ظل الدكتور احمد مستجير العالم المتخصص في الهندسة الوراثية يحلم ان يكون العلم والتكنولوجيا في متناول كل البشر: المتعلمين والأميين ومابينهم ممن لايستطيعون التفرقة بين "الالف وكوز الذرة". ولذا فقد ظل يقدم إلي اخر يوم في حياته، المفيد والطريف والغريب والعجيب بل والممتع في هذا المجال "الحيوي".. بدءا من الهندسة الوراثية في المجاليين الزراعي والحيواني وانتهاء ب/ الاستنساخ او الكلونة (وهو المصطلح المفضل لديه). في سلسلة الالف كتاب الثاني رقم 310 ترجم الدكتور مستجير كتابا ظريفا خفيفا (نفذت طبعتاه الاولي والثانية واتمني ان يعاد طبعه ليستمتع القراء به) بعنوان "الوراثة والهندسة الوراثية بالكاريكاتير "تأليف لاري جونيك ومارك هويليس. والكتاب يحكي قصة الهندسة الوراثية (البيوتكنولوجيا) او الهندسة الحيوية بالكاريكاتير. وما ادراك ما الكاريكاتير الحيوي او البيو-كاريكاتير، ظرف وخفة دم .. ومعلومات و"علم" وغوص في "الاركيولوجيا الوراثية" انقل لك "عزيزي القارئ" فقرة من الغلاف الاخير للكتاب بقلم المترجم باللهجة العامية المصرية: "طبعا مش معقول واحد مصري مثقف ومتعلم ولونص علام يدخل عليه القرن 21 وهو موش عارف يعني ايه الهندسة الوراثية اللي بيقرأ عنها كل يوم في الجرايد. مش معقول أبدا! الحقيقة ان ده اللي خلاني اترجم الكتاب الظريف ده. الهندسة الوراثية ح تحل مشاكل كتيرة خالص خصوصا في الزراعة وفي الطب، ح تكون من اهم المواضيع اللي ح تشغل العلماء في القرن اللي جاي، هيه طبعا والبيولوجيا الجزيئية عموما!! ليس سهلا تلخيص هذا الكتاب البيو - كاريكاتيري والذي لم يعد له اي اثر في الاسواق. فكيف يمكنك اختصار كاريكاتير محتشد بالطرافة و"التاريخ الوراثي، الحيوي ،المعلوماتي؟ لكن انقل لك جانبا لفت نظري في هذا الكتاب الذي لم يأخذ حقه الاعلامي الي اليوم.. وربما يفتح شهيتك لولوج هذه "المتاهة الحيوية" المملوءة بالاسرار الجينية. البعد الاول من الزاوية التي توقفت عندها هو اختلاط الخرافة بالاسطورة في اذهان الدهماء وعامة الناس الذين لايعرفون شيئا عن الهندسة الوراثية. تحت عنوان حكاية قطيع يعقوب تأتي هذه الاسطورة الخرافية وانا انقلها من العامية إلي الفصحي: "وافق يعقوب علي ان يرعي قطيع الماعز الذي كان يملكه حماه "لابان" مقابل اجرة هي اخذ كل المعيز المبقعة والمبرقشة علي ان ياخذ لابان الماعزات السوداء بشرط الا يتم تلقيح المجموعتين، لكن راعي قطيع يعقوب لجأ إلي طريقة "سحر الخصب" وذلك بتقشير عيدان الصفصاف لكي يظهر اللون الابيض، وكان يضع العيان البيضاء قريبا من المشرب الذي يرتوي منه القطيع فتري اللون الابيض فتلد ماعزا ابيض! هذا كلام "خرافي" لانصيب له من الصحة العلمية إن تاريخ الخرافات والاساطير متجذر في "عمق" زمكانية التاريخ والجغرافيا ومتواشج علي شاكلة التواشج الحيوي البيولوجي ،لكن ذلك لاينفي وجود ملاحظات وراثية من التاريخ القديم: "فالصينيون اكتشفوا الفئران الراقصة ،وهي تعتبر طفرة تجعل الفأر يترنح ويدور حول نفسه". "اما الاغريقي زينوفون فكانت له جملة وراثية عن تربية الكلاب هي (نقي الكلب كويس علشان توصل لهدفك)!! ويطرح الكتاب بالتلخيص الكاريكاتيري رؤية سقراط وأبوقراط وأرسطو في "البيولوجيا" ثم الرومان، ثم اكتشاف العالم الهولندي انطون ليفنهوك للبكتريا والخلايا المنوية، ويسجل عبارة وليم هارفي 1578- 1657 كله بيطلع من البيض"!! ثم عثور الراهب جريجورماندل علي الجين وبداية عصر التهجين وبداية التعميق في دراسة عمل وسلوك الكروموزومات والجينات، وتمهيد الطريق امام التعرف علي الخريطة الجينية وأسرار الطفرات الجينية، وما هي الفروق الوراثية بين الذكور والاناث ،وماذا داخل الخلية الحية، وماهي الجزيئات العملاقة والانزيمات والبروتينات، ومحاولات فريد جريفيث في العشرينيات من القرن العشرين، في مسألة عمل الجينات وإعلان أوزوالد ايفري عام 1940 عن "عالم التحول الجيني"