تحولت ندوة "الرواية والشعر" التي أقيمت ظهر الأحد الماضي بقاعة 6 أكتوبر، ضمن محور "الرواية العربية بين الانفجار الكمي والازدهار النوعي"، التي استضافت الروائي بهاء طاهر والشاعر أحمد عبد المعطي حجازي ليتحدثا عن علاقة الرواية بالشعر، وقدمها الدكتور حسين حمودة، إلي مظاهرة لتسجيل الاعتراض علي مقولة "زمن الرواية" التي أطلقها الناقد الدكتور جابر عصفور منذ سنوات في كتاب حمل نفس الاسم. هاجم حجازي النقاد الذين أعادوا إثارة مقولة "زمن الرواية" قائلا: "بعض النقاد لا يفهمون لغة الشعر ولا يتمكنون من قراءة القصيدة، ويسعون لتحويلها إلي نثر وفكرة ومعني، وهؤلاء يقارنون بينها وبين القصة، فيرجحون القصة لأنها تمنحهم الأمان والقدرة علي الفهم، وهؤلاء الذين يعجزون عن قراءة اللغة الشعرية يسيئون أيضا إلي الرواية، لأنهم يركزون علي شخصياتها تاركين لغتها، وكأنها موضوع صحفي، فأنا مازلت أعمل بالصحف وأعرف أن عددا من الروائيين يستعينون في أعمالهم بالمصححين، وكأن دورهم يقتصر علي إيجاد الحكاية والشخصيات". ورغم أن حجازي أكد أن اللغة بدأت بالشعر، والأدب بما فيه فن الرواية بدأ بالشعر، وأن الرواية رغم كونها ليست فرعا من الشعر فإنها طور من أطوار التطور، وأن عددا من كبار الروائيين في العالم بدءوا شعراء، مثل جوته وفيكتور هوجو وبلزاك وبوشكين وبسترناك والمعري وشوقي وطه حسين والعقاد والمازني وعبد الرحمن الشرقاوي، ولويس عوض وتوفيق الحكيم، عاد ليؤكد علي أن الرواية والشعر نوعان مختلفان، لكنهما أقرباء، وقال "الشعر هو الأخ الأكبر وهو البكر، لأنه يبدأ من المحسوس وينتهي بالمطلق فيكون نبعا للفلسفة". واتجه لتفنيد الآراء التي تدعي بأن الشعر لم يعد يناسب العصر الحديث قائلا: "ظن البعض أن العصر الحديث هو عصر تفكير وعلم عصر خيال، وبالتالي يموت الشعر، كما ذكر بولازار في كتابه "أزمة الضمير الأوروبي" وتوماس بيكوك الذي قدم بحثا عن عصور الشعر الأربعة وقال "إن الشعر لا بد أن يضمحل مع الحضارة والعلم"، وهذا الكلام رد عليه شي في كتابه "دفاع عن الشعر" مؤمنا أن الشعر يبقي دائما لأنه يلبي حاجة إنسانية لا يلبيها سواه، وأرولد قال إن الشعر سيحل محل الدين". فيما أكد الروائي بهاء طاهر علي أنه إذا عرض عليه الاختيار ما بين الشعر والرواية فسيختار الشعر قائلا: "منذ أصدر الدكتور جابر عصفور كتابه "زمن الرواية"، قلت إنني لا أؤمن أن فنا يمكن أن يزيح فنا آخر، وقراءاتي تدل علي أن الفنون تزدهر معا وتنحسر معا، والمسألة بين الفنين ليست سجالا يبحث أن أفضلية كل منهما". ورد طاهر علي سؤال: إذا كان الشعر يلبي حاجة إنسانية وجدانية، فما الحاجة التي تلبيها الرواية؟ قائلا: "الرواية تقدم رؤية للعالم أشمل من الرؤية الفلسفية لأنها تتناول من تفاصيل الحياة الواقعية وغيرها ما يصعب الإحاطة به في الفلسفة والعلوم الإنسانية وغيرها، كما تتناول الصراع الميتافيزيقي في حياة الإنسان والصراع الاجتماعي، وصراع الإنسان مع ذاته، وبالتالي تتميز بالشمول، في وقت لا يستطيع فيه الشعر أن يخوض في قضايا المجتمع"، وأضاف: "الرواية الواقعية بالتحديد تفتح أفقا للتفكير يلبي حاجة الإنسان لرؤية الكون بشكل أشمل".