من آن لآخر تطرح التساؤلات حول مستقبل الصحافة المطبوعة في ظل تحديات الحاضر والمستقبل بداية بالأزمة المالية العالمية التي أدت إلي تراجع سوق الإعلانات التي تعد مصدرًا أساسيا في تمويل الصحف ومرورًا بمنافسة الفضائيات الإخبارية وانتهاءً بتزايد مواقع الإنترنت الإخبارية وجذبها للقراء. في اعتقادي أن الصحافة المطبوعة في مصر ستستمر شريطة قدرتها علي تطوير أدواتها وتحولها إلي منتج لأخبار الفضائيات وتقديم البعد الثالث للخبر اليومي عبر التحليل المعمق. فالكثير من الخبراء يلجأون الآن إلي بحث تحويل صالة تحرير الصحف إلي غرف أخبار مدمجة تنتج الموضوع الصحفي من جانب للصحيفة والمواد المصورة فيديو للمواقع الإلكترونية وتسويق الأخبار للفضائيات لإعداد الحلقات النقاشية وبرامج التوك شو. وهذا يؤكد أن المستقبل للصحفي الذي يستطيع أن يطور أدواته ليجمع بين قدرات في كتابة القصة الخبرية وكشف أبعاد إضافية للخبر والقدرة علي إنتاج مادة فلمية مصورة للموقع الإلكتروني والفضائيات ملامح هذا التصور بدأت تتضح في مصر، خاصة أن الفضائيات رغم كثرتها لا تملك مخبرين صحفيين قادرين علي إنتاج مادة خاصة بالتليفزيون لذلك تعتمد في الأغلب الأعم علي المعدين أبناء الصحافة المطبوعة الذين يعتمدون بدورهم علي مطالعة ما نشرته الصحف من أخبار لمناقشة أبعادها المختلفة من خلال البرامج التليفزيونية.. فالمنافسة ستزداد والمستقبل للمؤسسات التي تملك القدرة علي التطوير والارتقاء بالعنصر البشري. الصحافة البريطانية لجأت لاتفاق فيما بينها مفاده أنه لن يتمكن مستخدم للإنترنت من مشاهدة محتوي أي صحيفة إليكترونية بدون ثمن مادي.. طرح سؤال علي جورج بروك رئيس تحرير التايمز البريطانية السابق خلال لقائه بعدد من الصحفيين بنقابة الصحفيين المصرية مساء الاثنين حول جدوي هذا القرار وهل سيقلل عدد متصفحي المواقع الإليكترونية ويزيد من الإقبال علي الصحافة المطبوعة؟ فكان رده أنه متوقع أن عدد متصفحي المواقع الإليكترونية سيتراجع إلي 10% فقط من إجمالي التصفح المجاني لكن لن تزداد مبيعات الصحف الورقية. لعل قرار الصحف البريطانية يهدف إلي الحصول علي دخل مادي مقابل المضمون الإعلامي الإليكتروني وهذا يعكس في الأساس تراجع موارد الصحافة المطبوعة بالقدر الذي أصبح معه من الصعب أن تتحمل تكلفة تقديم محتوي إليكتروني بدون ثمن.. فهل ستلجأ الصحافة المصرية لمثل هذا القرار في المستقبل مع تزايد الاعتماد علي الإنترنت ورسائل SMS في مجتمع 60% منه شباب؟!