لا أعتقد كثيراًً في نظرية المؤامرة، وإن كانت في بعض الأحيان تبدو التفسير الوحيد المقبول، أو حتي المتاح، لإجلاء غموض بعض التصرفات أو الظواهر التي لا يتواجد لها تفسير منطقي، لذلك ألتمس القراء عذراً في محاولة تلمس ما إذا كانت هناك مؤامرة تحاك بليل لقطاع البترول ووزيره المهندس سامح فهمي أم لا.. علي خلفية أزمتين مفتعلتين متتاليتين الأولي خاصة بأنابيب البوتاجاز، والثانية بالسولار، وهما موضوعان يتعلقان بكل بيت مصري تقريبا. شخصيا لا تربطني أي علاقة من أي نوع بوزير البترول، أو حتي بشركاته، بل علي العكس تماماً لدي تحفظات عديدة علي موضوع تصدير الغاز لإسرائيل رغم حكم القضاء الإداري، ولا أستطيع تقبله نفسياً، وسأظل أتساءل لو كانت إسرائيل هي من ينتج الغاز، ونحن من نحتاجه، هل كانت ستبيعه لنا؟ ومع ذلك فإن الإصرار علي افتعال أزمات متتالية في قطاع البترول يبدو غريبا بعض الشيء، فالبوتاجاز مثلا، ووفق كل البيانات والأرقام حول هذه الأزمة يتضح أنه ما تنتجه شركات البترول من اسطوانات الغاز، وما تضخه إلي المنازل عبر شبكاتها، يكفي الاحتياجات اليومية ويفيض، ومع ذلك جري افتعال أزمة خلقت سوقا سوداء استمرت لفترة. أما في موضوع السولار، فالمعتاد منذ سنوات رؤية طوابير السيارات في محطات الوقود، نظراً لقلة طلبمات ضخ السولار داخل المحطات مقارنة بالبنزين، ولزيادة سعة تنكات سيارات النقل والحافلات والميكروباص، مما يعني أن المعدل الزمني للتزود بالسولار داخل المحطة يفوق نظيره علي طلمبات البنزين بمختلف أنواعه. ومع ذلك جري تصوير بعض هذه الطوابير وتسويقها علي اعتبار اننا نعيش أزمة سولار جديدة، أدت إلي تدافع من المواطنين، وإزدهار تجارة السوق السوداء، عبر آلاف الأشخاص الذين تدافعوا إلي المحطات بجراكن للحصول علي السولار المدعم وإعادة بيعه بأسعار أكبر وتحقيق أرباح غير مشروعة. هذا ما حدث ويحدث منذ أسابيع، فهل نحن أمام حملة خفية للإنقضاض علي وزير البترول، بإظهار التقصير في قطاعه، وتضخيم مشاكله العادية وتحويلها لأزمات لإحراج الوزير أمام القيادة السياسية؟.. أم المقصود تنظيم حملة اغتيال شعبية للمهندس سامح فهمي.. وتسويق وزارته علي أنها مسئولة عن موضوعات تدخل في صلب الحياة اليومية للمواطنين؟ ليس لدي في الواقع إجابة منطقية علي أزمات البترول المصطنعة، ويبدو ان أيا من إجابة السؤالين السابقين قد يكمن فيها حقيقة تفسير ما يجري.. مما يعني أن علينا التفتيش وراء نظرية المؤامرة، لأن بعض ما يحدث في مصر هذه الأيام خارج كل ما هو منطقي أو يفترض أن يكون معلوما، وحين تجتهد في البحث عنه لا تري له أقدام، وغالبا ما ينتهي دون أن تظهر الحقيقة.