مازال النظام الإيراني يعيش علي صفيح ساخن كنموذج للدولة الدينية التي تحارب التفكير بالتكفير وتحارب المنطق باللا منطق، لقد تحولت إيران الي لاعب رئيسي علي المستوي الإقليمي رغم كل المحاولات الرامية للحد من الطموحات الإيرانية الجامحة التي تهدد - حال تحقيقها - المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة ، كما أن تلك الطموحات ستكون بالطبع علي حساب الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة في المنطقة ، لكن السياسة الأمريكية لم يحالفها النجاح في جعل إيران تعيش في معزل عن الأطماع والطموحات الدفينة داخل العقل الفارسي، لقد انتقل الملف الإيراني أكثر من مرة من معسكر الديمقراطيين الذين كانوا يؤمنون بمبدأ الاحتواء السياسي من خلال الأدوات الدبلوماسية إلي معسكر الجمهوريين الذين اعتقدوا أن الحلول العسكرية هي الأكثر مثالية لتناول الملف الإيراني ، بيد أن كلا المعسكرين وعلي مدار عقود لم يفلح في تحجيم الدور الإيراني ووأد الأحلام الفارسية المتصاعدة ، لقد خرجت طهران بمجموعة من النجاحات إن جاز التعبير علي الصعيد الإقليمي فمثلا.. - نجحت إيران في بناء شراكة استراتيجية مع النظام العلوي في دمشق . - كما نجحت أيضًا إيران في فرض سيطرتها علي حزب الله الذي نجح بدوره في حربه الأخيرة مع إسرائيل مما أحدث بلبلة عقائدية في داخل العقل العربي. - نجحت إيران في احتضان قادة حركة حماس التي نجحت بدورها في السيطرة علي قطاع غزة مما ألقي بظلاله المخيفة علي ملفات الأمن القومي لمصر والأردن واستثمرت اسرائيل الموقف وشنت حربا شعواء علي قطاع غزة مما جعل العالم يتعاطف مع الفلسطينيين وركبت إيران الموجة التي سبقت وصنعتها بنفسها من قبل. - نجحت إيران في اختراق الحصار الخانق من جراء التواجد العسكري الأمريكي في العراق وأفغانستان عن طريق العزف علي الأوتار العقائدية للطوائف الشيعية بكلا البلدين فانقلب السحر علي الساحر وأصبحت اليد الطولي لإيران تتدخل كيفما تشاء وتعبث كيفما تشاء. - نجحت إيران في إدارة أزمة ملفها النووي مع الغرب باستخدام طريقة التصعيد الي أقصي درجة بشرط عدم الوصول إلي مرحلة الصدام الحقيقي أو ما يسمي في الأدبيات السياسية " مرحلة ما قبل الهاوية". ومع هذه النجاحات الفارسية المزعجة للبعض والمفرحة للبعض الآخر استمر النهج الإيراني التوسعي في التدخل في الشئون الداخلية للبلاد العربية المجاورة مع محاولة التحرش بالقوي الإقليمية التاريخية بالمنطقة. قامت إيران بالاستيلاء علي الجزر الإماراتية طنب الكبري والصغري. قامت إيران بمحاولة نشر المذهب الشيعي في مصر عن طريق خلايا ذات صلة بحزب الله وحركة حماس. قامت إيران بإثارة الفتن الداخلية والقلاقل داخل اليمن عن طريق الحوثيين الشيعة الذين دخلوا مرحلة تمرد كبري علي الدولة اليمنية، هذه النجاحات والتصرفات المزعجة تضع إيران كدولة ونظام ذي أيديولوجية مقلقة داخل مربع التمرد المقلق ، بيد ان النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة يحتاج الي مواجهة من نوع جديد بعيدا عن الحروب الإعلامية التي لا طائل منها وكذلك بعيدا عن التلويح بالمواجهات العسكرية. بداية المواجهة لابد أن تكون استباقية بمعني تجفيف المنابع التي ترتوي منها الأفكار الإيرانية ومحاولة سد الفراغات الفكرية والثقافية والعقائدية التي يمكن أن ينفذ منها الإيرانيون. إن مصر والسعودية وتركيا وإيران يمثلون مربع القوي الإقليمية في المنطقة لذلك يجب أن يكون هناك توازن سياسيي يمنع إيران من محاولاتها التوسعية علي حساب القوي الأخري.