سبق وأن كتب الكثيرون ونحن معهم عن الزيادات الرهيبة في فواتير وأسعار الكهرباء وأنها فوق طاقة الغالبية لتزيد من معاناة الأسر وأن فاتورة الكهرباء أصبحت كابوسا ثقيلا. وأنه لا يتم الإعلان صراحة عن زيادة أسعار الكهرباء ويتم التحجج بأنها زيادة سنوية بنسبة 5 ٪ وأن زيادة الفاتورة هي نتيجة زيادة استهلاكك بل إسرافك. ويصاحب ذلك إصرار علي عدم الإعلان صراحة عن سعر وحدة الاستهلاك والشرائح الجديدة وما الذي طرأ عليها، ربما بسبب الخجل من الإعلان صراحة عن هذه الأسعار علي الملأ أو في الصحف حتي لا يتم التوصل إلي نسب الزيادة الكبيرة في الأسعار عبر سنوات وحتي يتم تجنب تذمر المستهلك والسخط العام. وبالرغم من أنه سابقا كانت أسعار الشرائح والكيلووات مطبوعة علي ظهر الإيصال بل وسيتصدي البعض لك بردود جاهزة عن أن الدولة تدعم أسعار الكهرباء...إلخ وبأن سعر الكهرباء محليا أقل من الأسعار العالمية وأقل منه في الدول الأخري وذلك دون مقارنة ما بين مستوي الدخل المحلي ومستوي الدخول والأسعار في تلك الدول. علما بأن شركات الكهرباء أصبحت كيانات مستقلة أي أن المكسب من زيادة الأسعار والعائد لا يؤول مرة ثانية للحكومة وبالتالي للمواطن بل مكاسب غير مبررة لأفراد وكيانات خاصة في معظم الأحيان ينتفع بها البعض. وبحسب المنشور بتحقيق في إحدي الجرائد 15 فبراير 2010 فهناك مشروع قانون موحد للكهرباء معروض علي مجلس الوزراء في طريقه للمناقشة أمام مجلسي الشعب والشوري ومن ثم الإصدار. وتم التساؤل بحق كما نتساءل نحن والجميع: هل يكون ذلك سببا لرفع قيمة فواتير الكهرباء وإضافة مزيد من الأعباء علي المواطنين ؟ وهو ما يهمنا. وورد أن مشروع القانون من أهدافه توفير الكهرباء لتلبية الطلب المتزايد علي الطاقة الكهربية بما يضمن الوفاء باحتياجات خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة مع المحافظة علي مصالح المستهلكين وتحقيق التوزان بينهم وبين مقدمي الخدمة - لاحظ ذلك. كما ورد تأكيد مفاهيم الشفافية ومنع الاحتكار وإيجاد سوق تنافسية للكهرباء وعبارات عن ترشيد الطاقة وكفاءة الاستخدام والبيئة والطاقة المتجددة والتنمية المستدامة وكل هذا جميل إن صح ونرجو له ذلك. ثم يذكر ضرورة وجود آليات للسماح بحرية المنافسة وتشجيع الاستثمارات الخاصة في المرافق العامة وضرورة وجود آليات لحماية المستهلك، وورد ذكر خدمة مقدمة للمستهلك بأسعار منافسة- لاحظ ذلك مرة ثانية. والسؤال المشروع والمهم هو: هل حماية المستهلك ستتحقق بالفعل كما ذكر وكما نأمل أم أن شيئا آخر سيحدث ؟ وردا علي سؤال: هل يؤثر ذلك علي أسعار الكهرباء؟ ذكر أن الدعم والأسعار هي دور الدولة وأنها المسئولة عن الدعم وأن هذا الدعم يقدم للمواطن لا لشركة الكهرباء بما مفاده كما ورد أن يدار قطاع الكهرباء علي أسس اقتصادية لكن سعر البيع النهائي للمستهلك هو اختصاص الحكومة وأن قطاع الكهرباء كما ذكر »داعم ومدعوم« في ذات الوقت بحصوله علي دعم في شكل بترول لإنتاج كهرباء رخيصة وضمانات حكومية لتمويل مشروعات وأن يكون الدعم للمواطن علي أن تقوم الدولة بالدفع نيابة عنه وأن علي الدولة إن قررت دعما لجهة أو فئة ما أن تسدد لقطاع الكهرباء تكلفة هذا الدعم. وورد بالرد أن أسعار الكهرباء من الطبيعي أن ترتفع نظرا لارتفاع تكلفة الوقود ومرتبات الموظفين وتكلفة المحطات والإنتاج ...إلخ. وأن الدولة لو أرادت توفير الدعم فلابد أن تغطي الفارق ما بين الزيادة في التكلفة وما يتحمله المستهلك وأن دور الدولة هو تقديم الدعم إن أرادت وأن دور قطاع الكهرباء هو الإنتاج. وهذا كلام يبدو ظاهريا معقولا إلا أن باطنه خطير وغير مقبول. إذ يظهر أن مشروع القانون ظاهره الرحمة وباطنه العذاب. فهب أن قررت الجامعات الحكومية أن تقتفي أثر قطاع الكهرباء وقررت أن تكون تكلفة التعليم الجامعي حقيقية وأن تكون مرتبات أعضاء هيئات التدريس مسايرة للمعايير العالمية وتطالب الطالب بسداد تكلفة ذلك وهو مئات الألوف وليس بعض العشرات من الجنيهات علي أن تتحمل الدولة دعم من تريد، أما الجامعة فتتقاضي التكلفة كاملة غير منقوصة وتدار علي أسس اقتصادية وترفع أسعارها كل حين كما تشاء !! أما الدولة فشأنها ودعم من تريد. وطبق هذا علي المدارس الحكومية ثم علي الخبز وهكذا وستري أي فوضي وارتفاع أسعار يصبح فيه المجتمع بحيث يعجز الأغلبية عن العيش تحت شعار الإدارة علي أسس اقتصادية بدون ضوابط بل سيتم تحميل الدولة أعباء دعم لا قبل لها به. فلماذا لا يقوم قطاع الكهرباء بمحاسبتنا علي أساس مدخلات إنتاجه من اندفاع مياه السد العالي وطاقة الرياح والطاقة الشمسية وكذا المهندسين والفنيين الذين يفرزهم له المجتمع علي الجاهز دون أن يتحمل القطاع أية نفقات لتعليمهم أو إعدادهم ويستفيد منهم مباشرة وهكذا. ولماذا لا تتم محاسبتنا ودفع مرتباتنا علي أساس الأسعار العالمية حتي ندير حياتنا علي أسس اقتصادية كما يطلبون لأنفسهم وحتي نضاهيهم وحالها فقط سنتمكن من سداد أسعار الكهرباء المبالغ فيها التي يطالبون بها ، بل بزيادتها أيضا بل يبدو أنهم يخططون لذلك!!. ولماذا لايتم الإعلان للجميع عن تطور أسعار الكهرباء الحالية ومنذ خمس سنوات والمتوقع لخمس سنوات قادمة لجميع الشرائح؟ أذلك من الأسرار؟ بل أين مفاهيم الشفافية الواردة بالمشروع؟ والأهم من ذلك: أين دور جهاز وجمعيات حماية المستهلك من هذه الممارسات وما يماثلها أم نترك الطفرات المستمرة في أسعار الكهرباء بلا رقيب ولا حسيب أو حتي إعلان أو تنبيه؟! .