د. زكي البحيري أستاذ التاريخ بكلية التربية - جامعة المنصورة توالت ردود أفعال أساتذة الجامعات والقراء حول سلسلة الحوارات التي تبنتها روزاليوسف علي مدي 20 حلقة تحت عنوان حلم النهضة.. ليس مستحيل لتشخيص أحوال الجامعات وطرح روشتة العلاج كاملة ولم تقتصر علي الثناء الشفهي والتحركات الرسمية والتعليق علي موقع الجريدة الإلكتروني بل امتد لطلب عدد ليس قليل من الأساتذة المهموميين بالقضية والمتابعين للحوارات التعليق كتابيا من خلال المقالات المنشورة اليوم.. ونظرا لضيق المساحة ثم انتقاء مجموعة من المقالات.. ونعتذر عن عدم نشر الباقي رغم تقديرنا الحقيقي لما جاء بها. وتعدروزاليوسف باستكمال نقاش جاد حول قضايا التعليم المختلفة لإيماننا بهذه القضية. أجرت روزاليوسف عددًا من الحوارات مع عدد من أساتذة الجامعات والمسئولين عن البحث العلمي خلال شهر فبراير المنصرم، الثرية والمفيدة، ومن خلال قراءتنا لها وجدنا أنها تدور حول عدد من المحاور الأساسية، رأينا أنه من المهم عرض هذه المحاور والتعليق علي ما جاء فيها وهي:
أولاً: البني التحتية للجامعات ومراكز البحث العلمي: كثير من الجامعات، والكليات تم اتخاذ قرار إنشائها علي عجل - سواء أكانت حكومية أو خاصة - دون أن تكون قد توفرت لها صلاحيات العمل الجامعي الرصين، فكم من كلية تم افتتاحها في مبني مدرسة ثانوية، كما حدث في طنطا، والمنصورة، وكفر الشيخ... إلخ، ويترتب علي ذلك صعوبة تحقيق عملية تعليمية جامعية مناسبة، كما يؤكد د. محمد كمال عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني، والأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وفضلاً عن ذلك فإن عدد الجامعات ومراكز الأبحاث في مصر محدود ولا يتناسب مع عدد السكان مما يتطلب زيادة عدد الجامعات سواء أكانت أهلية أو حكومية أو حتي خاصة بشرط ألا يكون هدفها الربح وإلا انتفت العملية التعليمية والبحثية. ثانيًا: تركز التحقيقات علي أهمية البحث العلمي ومدي تدني المستوي المصري والعربي في هذا المجال فإسرائيل تساهم وحدها بحوالي 3 ٪ من الأبحاث في العالم مقابل أقل من 1 ٪ لكل البلدان العربية، وهذه الدولة الصغيرة لديها (6) جامعات ضمن ال500 جامعة الأولي في العالم مقابل لا شيء لكل البلدان العربية بما فيها مصر، وتنفق إسرائيل ذات الثمانية ملايين نسمة نحو 9 مليارات دولار (50 مليار جنيه مصري)، بينما لا تنفق مصر 10/1 من هذا المبلغ وهو بلد ال80 مليون نسمة، فالبحث العلمي لا تتوفر له الإمكانات المادية والأجهزة، والمشروعات، أي أنه لا استراتيجية له كما يقول د. هاني الناظر، الرئيس السابق للمركز القومي للبحوث. ثالثًا: يجمع كل أساتذة الجامعات، علي أن مرتبات هيئات التدريس والباحثين متدنية بدرجة مثيرة للسخرية فالدكتور حسين عويضة رئيس المؤتمر العام لأندية هيئة التدريس، والدكتور شريف مختار أستاذ أمراض القلب بطب القصر العيني نطق كل منهما نفس العبارة في التحقيق معه وهي أن مرتبات أساتذة الجامعات لا تسر عدوا ولا حبيبًا، وهذا هو السر وراء هروب الأساتذة إلي خارج مصر، والسر وراء انتشار الدروس الخصوصية بالجامعات، ووراء وجود الكتاب الجامعي الذي قال عنه د. إبراهيم البحراوي بآداب عين شمس إنه - أي الكتاب الجامعي عار علينا، وطالب البحراوي برفع مرتب المعيد إلي 4000 جنيه... وتدرج في عرضه في مقترح المرتبات لكي يصل الأستاذ إلي ما يتراوح بين 15000 و20.000 جنيه شهريًا أسوة بالقضاء بل أسوة بما هو جارٍ في البلاد الأخري.. ويري بعض الأساتذة أن ميزانية التعليم يجب ألا تقل عن 100 ملياراً جنيه علما بأن بنود توفيرها موجودة، من خلال ترشيد الاستهلاك مما يوفر 30 مليارًا، وإلغاء دعم المصانع الكبري مما يوفر 15 ملياراً، ومصروفات الطلاب خاصة القادر - حتي يشعروا بقيمة وأهمية - التعليم، مما يوفر مبالغ كبيرة، ومساهمات رجال الأعمال مما يوفر الكثير كبلدان العالم الأخري. رابعاً: والملاحظ أن هذه الحوارات المهمة التي أجراها الصحفي محمد الشرقاوي لم يركز فيها الأساتذة علي الحديث عن ضرورة تغيير المناهج الجامعية، وتطوير طرق التدريس وأساليب التدريب، كما لم يلفت النظر إلي شيء مهم وضروري للبحث العلمي لجميع الطلاب والأساتذة وهو المكتبات والمعامل وأجهزة البحث، كذلك لم تشر التحقيقات إلي سلبية وجود قوات أمن داخل المؤسسات الجامعية مما يعيق حرية الفكر والإبداع ومما يشعر رجال الجامعة وطلابها بأنهم في معسكر وليس في مؤسسة أكاديمية.