هم جزء من نسيج الوطن يعيشون علي هامشه ولا يعانون فقط من مشاكل الخدمات التي يعرفها أهل المدن وسكان الريف، فحتي الطبيعة بسيولها وحرها اللافح وبردها القارس، تحالفت ضدهم مع تجار السلاح والمخدرات والآثار والهاربين من تنفيذ الأحكام. أناس منسيون ومناطق مهمشة تفتقر لأبسط الخدمات، يعيشون حياة بدائية، أطفالهم يلهون مع الثعالب والعقارب، والجميع يلزمون بيوتهم مع غروب الشمس. فبطول مصر وعرضها هناك مئات الآلاف من المصريين لا يعرفهم أحد.. روزاليوسف كانت معهم تنقل صورة قلمية لحياتهم القاسية، إنهم ضحايا حضن الجبل. رغم التصريحات التي أطلقتها محافظة القاهرة حول عمليات الإخلاء والإزالة للمنازل العشوائية التي بنيت أسفل وفوق الهضاب الجبلية بعزبة خير الله وأسطبل عنتر وبطن البقرة بمصر القديمة والتي جاءت بعد دراسات علمية دقيقية إلا أن سكان هذا الجبل يتحدون الموت ويعيشون في أحضان الصخور بين العقارب والثعابين. في منطقة عزبة خير الله وأسطبل عنتر بدار السلام والتي لا توجد أرقام دقيقة حول عدد السكان الذين يعيشون فوق صخورها أو أسفلها ومنذ أكثر من عام سقطت قطعة صخرية علي منزل ملاصق للهضبة الأمر الذي أدي إلي إبلاغ المحافظة والتي قامت تجنباً لوقوع كارثة دويقة جديدة بدراسة الصخرة وأزالت بعض المنازل التي تقع أسفل عزبة خير الله وتركت باقي المنازل تواجه المصير المر وأصبح الأهالي الذين لم تتم إزالة منازلهم في خطر دائم في مواجهة الجبل وبقايا الإزالات التي يمكن أن تنحدر وتسقط علي المنازل إلي جانب أنها أصبحت مقلباً للقمامة والحيوانات النافقة. وعلي حافة الصخرة الخاصة بعزبة خير الله والمطلة علي أسطبل عنتر والتي تقع بجوار الطريق الدائري يوجد بجوار المباني التي تمت إزالتها بناءات حديثة وصل ارتفاعها لخمسة أدوار في غفلة من الحي والمحافظة. عاطف عبدالعال من أهالي المنطقة يؤكد أن غالبية الأهالي في منطقة عزبة خير الله يتمنون الإزالة والحصول علي شقة في مساكن 6 أكتوبر أو أي مدينة أخري بعيداً عن الحياة البدائية التي نعيشها. ويضيف عيد محمد عبدالسميع من أهالي المنطقة علي بعد أمتار من الجبل يجري حاليا توصيل الصرف الصحي رغم أنه لا يبعد عن الازالات سوي عشرات الأمتار، الأمر الذي يؤكد أن الحكومة لن تزيل هذه المنطقة، حيث أصبحت الآن كاملة المرافق من مياه شرب وكهرباء إلي جانب الصرف الصحي الجديد، مشيرا إلي أن التصريحات التي ترددها المحافظة غير واقعية فهل تستطيع نقل 600 ألف مواطن من عزبة خيرالله وتوفير مساكن بديلة لهم، وكيف تكون الهضبة خطرة والمحافظ يؤكد في العديد من تصريحاته أنه سيجعلها منطقة سياحية وخدمية. وفي أطراف عزبة خيرالله والتي تبلغ مساحتها 480 فداناً وتعتبر أكبر المناطق العشوائية في مصر، تجد الشوارع والمنازل المتهالكة وأسلاك الكهرباء المكشوفة والعشش المبنية من الخشب إلي جانب انتشار القمامة التي تزكم الأنوف فيعيش أهاليها في مناطق غير أدمية وينتظر البعض ازالتها حتي يتخلصون من الجحيم. وأسفل جبل عزبة خيرالله تقع منطقة بطن البقرة بمصر القديمة التي يعيش بها ما يقرب من 40 ألف نسمة، وهي منطقة منخفضة في قلب الصخور أغلبها يتكون من عشش وبيوت مبنية من الصفيح والخشب. وفي سياق متصل كشفت دراسة أجرتها الدكتورة ليلي البهنساوي أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة عن منطقة بطن البقرة ومعاناتها من مشكلات لا نهاية لها أولها يتمثل في غياب البنية الأساسية حيث لا توجد بها أي مرافق تصلح للعيش الآدمي، ويوجد بها ما يقرب من 5 آلاف أسرة تعمل في صناعة الفخار وباقي مواطنيها يعملون في فرز القمامة وكان يتم تربية الخنازير بها قبل إعدامها والتخلص منها. وأكدت الدراسة أن معظم المواطنين المقيمين بها يعانون من أمراض مزمنة وشدة الفقر نتيجة الملوثات. ويقول أحمد سيد حسين من أهالي المنطقة نفتقد الحياة الآدمية، المنطقة مبنية بالعشش والصفائح وتسكنها الكلاب الضالة والحيوانات المفترسة التي تنزل من الجبل ولا توجد أي خدمات صحية ولا وحدة إسعاف والجميع يعانون من أمراض مزمنة خاصة الذين يعملون في فرز القمامة وفي أفران الفواخير. مريم فوزي من الأهالي تشير إلي أن الطوب الأحمر تصدع وننتظر الازالة بفارغ الصبر خوفا علي أطفالنا وحياتنا من الموت تحت الصخور. ويلفت فوزي حليم إلي أن مافيا تجارة الأزالات سارعت بالبحث عن الأخشاب الخاصة بالمنازل وكذلك الأبواب إلي جانب الحديد المسلح لاستخراجها وسرقتها من الأهالي.