لم يكن لقاء وفد قيادات حزب التجمع بقيادات أعضاء ينتمون لجماعة الإخوان المحظورة أمرًا يمكن اعتباره دون التوقف طويلاً حول نتائجه، وذلك ليس فقط بحكم اختلاف منهج ومرجعية كل منهم ولكن لأن التاريخ بين الاثنين في غاية السوء.. فرئيس حزب التجمع الدكتور رفعت السعيد هو أحد أبرز الكتاب والمؤرخين في الإسلام السياسي في تاريخ الجماعة المحظورة.. ووثائق المؤتمرات العامة لحزب التجمع جميعها تؤكد علي موقف واحد ضد الإخوان المسلمين، وضد الإسلام السياسي وضد المتاجرة باسم الدين واقحامه في السياسة، لهذا لم يكن الحوار بينهم بسيطًا فقلما كانت الحوارات بينهم وفي الغالب لا تثمر عن أي شيء علي الاطلاق. وفي كل مرة يحاول الإخوان وبمبادرة منهم أن يقتحموا «بيت اليسار» ويؤكدوا أنهم ينوون فتح صفحة جديدة مع الحزب لكن هل فعلوا؟.. وهل تحقق لهم ما أرادوا واستطاعوا التوغل داخل الحزب تحت أي مسمي سواء كان تحالفًا أو تشكيل جبهة أو ائتلافًا؟! هذا كان أبعد ما يكون عن الجماعة، إلا أنها كانت تبتغي من وراء هذا الأمر هدفين مهمين: الأول أن تأخذ التجمع بداية لمجموعة أخري من الحوارات مع أحزاب أخري باعتباره الخصم الأول الذي فتح الباب، والثاني هو البحث عن مساحة يتم من خلالها تقليل حدة الهجوم التجمعي علي الجماعة، وفضح تاريخهم علي الملأ،.. وهذا ما يفسر مساعٍ سابقة لهم باءت جميعها بالفشل، رغم وجود ميول داخل الحزب تسعي من وقت لآخر لتقريب وجهات النظر، فقط في القضايا الجماهيرية، مثل رفض مد حالة الطوارئ ورفض المحاكمات الاستثنائية، وهذا ما أكده المتحدث الرسمي باسم الحزب نبيل زكي عقب اللقاء. وقال زكي خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب اللقاء: أنه بناء علي مبادرة مشتركة من حزب التجمع وجماعة الإخوان في دمياط عقد هذا الاجتماع وأن الحزب يعمل علي طرح مشروع جديد لقانون مباشرة الحقوق السياسية الذي يضمن سلامة الانتخابات، والنضال ضد القانون «100» الذي يقيد العمل النقابي، وضد مثول أي متهم إلا أمام قاضيه الطبيعي. هكذا كان موقف الحزب المعلن لكن تصريحات زكي لن تؤكد أنه سيكون هناك حوار بين الحزب وبين الإخوان ولكن الاجتماع شهد شدًا وجذبًا بين الطرفين بشكل لافت حتي أن فريدة النقاش رئيس تحرير الأهالي شنت هجومًا علي قيادات الجماعة وقالت لهم خلال الاجتماع أنهم ضد الحريات العامة ويطاردون المفكرين وضد حرية التعبير والتشجيع علي قضايا الحسبة التي ترفع ضد المبدعين، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد ولكنهم - أي قيادات التجمع - أكدوا أن هناك في برنامج الإخوان نصوصًا ضد المرأة والأقباط وهو ما يكرس لفكرة الدولة الدينية الأمر الذي نفاه الدكتور محمد علي بشر الذي أكد أنهم في الجماعة مع دعاة الدولة المدنية ولكنه أضاف معلقًا حول التصويت للأقباط «لا تفرضوا علينا تصويتًا معينًا.. نحن لا نصوت إلا لمسلم». كما شن عضو المجلس الرئاسي للحزب حسين عبدالرازق والذي كان «مايسترو» عملية التنسيق «الزائف» بين الحزب والجماعة في انتخابات 2005 هجومًا حادًا علي قيادات الجماعة فيما يتعلق بالتنسيق في الانتخابات فيما كان هناك تنسيق في دائرتي اجا وأوسيم كانت هناك مؤامرة تحاك داخل الإخوان لاسقاط زعيم الحزب خالد محيي الدين في كفر شكر وهو ما أكده الحاضرون من قيادات الجماعة الذين أكدوا أن هناك أخطاء وقعت في الماضي ونسعي لتلافيها. ورغم حالة الخلاف الشديدة بين الطرفين خلال الاجتماع إلا أنهما أكدا أن هناك قضايا مشتركة تمت مناقشتها وستعرض علي مؤسسات الحزب والجماعة التي سعت خلال المؤتمر الصحفي لتأكيد نغمة التفاؤل وأن هناك حوارًا بينهما قد يتم في القريب العاجل ولكن موقف الحزب أكده نائب رئيس الحزب أنيس البياع الذي أكد أن الاجتماع هو خطوة للأمام وبين حزب التجمع والإخوان تناقضات وهذا ليس جديدًا أو وليد اليوم وإنما عبر سنوات طويلة. وأكد هذا الحديث أيضًا النائب الإخواني محمد البلتاجي الذي قال إن هناك مساحة مشتركة تمثل أولوية لدي الإخوان ويتوافق معها حزب التجمع، منها القضايا المتعلقة باستحقاق يدعو لتعديل دستوري وإنهاء حالة الطوارئ وتعديل قانون النقابات والعمل علي إصلاحها، مؤكدًا أن هناك استحقاقات.. وهذا لا يعني أننا نتكلم عن مرجعيات فلكل منا مرجعيته.. نحن نتحدث عن حد أدني من العمل الوطني بيننا وبين التجمع.