأميركي لتصنيف جماعة الإخوان "إرهابية"    استهداف 3 عناصر خطرة خلال مواجهة نارية مع الشرطة في أسيوط    تبدأ بنقل وقفة عرفات .. تفاصيل خريطة عرض شاشة MBC مصر في عيد الأضحي    مجلس الأمن يصوت اليوم على مشروع قرار لوقف إطلاق في غزة    أول تحرك من «الطفولة والأمومة» بعد تداول فيديو لخطبة طفلين على «السوشيال»    البابا تواضروس يهنئ رئيس الوزراء بعيد الأضحى المبارك    بالأسماء.. 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج في عيد الأضحى    28 فرصة و12 معيارًا.. تفاصيل منظومة الحوافز الاستثمارية للقطاع الصحي    مسابقة لشغل 9354 وظيفة معلم مساعد مادة «اللغة الإنجليزية»    تحرير 911 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    سيد رجب يشارك في بطولة مسلسل «ابن النادي» إلى جانب أحمد فهمي    «جبران»: قانون العمل الجديد يرسخ ثقافة الحقوق والحريات النقابية    محافظ أسيوط يشارك أطفال معهد الأورام فرحتهم بقرب حلول عيد الأضحى    أنشطة ثقافية ومسرح وسينما فعاليات مجانية لوزارة الثقافة فى العيد    أيام الرحمة والمغفرة.. ننشر نص خطبة الجمعة المقبلة    «اللهم املأ أَيامنا فرحًا ونصرًا وعزة».. نص خطبة عيد الأَضحى المبارك 1446 ه    تكبيرات عيد الأضحى 2025.. تعرف على حكم التكبير فى العيدين بصيغة الصلاة على النبى    نقيب المحامين يوجّه بمتابعة التحقيقات في واقعة مقتل محامي كفر الشيخ    زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50% تدخل حيز التنفيذ    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«خزانة الألم».. البحث عن أبطال فوق أطلال بغداد!

الآن فقط.. وبعد أن شاهدت الفيلم الأمريكي (The Hurt locker) أو «خزانة الألم» استطيع أن ارجح أنه فاز بأوسكار أفضل فيلم تحديداً لأسباب وطنية في المقام الأول. لا يعني ذلك أن الفيلم رديء فنياً، إنه عمل متقن الصنع فيه عناصر متميزة للغاية وإلا لما حصد أيضاً خمس جوائز أوسكار إضافية بجائزة الأوسكار في التاريخ، وأفضل سيناريو، وأفضل مونتاج، وأفضل مونتاج صوت، وأفضل مكساج صوت، ولكن «خزانة الألم» فيلم محدود وضيق الأفق ومحاصر بحدود موضوعه الذي لا يتجاوز تقديم التحية للجنود الأمريكيين الذين يؤدون واجبهم خارج الوطن، حتي نظرته السياسية للوجود الأمريكي في العراق شديدة السطحية، بغداد بشوارعها ومبانيها وقنابلها وسكانها الذين يتفرجون من النوافذ ليسوا إلا أدوات لتقديم بطولات الجنود الشجعان، ولم يكن يفرق مع صناع الفيلم أن يكون المكان أفغانستان أو حتي «بوركينا فاسو»، إنهم غير مهمومين إلا بشيء واحد: البحث عن أبطال يواجهون الموت ويؤدون الواجب تحت كل الظروف وفي كل الأماكن.
من هذه الزاوية الضيقة جداً، التي يدور حولها الفيلم يصبح من الترف أن تطلب من الفيلم موقفاً سياسياً يفسر للمتفرج الأمريكي علي الأقل لماذا ذهب هؤلاء الجنود إلي العراق؟ أو من هم الذين يحاربونهم ويرسلون إليهم القنابل؟
وبالمناسبة فإن هناك أفلاماً أمريكية كثيرة انتجت عن حرب فيتنام لا يعنيها سوي تقديم التحية للجنود سواء كانوا أبطالاً أم ضحايا، كل ذلك مفهوم ولكن ما يبدو غريباً بالنسبة لي أن جائزة عريقة مثل الأوسكار تكتفي بفكرة الاتقان الذي أصبح أمراً بديهياً في أفلام كثيرة جيدة. الموقف الصحيح في رأيي أن تتجاوز الاتقان خاصة في جائزتي أفضل فيلم وأفضل سيناريو إلي آفاق الابتكار والإبداع، ومن هذه الزاوية الواسعة.
يبدو «خزانة الألم» فقيراً وهزيلاً ومتواضعاً بالمقارنة بفيلم مثل «أوغاد وصعاليك» للمخرج «كوينتين تارانتينو»، بل «خزانة الألم» شديد التواضع فنياً بالمقارنة بفيلم لم ينافس أصلاً علي جائزة أوسكار أفضل فيلم وهو فيلم «تسعة» للمخرج «روب مارشال»، وحتي لو اعتبرنا الفيلم حاصد الجوائز الست بعد أن رشح لتسع جوائز فيلماً حربياً فإنه بالتأكيد أقل إبداعاً من أفلام حربية أمريكية لا تنسي مثل سفر الرؤيا الآن، و«الفصيلة»، و«سقوط الصقور السوداء».. الخ، الأرجح إذن أن أعضاء الأكاديمية الأمريكية لفنون وعلوم السينما رجحوا البعد الوطني اكتفاء بتوافر الاتقان في عناصر أساسية، أما الإبداع الخاص والابتكار المختلف فلم يكن هذا العام في مقدمة الأولويات.
من حيث بناء السيناريو الذي كتبه «مارك بول» لن تجد أيضاً سوي مغامرات متتالية لمجموعة من الجنود المكلفين بإبطال مفعول القنابل والألغام في العراق.
ورغم أن هناك أكثر من شخصية، إلا أن أكثر المعلومات عن شخصين فقط هما العريف جيمس وزميله أو قائده الأسمر جي ني سانبورن وهي معلومات تتضاءل بجانب اظهار قدراتهم القتالية وشجاعتهما في مواجهة القنابل والمتفجرات. «جيمس» علي وجه التحديد أضيفت إلي شخصيته ملامح أبطال الأفلام الهوليوودية التجارية، هؤلاء الذين يمارسون الحرب والقتل بمتعة وكأنهم يمارسون اللعب، لقد استعانت به القوات الأمريكية في العراق بعد أن انجز «مهمته في أفغانستان» وهو يعتبر نفسه علي موعد مع التاريخ، يطلقون عليه اسم «المتخصص» ويقترب من القنابل بثقة بل أنه يلقي السماعات عن أذنيه ويطلق الدخان حوله حتي يعمل «بمزاج» وبدون أن يزعجه أحد، «جيمس» - كما يصفه قائده - مثل الرجل المتوحش، ويقول عن نفسه في فخر أنه ابطل مفعول 873 قنبلة، وكنا وقتها في منتصف الفيلم فقط، كما أنه يشارك في معارك بالأسلحة، ويطارد العراقيين في حارات بغداد، ويهزم قائده «سانبورن، في المصارعة أما حياته الخاصة فتنحصر في مطلقته الشابة التي رفضت أن تتركه (!) وطفله الصغير الوليد الذي يعود إليه لفترة وجيزة، ولكنه سرعان ما يشتاق إلي عمله فيعود من جديد مع قوة «دلتا» تأكيدًا لشعار الفيلم وعباراته الأولي المكتوبة بأن الحرب إدمان مثل المخدر، وهنا - مرة أخري - يبدو الفيلم ضيق الأفق لأن الفارق كبير بين أداء الواجب العسكري وبين إدمان الحرب رغم أهوالها. الحقيقة أن الشجاعة بالمنظور الإنساني الشامل ليست في إبطال مفعول قنبلة ولكن في إبطال مفعول الحرب نفسها، ولكن صناع الفيلم - كما قلت - لا يفكرون أبعد من تحت أقدامهم.
لن نعرف عن «سانبورن» سوي أن له صديقة، وأنه يرفض الإنجاب منها، وفي نهاية الفيلم سيبدو نادمًا لأنه لو مات لن يترك طفلاً في الحياة، أحيانًا يبدو «سانبورن» منزعجًا من تهوُّر «چيمس» ولكنه سرعان ما يصادقه رغم وجود مشهد غريب يبدو فيه أنه لا يمانع في التخلُّص منه، وهناك شخصيات أخري أكثر سطحية مثل الجندي و«الدربرج» وزميله «أوين» الذي يصاب ويعود إلي أمريكا، والعقيد «دوك» الذي يتم تفجيره بقنبلة بدائية، وكلهم أشباح مقارنة بالبطل الهوليودي «چيمس» الذي يؤدي الواجب بمزاج وفن وصَنْعة وكأنَّه «ميكانيكي» شاطر، ولديه أيضًا حسّ إنساني يجعله يحافظ علي جثة طفل عراقي تم تفخيخ جسده بدلاً من أن يقوم بتفجيره، بل أنه يخرج من معسكره بحثًا عن أسرته في قلب بغداد.
أما المكان والشخوص العراقيون فليسوا إلا ديكورات هدفها تقديم المسرح الذي تظهر فوقه بطولات «چيمس» وزملائه من الفريق الذي يحمل اسم «فيكتوري» أي النصر بعد أن كان يحمل اسم «ليبرتي» أي «الحرية». شوارع بغداد تبدو أقرب إلي الأطلال، ورجال المقاومة يختبئون ويهربون مثل الفئران، ولا يترددون في عمل أي شيء بما في ذلك تفخيخ جثة طفل بعد قتله، أو تفخيخ رجل رب عائلة ولديه أربعة أولاد، وهو بالمناسبة الشخص الوحيد الذي فشل «چيمس» في إنقاذه بعد أن انفجرت القنبلة فيه، السيناريو - في الحقيقة - أكثر سطحية من أن تقول أنه يتعمد الإساءة للعراقيين لأنه يتعامل ببساطة مع البطولة بمنطق الفيلم الهوليوودي التقليدي، فكلما كان الأعداء أوغادًا أصبح البطل أكثر بطولة، هذا هو الهدف لا أكثر ولا أقل، صحيح أننا نشاهد رجلاً عراقيا متعلمًا ومثقفًا يحترق شوقًا للقاء رجال ال«سي آي إيه»، وصحيح أن «چيمس» يتساءل: «لماذا أنا علي هذا الطريق ؟»، وصحيح أن أطفال العراق يودِّعون وحدة نزع المتفجرات بالحجارة، ولكن من الصعب أن تتحدث عن موقف سياسي من الوجود الأمريكي في العراق، إنما هي مجرد إشارة هنا وأخري هناك لاستكمال خلق الجو، ولو كانت الأحداث في أفغانستان مثلاً لما اختلفت الصورة كثيرًا، كل ما يعني كاتب السيناريو الإشادة بهؤلاء الجنود المحترفين الذين يؤدون عملهم بمتعة تعادل متعة المدمن!
ولكن هذه الملاحظات المحورية لا ينبغي أن تجعلنا نغفل نجاح المخرجة «كاثرين بيجلو» في توظيف أدواتها لتحقيق الهدف المحدود. المشهد يتم تغطيته من كل الزوايا المختلفة مع اضطراب الصورة ابتعادًا واقترابًا لإعطاء جو اللقطات الإخبارية المصورة، هناك توظيف جيد لجميع أحجام اللقطات خاصة اللقطة المكبرة جدًا التي استخدمت لرصد العيون في لحظات خاصة، هناك أيضًا لقطات أضفت علي المشهد العام حيوية واضحة مثل حركة قطة تعرج أو ماعز يهرب أو رصاصة فارغة تسقط علي الرمل بالحركة البطيئة أو طائرة ورقية تحلق في الهواء إثر انفجار مدمر، ونجحت المخرجة كذلك مع المونتير في بناء مشاهد تشويقية جيدة جدًا لعمليات إبطال مفعول القنابل، كما بدا شريط الصوت والمؤثرات قويا مثلما هو الحال في كل الأفلام التي تدور في ساحات المعارك، والملاحظ أن المخرجة استخدمت أكثر من مرة صوت الأذان والقرآن الكريم، بل واستمعنا أيضًا في أحد المشاهد لأغنية «نوال الزغبي»: «عينيك كدّابين».
فيلم «خزانة الألم» أبسط من أن تناقشه سياسيا بعكس فيلم مثل «المنطقة الخضراء» لقد أرادوا البحث عن الأبطال وصناعتهم، والسؤال المؤلم هو: وماذا فعلنا نحن من أجل أبطالنا؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.