قرأت باهتمام شديد ما جاء بصفحة (فكر ديني) التي نشرت بجريدة الأهرام يوم الجمعة الماضي تحت عنوان فرعي (يشجع الحريات.. ويذكر بالسماحة.. ويحذر من الخلافات) وعنوان رئيسي (خطاب ديني للمسلمين والأقباط). وبعيداً عن جميع الآراء الدينية المستنيرة للخطاب الديني المعتدل؛ أود أن أسجل هنا بعض العبارات التي جاءت بالصفحة المذكورة، وهي: - (ولأننا كصفحة دينية نعتبر أنفسنا ويعتبرنا المجتمع.. رافداً إعلامياً من روافد الخطاب الديني). - (نقلنا تحذيرا من غياب المرجعية الدينية ومن عبث الأيادي الخارجية، ومن الخطاب الديني للهواة، والذي لا يملك الأزهر السيطرة عليه.. كل هذا وضعناه في صفحتنا أو بمعني أصح في خطابنا الديني الموجه لكل مسلم ومسيحي يحمل قبل ديانته جنسية مصري). والملاحظة المهمة هنا هو أن مصادر التحقيق.. تتحدد في كل من: د. طه عبد الجواد (أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر) والشيخ عمر الديب (وكيل الأزهر سابقاً وعضو مجمع البحوث الإسلامية حالياً) ود. يوسف القرضاوي (رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين) ود. محمد عبد رب النبي (الأستاذ بجامعة الأزهر) ود. مصطفي مراد (أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر) ود. علي جمعة (مفتي الجمهورية) ود. محمد عبدالسميع (أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر) ود. محمد المختار المهدي (عضو مجمع البحوث الإسلامية). إن عنوان التحقيق المشار إليه والعبارات السابقة والمصادر من الشخصيات.. تفترض أن الخطاب الديني المقصود هو (الخطاب الديني الإسلامي) و(الخطاب الديني المسيحي).. وهما المشار إليهما بتركيز في خطاب رئيس الجمهورية الأخير. غير أن واقع التحقيق الصحفي لجريدة الأهرام يتجاهل الخطاب الديني المسيحي.. وكأن الخطاب الديني الإسلامي وحده هو الموجه للمصريين مسيحيين ومسلمين. وقد كنت أعتقد أنه من المفيد أن يتم تناول الخطابين معاً لأن المساحات المشتركة بينهما أكبر بكثير من مساحة الخصوصية (العقيدية) لكل منهما. كما أعتقد أيضاً أن سلبياتهما مشتركة في سوادها الأعظم بسبب المناخ العام المشترك من تعليم وإعلام من جانب، وضغوط الشارع المصري التي تميل للتدين الشعبي.. أكثر مما تميل لصحيح الدين بقيمه ومبادئه من جانب آخر. وهو الأمر الذي ساند انتشار ظاهرة شيوخ الستالايت وكهنته. من الواضح إن جرائدنا ومجلاتنا.. تحتاج إلي وعي كاف لكي تستطيع أن تسير عكس تيار الخطاب الديني المتشدد والسلفي، وهو وعي.. يمكنها من أن ترسخ مفاهيم المواطنة ومصطلحاتها، والامتناع عن استخدام نقيضها من خلال (حساسية) استخدام بعض الألفاظ التي أحياناً ما يكون ظاهرها (مع) المواطنة ومضمونها (ضد) المواطنة، بل ومع تكريس الدولة الدينية بشكل غير مباشر. تري، متي ننزل بالمواطنة من الجانب الفكري والفلسفي لها إلي الجانب التطبيقي العملي الذي يعيد صياغة الوعي المصري والوجدان الوطني للمجتمع كله بدون استثناء؟. نعم، نحتاج إلي إعادة النظر فيمن يكتبون عن المواطنة بشكل حقيقي. وليس من يكتب عما يكتب عن المواطنة.. مثلما نقرأ ونشاهد يومياً في غالبية وسائل الإعلام.