متفائل.. أتابع قرارات وتصريحات وزير التعليم الجديد الدكتور أحمد زكي بدر، الرجل يحاول أن يكون علي بينة من أمره، فمحاور المنظومة التعليمية متعددة ومتداخلة ومتشابكة الي حد كبير، مشاكل التعليم في مصر تدعو للقلق فثمرة العملية التعليمية غير ناضجة ولا تقوي علي منافسة مثيلاتها حتي في السوق المحلي، الهوة سحيقة بين المستوي المعروض والمستوي المطلوب، قطار التعليم يحتاج الي إصلاح عاجل وبالطبع لا يمكن أن نوقف القطار وندخله الي ورشة الإصلاح فلابد أن نجري كافة عمليات الإصلاح والقطار يسير دون توقف، الوزير الجديد يحاول أن يصنع ذلك، لكنه أبدا لن ينجح بمفرده، فإصلاح التعليم مهمة مجتمعية شاملة وعاجلة وشاقة، إنها مسئولية الجميع، الوزير الجديد يبحث عن خارطة طريق جديدة لانتشال التعليم المصري من كبواته وعثراته، فلنتركه يعمل دون ضجيج أو وصاية.. ومن يملك منا رأيا أو رؤية جادة فعليه أن يعرضها أمام الوزير دون تشدد أو وصاية أو مزايدة. لقد تابعت حوارا للوزير مع محمود سعد في برنامج البيت بيتك علي الفضائية المصرية في هذا الحوار طلب محمود سعد من الوزير الي ضرورة الإطلاع علي أفكار ورؤي النخب المصرية المعنية بقضايا التعليم وخص بالذكر العالم المصري النابغة الدكتور محمد غنيم وأبدي الوزير استعداده لسماع كل الآراء دون قيد أو شرط، في هذه الأثناء تذكرت لقاء جمعني والدكتور غنيم بمكتبه بمعهد الكلي بالمنصورة ودار بيننا حوار جاد حول التعليم في مصر أعرض أجزاء منه في هذا المقال : " إن التعليم المصري عبارة عن عدة أنماط متباينة فهناك التعليم الحكومي و التعليم الخاص والتعليم الديني والتعليم الأجنبي.. هذه الأنماط تولد اجيالا متنافرة ليس لديهم قاعدة ثقافية مشتركة إذا تحدثنا عن التعليم الحكومي العام وهو يستوعب 15 مليون طالب بمعني أنه يمثل مستقبل الأمة حاليا فإن الإنفاق علي هذا القطاع حوالي 21مليار جنيه أي أن نصيب الفرد حوالي 1250جنيها بما يعادل حوالي 200 دولار سنويا، بينما الفرد المماثل في إسرائيل في التعليم قبل الجامعي يكلف الدولة اليهودية 1500 دولار، أما التعليم الجامعي فهو في حالة تقهقر بسبب الزيادة الرهيبة في أعداد الطلاب المقبولين في هذه المرحلة التعليمية هذه الزيادة ناتجة عما نستطيع أن نسميه السياسة الاسترضائية للجميع، ونلاحظ أن الحلول التي اتخذت لحل هذه المشكلة هي حلول خاطئة تماما فمثلا لا يوجد في الشرق أو الغرب وفي أعتي الدول الرأسمالية مايعرف بالتعليم الجامعي الخاص!! هناك ما يعرف بالتعليم الجامعي الأهلي غير الحكومي الذي لا يهدف الي الربح أكرر لا يهدف الي الربح وإذا كانت هناك فوائض مالية يعاد ضخها إلي نفس المؤسسة في صورة تطوير وتحديث وإجراء المزيد من الأبحاث العلمية وإقامة المعامل وتجهيزها. أما النمط الموجود في مصر ودول الخليج فهو بالفعل شيء غريب جدا، فتلك الجامعات تهدف الي الربح وترتيبا علي ذلك علي استهداف تلك الجامعات للربح لا تقوم تلك الجامعات بابتعاث مبعوثين الي الخارج لإن تلك الجامعات لا تقوم بمهمة أساسية للتعليم الجامعي وهي البحث العلمي. ثم أتساءل من يقوم بالتدريس في تلك الجامعات الخاصة بما فيها الجامعة الأمريكية ذاتها؟ بالتأكيد هم نفس أساتذة الجامعات الحكومية أي أنه استنزاف لموارد الدولة من هؤلاء الأساتذة لأن الحاصل علي الدكتوراه في مصر من الخارج يكلف دافع الضرائب ما بين مليون ومليون ونصف جنيه، ولهذا نري أن التعليم الأساسي واجب علي الدولة وهو حق من الحقوق الذي يجب أن يكفلها الدستور للجميع، ويجب أن يكون التعليم الأساسي متميزا بثلاثة عناصر أن يكون (مجانيا) و(إلزاميا ) و (جيدا)، التعليم الأساسي الذي يستغرق اثني عشر عاما وليس تسعة أعوام، فالقرن الواحد والعشرون به من المعارف والمهارات التي يجب أن يتعلمها الجميع في هذه السن. وحتي نحصل علي تعليم جيد فلابد أن نلتزم بالآتي: لا يزيد عدد التلاميذ في الفصل علي 30 طالبا. أن يكون هناك معلم مؤهل ذو أجر مرتفع إعادة صياغة المناهج بما يتواءم مع متطلبات القرن الحادي والعشرين. إعادة صياغة الكتاب المدرسي ليصبح كتابا معلما وهو الكتاب الذي يستطيع الطالب أن يتعامل معه بمفرده وبمساعدة محدودة من المعلم. وما ينفق علي التعليم الاساسي اليوم في حدود واحد وعشرين مليار جنيه سنويا، والبرنامج الذي ذكرته آنفا يكلف الدولة ما بين 40 و 45 مليار جنيه سنويا، معني ذلك أن الفارق بين ما ينفق علي التعليم الأساسي بوضعه الحالي يقل عن المطلوب بحوالي عشرين مليار جنيه سنويا. أما التعليم الجامعي فيجب أن يكون تعليما مميزا يمكن أن نطلق عليه تعليم الصفوة ويجب أن يكون الطالب الذي يلتحق بهذه النوعية من التعليم خلاقا ومبدعا وهناك نظامان للتعليم الجامعي:- الأول هو النظام الأوربي الإنجليزي ووفق هذا النظام يجب أن يقضي الطالب عامين علي الاقل للحصول علي شهادة البكالوريا العالمية بعد انتهائه من التعليم العام أو العالي العادي. أما النظام الأمريكي فهناك تعليم جامعي عام في العلوم الوضعية مع بعض الدراسات الإنسانية، وينتهي كلا النظامين بالحصول علي درجة البكالوريوس وبعد هذا تكون هناك مرحلة أخري أكثر تميزا للنوابغ وهو التعليم الجامعي (المتخصص) وليس الخاص.