هم جزء من نسيج الوطن يعيشون علي هامش ولا يعانون فقط من مشاكل الخدمات التي يعرفها أهل المدن وسكان الريف، فحتي الطبيعة بسيولها وحرها اللافح وبردها القارص، تحالفت ضدهم مع تجار السلاح والمخدرات والآثار والهاربين من تنفيذ الأحكام. أناس منسيون ومناطق مهمشة تفتقر لأبسط الخدمات، يعيشون حياة بدائية، أطفالهم يلهون مع الثعالب والعقارب، والجميع يلزمون بيوتهم مع غروب الشمس. فبطول مصر وعرضها هناك مئات الآلاف من المصريين لا يعرفهم أحد.. روزاليوسف كانت معهم تنقل صورة قلمية لحياتهم القاسية، إنهم ضحايا حضن الجبل. الحياة في بطن الجبل لا تختلف كثيراً في مظاهرها عن حياة الإنسان البدائي مشاهدة العقارب والثعالب والثعابين طبيعية وشبة يومية الحمير والجمال وعربات الكارو هي وسائل المواصلات تغيب كل مظاهر وسمات الحياة الحضارية الحديثة فلا مدارس ولا وحدات صحية أو إسعاف أو مطافئ وإن وجد مستشفي يكون بلا أطباء ويسكنه الأشباح بدلاً من المرضي. أكثر من 100 ألف نسمة يعيشون في حضن الجبل في قري الجبيرات والقاضي ونزلة خاطر والطوالب ونزلة عمارة وحاجر مشطا التابعة لمركز طهطا بمحافظة سوهاج بيوتها من الطوب اللبن فوق المرتفعات والمنزلقات الجبلية وتتعرض من فترة لأخري لهجمات اللصوص خاصة المنقبين منهم عن الآثار روزاليوسف رصدت تفاصيل حياة سكان الجبل ومعاناتهم والمخاطر التي تواجههم يومياً. ضحايا السيول يعيش 100 ألف نسمة تقريباً بقرية الجبيرات والقاضي ونزلة خاطر والطوالب ونزلة عمارة وحاجر مشطا التابعة لمركز طهطا والمدومة والقطنة بمركز طما بسوهاج ومركز الغنايم والقري التابعة له بمحافظة أسيوط والتي ضربتها السيول عام 1994 و1996 ولحقت بها أضرار وخسائر جسيمة ومن المتوقع أن يصبها السيل خلال شتاء هذا العام. وفي قرية نزلة عمارة وحاجر مشطا ونزلة خاطر القريبة والمتلاصقة ببعض توجد مئات من المنازل الريفية والعشوائية القديمة التي يظهر عليها فقر أصحابها معظمها بالطوب اللبن فوق مرتفعات ومنزلقات وتنشر بها العقارب والثعابين ولصوص الآثار. محمد عيد هاشم 45 عاماً من أهالي قرية نزلة عمارة يؤكد أنهم يعيشون في بؤس وجحيم بسبب انعدام المرافق والخدمات فمعظم البيوت دمرتها السيول في عام 94، 96 واللصوص تقتحم المنازل من وقت لآخر ولصوص التنقيب عن الآثار يعرضوننا للمسئولية تجاه الجهات الأمنية. ويقول فؤاد علي زيدان 58 عاماً من أهالي قرية حاجر مشطا تنتشر بالقرية سرقات الأبقار والجاموس ليلاً ونقوم بحراسة أموالنا يحمل الأسلحة وتبادل ورديات الحراسة طوال الليل خوفاً من غدر اللصوص. انعدام الخدمات ويضيف القرية تفتقد الخدمات الصحية حيث يوجد مستشفي عام حالته سيئة جداً ولا يعمل سوي فترة الصباح حتي الواحدة ظهراً ولا يوجد به سوي موظفين إداريين وبه طبيب واحد غير متواجد في معظم الأحيان وهو الآن يسكنه الأشباح. مشيراً إلي أن القرية تفتقد وسائل المواصلات ولا توجد وحدة إسعاف ولا بالقري المجاورة لنا. الحاجة فرحة عبدالسلام زيدان 55 عامًا من سكان مشروع مباني وقري السيول، تقول: بعد أن قامت المحافظة بتسليم المتضررين من السيول، غادروها معظم الأهالي خوفًا علي أرواحهم، لأنها تقع أسفل الضغط العالي والجبل ووفروا أماكن أخري لهم، ولكن مازلنا نحن و10 أسر نقيم بها لأنه لا يوجد بديل آخر لنا. وتستطرد الحاجة فرحة مازلنا نستخدم الكوانين والأفران التي تعمل بإشعال بعض الأحطاب والعشب وروث المواشي المجفف، ووسائل المواصلات والتنقل بين القري وهي عربات الكارو والحمير. فاطمة يونس 40 عامًا من أهالي قرية السيول تلفت إلي أن اللصوص والسلعوة والثعابين والعقارب تهاجم القرية باستمرار بينما يعتمد أهل القرية علي أنفسهم في إيجاد الحلول والقضاء عليها حيث لا توجد وحدات إسعاف أو مطافي، وحتي المدارس بعيدة عن المنازل بعدة كيلومترات والجميع هنا من أهل القرية يفضل العمل لأولاده حتي يجدوا لقمة العيش ومعظم الأطفال كما تشاهدهم يلهون ويلعبون وسط العقارب والثعابين طوال اليوم، فالقرية لا توجد بها سوي الرمال والهضاب الخاوية. اكتفاء ذاتي وتوضح عطيات محمد المحزم 38 عامًا من أهالي القرية الجميع هنا لديه اكتفاء ذاتي ولكن ما نفتقده هو الخدمات الصحية فالعديد من السيدات يتعرضن لإجهاض متكرر أثناء الحمل وفي أثناء الولادة فمازلنا نعتمد علي الداية، كما أن برامج تنظيم الأسرة لا نسمع عنها سوي في التليفزيون فقط ولا تصل إلينا، ولا نقوم بتنظيم النسل. ويقول أحمد فتحي عضو مجلس محلي القرية إن هناك مشاكل متعددة يعاني منها جميع أهالي نزلة عمارة وحاجر مشطا ونزلة خاطر البالغ عددهم تقريبًا 26 ألف نسمة، ويتبعون مجلس قروي الصفيحة، وذلك بسبب وقوع منازلهم أسفل الجبل فهم معرضون لمخاطر السيول التي دمرت ثلث المنازل في عامي 94، 96 فقامت الدولة بتعويضهم وبناء قرية السيول، ولكن نظرًا لموقعها السيئ وطراز بنائها فقد رفض معظم الأهالي السكن بها، ووفروا أماكن بديلة بوسط القرية واتخذوا هذه الأماكن مخازن لهم. وقد تمت مناقشة ذلك بالمجلس منذ عامين لوضع الحلول المناسبة لمعظم المشاكل التي يشكو منها الأهالي باستمرار والمتمثلة في زيادة وانتشار السرقات وعدم وجود وحدات إسعاف ومهاجمة لصوص الآثار ولكن دون جدوي حتي الآن. برامج التوعية معدومة ويضيف حسين عبدالفتاح محام من أهالي المنطقة إن الحياة التي يعيشها المواطنون هنا غير آدمية حيث يفتقدون لأهم المرافق فمازال الناس يتعاملون مع الكوانين والأفران التي يتم إشعالها بالأخشاب وروث الحيوانات المجفف من أجل طهي الطعام والخبز وتسخين المياه للاستحمام وبعض الأهالي لديهم إمكانيات أخري من البوتاجازات والآلات الحديثة. ويؤكد وجود مشاكل تنموية حيث إن برامج التنمية لا تصل إلينا، كما أن نسبة الأمية حسب التقارير الرسمية بلغت 35٪. والأهالي يعتمدون علي أنفسهم في أخذ أمصال العقارب والثعابين التي تنتشر في الأراضي الصحراوية.