«فودة» يناقش الاستعدادات ل«الأضحى» ويوجه بضرورة تكثيف العمل بعد عطلة العيد    توريد 155 ألفا و923 طن قمح إلى الشون والصوامع بسوهاج    طارق رضوان يكتب: انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي والتوجهات الإقليمية    أحمد شوبير: السوبر الأفريقى يقترب من مصر على استاد العاصمة الإدارية    مصرع طالب غرقًا في نهر النيل في محافظة قنا    وزير الأوقاف يكلف لجنة لمتابعة الإعداد لصلاة العيد بالساحات والمساجد    13 يونيو المقبل.. محمد إمام يروج ل«اللعب مع العيال»    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل قصواء الخلالي: مصر سندنا الأول ونستمد منها القوة    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الحوت    ريال مدريد ينافس تشيلسي على موهبة برازيلية جديدة    مصدر حكومي: حلف اليمين الدستورية للحكومة الجديدة مقرر له بعد العودة من إجازة عيد الأضحى المبارك    مياه أسيوط: انقطاع المياه عن قرية المعابدة بمركز أبنوب لمدة 15 ساعة    العثور على خراف نافقة بالبحر الأحمر.. البيئة: نتعقب السفينة المسئولة وسنلاحقها قضائيا    الأعلى للإعلام يكشف تفاصيل حجب جميع المنصات العاملة بدون ترخيص خلال 3 أشهر    البيت الأبيض: سنتخذ خطوات جريئة في قمة السبع لإظهار ضعف بوتين    شيخ الأزهر لطلاب غزة: علّمتم العالم الصمود والمثابرة    سحلها في الفرح أمام المعازيم.. أول تعليق لأسرة عريس الشرقية: كان سوء تفاهم ورجعوا لبعض    محمد نور يضع اللمسات الأخيرة لأحدث أعماله لطرحها قريبًا    فضل صيام يوم عرفة 2024.. وأبرز الأدعية المأثورة    علي جمعة يوضح أعمال الحج: يوم التروية الثامن من ذي الحجة    قبل عيد الأضحى.. 7 أمور يستحب فعلها قبل التضحية    الإسماعيلي يحدد سعر بيع عبد الرحمن مجدي (خاص)    دي بروين يوجه صدمة مدوية لجماهير الاتحاد    عالم أزهرى يكشف لقناة الناس لماذا لا يصوم الحجاج يوم عرفة.. فيديو    رسالة جديدة من «الهجرة» للمصريين في دول النزاعات بشأن مبادرة استيراد السيارات    يوافق أول أيام عيد الأضحى.. ما حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة؟    نقابة الصيادلة: الدواء المصري هو الأرخص على مستوى العالم.. لازم نخلص من عقدة الخواجة    وكيل «صحة الشرقية» يناقش خطة اعتماد مستشفى الصدر ضمن التأمين الصحي الشامل    لطلاب الثانوية العامة.. أكلات تحتوي على الأوميجا 3 وتساعد على التركيز    أفضل طرق تخزين اللحوم في عيد الأضحى 2024    مفاجأة.. بيراميدز مهدد بعدم المشاركة في البطولات الإفريقية    مصدر بمكافحة المنشطات: إمكانية رفع الإيقاف عن رمضان صبحى لحين عقد جلسة استماع ثانية    «ناسا» تكشف عن المكان الأكثر حرارة على الأرض.. لن تصدق كم بلغت؟    عبدالقادر علام: التفرد والتميز ضمن معايير اختيار الأعمال فى المعرض العام 44    يورو 2024 - الإصابة تحرم ليفاندوفسكي من مواجهة هولندا    بريطانيا: ارتفاع مفاجئ في معدل البطالة يصيب سوق الوظائف بالوهن مجددا    «بابا قالي رحمة اتجننت».. ابن سفاح التجمع يكشف تفاصيل خطيرة أمام جهات التحقيق    حقوق إنسان الشيوخ تتفقد مركز الإدمان والتعاطى بإمبابة    بدائل الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بمدرسة الضبعة النووية بعد الإعدادية (رابط مباشر للتقديم)    رئيس الضرائب: المصلحة تذلل العقبات أمام المستثمرين السنغافوريين    قافلة مجمع البحوث الإسلامية بكفر الشيخ لتصحيح المفاهيم الخاطئة    مصرع 39 شخصا في غرق مركب تقل مهاجرين قبالة سواحل اليمن    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    تطوير مستشفى مطروح العام بتكلفة مليار جنيه وإنشاء أخرى للصحة النفسية    رئيس جامعة بني سويف يرأس عددا من الاجتماعات    تأجيل محاكمة المتهم بإصابة شاب بشلل نصفى لتجاوزه السرعة ل30 يوليو المقبل    رئيس جامعة الأقصر يشارك في الاجتماع الدوري للمجلس الأعلى لشئون التعليم والطلاب    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    عيار 24 الآن.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 11-6-2024 في محافظة المنيا    خبير سياسات دولية: زيارة بلينكن للقاهرة نقطة تحول لوقف إطلاق النار بغزة    سحب عينات من القمح والدقيق بمطاحن الوادي الجديد للتأكد من صلاحيتها ومطابقة المواصفات    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    بعد تصريحاته المثيرة للجدل.. إبراهيم فايق يوجه رسالة ل حسام حسن    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيد الأم.. وخطوط الاشتباك بين الهزل والجد
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 21 - 03 - 2010

كل سنة ونحن طيبون مهما تغيرت آراء البعض منا في عيد الأم والاحتفال به، فقد انتهي الموضوع علي الاحتفال به وبأمهاتنا وبكل ما تمثله علاقة الأم بأبنائها من قيم مازالت تمثل الحصن الحصين من بقايا قيم زمان الجميلة، أنا لست مع كل قيم زمان ولكن مع الكثير منها الذي يرتقي بإنسانية كل منا في علاقته بنفسه وبالآخرين وبالحياة، ومن ضمن هذه القيم التي تمثلها الأم في مصر بالنسبة لأبنائها هي الحماية والاحتضان والمساندة ورفع الروح المعنوية في أوقات الشدة، لا تختلف هذه القيم في مجموعها بين امرأة فقيرة أو غنية، فهي عطايا دائمة ثمينة لا تقدر بثمن وإنما يتم تثمينها متأخراً، بعد مرحلة النضج حين يكتشف كل واحد منا في أوقات مختلفة من حياته كم كان يحتاج إلي أمه في هذا الموقف أو ذاك الوقت العصيب، ثم يستعيدها من خلال فلاش باك طويل أو قصير.
ومع ذلك فعلاقتنا بأمهاتنا كثيراً ما تغيب عن التقييم والتقدير في الإطار العام، ونادراً ما تجد أحد الكبار يعترف بفضل أمه إلا في هذه المناسبة السنوية، عيد الأم، التي دعا إليها أولاً الصحفيان الكبيران علي ومصطفي أمين، ثم أصبحت عيداً شعبياً قبل أن يتصدي بعضنا لها بحجة أن استحواذ الأمهات علي عيد لهن هو انتقاص من حقوق الآباء، وقال البعض الآخر إن عيد الأم يكون سبباً في التنغيص علي هؤلاء الذين فقدوا أمهاتهم فيصبح مناسبة حزينة، وطالب البعض بأن يصبح عيداً للأسرة كلها، بينما طالب البعض بإلغائه، بل تحريمه، باعتباره بدعة غربية!.. وأنا هنا أرصد هذا وفوقه أمور أخري هي الاستفادة منه، أي من عيد الأم، من خلال منظمات وجمعيات ونواد رياضية تنتهز الفرصة لإقامة احتفالات تكريم للأمهات ويتصادف أن يقع الاختيار علي شخصيات لامعة اجتماعياً، أغلبها من نجمات السينما التمثيل تحديداً.
وفي الأيام الأخيرة كرمت مجموعة منهن في أكثر من مكان في شو إعلامي كبير لا يوازيه إلا الشو التجاري الذي يقيمه العديد من المؤسسات النشطة لتسويق منتجاتها التي تري أنها تلائم النساء تحديداً، أليس هذا عيداً للمرأة.. الأم؟.. غير أن هناك بعداً آخر للتكريم لا يمكن إغفاله هو تكريم المؤسسة الرسمية عن الشئون الاجتماعية لمصر وأعني بها وزارة التضامن، وهو التكريم الذي يتاح للأمهات المغمورات في كل مكان اللائي تم ترشيحهن من قبل الأبناء والجيران والمعارف لفرط ما قدمنه من بطولات في معافرة الحياة وترويضها من أجل الآخرين.
صفحات الجرائد والمجلات هنا هي وثائق حقيقية علي هذه البطولات للأمهات المختارات وهي تستحق الكثير من التقدير والاحترام والعناية بتقديمها بأساليب أكثر جمالاً وأناقة، وبالطبع فهناك الكثير من الأمهات اللواتي قدمن نفس الإنجازات ولم يتم اختيارهن، ربما لأن أحداً من الأبناء لم يلتفت لهذا، أو لأنهن وحيدات بعد سفر الأبناء وهجرتهم، أو موتهم، علي الأقل معنوياً، وهو ما يفسره تحقيق صحفي نشرته مجلة أسبوعية مصرية منذ أيام لأمهات في بيت للمسنين قلن فيه أن أيامهن هنا أحلي وأجمل كثيرا من أيام الوحدة في بيوتهن وبيوت الأبناء!
وهذا كلام صريح ربما يطرح علنا للمرة الأولي في إطار علاقة الأم بالأبناء وتحولاتها.. ولهذا كله استطاع برنامج تليفزيوني لفت النظر إليه وإليهن.. هؤلاء الأمهات الصامتات، وهو برنامج واحد من الناس لعمرو الليثي في حلقته الأخيرة مساء الخميس والجمعة أمس الأول علي قناة دريم، والسبب أن تقديم وتخصيص هذه الحلقة للأمهات بدا جزءاً موضوعياً من التوجه الأساسي للبرنامج ولمقدمه الباحث عن الناس في المجتمعات الفقيرة وقليلة التنمية في مصر، وكان البرنامج قد حصل في نفس التوقيت علي جائزة اليونسكو للإعلام والتنمية البشرية مناصفة مع برنامج آخر من المكسيك وهي جائزة مهمة يحصل عليها الإعلام المصري كله وليس البرنامج أو القناة التي تقدمه أو مقدمه صاحب الفكرة.
فالإعلام الخاص هنا نهض من بين أحضان إعلام الدولة في مصر، والروابط بينهما كثيرة وهذه قضية أخري، لكن أهم ما يتشابهان فيه هو عدم وجود استراتيجية تحكم علاقة الإعلام بتوجهات الدولة نحو النهضة والتنمية وتحديث المجتمع وهذا ليس كلام مثقفين وإنما ممكن تقديم الدليل عليه من هذه الزاوية تحديداً، زاوية الاحتفال بعيد الأم، أو الأم، أو المرأة، وإذا كان برنامج واحد من الناس قد حصل علي جائزة للتنمية البشرية فهو ليس البرنامج الوحيد الذي توجه إلي الفئات الأكثر شقاءً في مجتمعنا، فقبله قدمت القناة الثالثة عشرات التحقيقات التي لم تتطور بل توقفت منذ سنوات.
أما في القناة الثانية، فقد قدمت من خلال برنامج البيت بيتك الذي توقف حلقات عديدة عن المجتمعات المطحونة والفئات الشقيانة، ثم تلك الحلقة عن أهالي جزيرة الوراق مساء الأربعاء الماضي في البرنامج الجديد مصر النهاردة التي قدمها محمود سعد، الفارق هنا أن برنامج واحد من الناس مؤسس علي هذا التوجه، بينما البرنامج الآخر انتقائي لا يمكنك انتظاره أو توقع تحقيقاته عن المجتمعات الفقيرة.. وهذا فارق كبير، يصح أن نجعله مقياساً في مسألة مثل عيد الأم.
وحيث استطاع واحد من الناس أن يأخذ من نسيجه جزءاً يبرزه في هذه المناسبة، وهو تقديم الأمهات الكادحات، بينما يخضع هذا في حالة محمود سعد لتخطيط البرنامج الكلي، غير أن هناك تجربة سابقة قدمها التليفزيون المصري من خلال برنامج يتيم عرض في رمضان منذ سنوات ومازال في الذاكرة هو الست دي أمي ليوسف معاطي، وأظنه من الإنتاج الخاص واستطاع من خلال حواراته مع ضيوفه في كل حلقة إثارة الاهتمام الشديد بالجانب الإنساني والقيمي في حياتنا وطرح العديد من الأفكار المهمة والمؤثرة علي المشاهد واستعادة بعض ما فاته من مشاعر وسط دوامة الحياة، كنت أعتقد يومها أنه اتجاه سيستمر، وانفتاح واجب يطرح شئون العائلة المصرية في أعلي أوقات المشاهدة سنويا، لكنه ذهب وفضل المسئولون عن البرمجة أن يظل الشأن العائلي والإنساني للمواطن المصري، وبالتحديد النساء، مرهوناً بالمناسبات، وبالبرامج الحجرية التي بدأت معنا منذ زمن الأبيض والأسود ومازالت مستمرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.