موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    السيسي يوجه بزيادة الإنفاق على الحماية الاجتماعية والصحة والتعليم    سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري بعد هبوطه عالميًا    وزير الإسكان يتفقد مشروع "سكن لكل المصريين" و"كوبري C3" بالعلمين الجديدة    خالد الغندور يكشف ردًا مفاجئًا من ناصر ماهر بشأن مركزه في الزمالك    100 عام على ميلاد هدى سلطان ست الحسن    للتخلص من الملوثات التي لا تستطيع رؤيتها.. استشاري يوضح الطريق الصحيحة لتنظيف الأطعمة    7 شهداء فى غارة على ساحة المستشفى المعمدانى بمدينة غزة    وزير خارجية روسيا يبحث مع نظيريه التركي والمجري نتائج قمة ألاسكا    بدء تحرك شاحنات المساعدات لمعبر كرم أبو سالم تمهيدًا لدخولها إلى غزة    صربيا تشتعل، متظاهرون يشعلون النار بالمباني الحكومية ومقر الحزب الحاكم في فالييفو (فيديو)    سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 17-8-2025 مع بداية التعاملات    الأهلي يعلن تفاصيل إصابة محمد علي بن رمضان لاعب الفريق    10 صور لتصرف غريب من حسام عبد المجيد في مباراة الزمالك والمقاولون العرب    خروج يانيك فيريرا من مستشفى الدفاع الجوى بعد إجرائه بعض الفحوصات الطبية    تامر عبد الحميد يوجه انتقادات قوية للزمالك بعد التعادل مع المقاولون العرب    مصرع سيدة وإصابة 9 آخرين فى حادث مرورى بين سيارة أجرة وتروسيكل بالإسكندرية    فرح يتحوّل إلى جنازة.. مصرع 4 شباب وإصابة آخرين خلال زفة عروسين بالأقصر    كانوا في زفة عريس.. مصرع وإصابة 6 أشخاص إثر حادث مروع بالأقصر    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 17 أغسطس 2025    "على نفقة المتعدي".. إزالة تعديات على شوارع مدينة الخارجة بالوادي الجديد- صور    وكيل صحة سوهاج يصرف مكافأة تميز لطبيب وممرضة بوحدة طب الأسرة بروافع القصير    أحمد الشرع: تقسيم سوريا مستحيل.. ومن يطالب به حالم وجاهل    رويترز: المقترح الروسي يمنع أوكرانيا من الانضمام للناتو ويشترط اعتراف أمريكا بالسيادة على القرم    مصرع شابين وإصابة آخر في حادث انقلاب دراجة بخارية بأسوان    أبطال واقعة "الليلة بكام"، قرار جديد ضد المتهمين بمطاردة طبيبة وأسرتها بالشرقية    موعد ومكان تشييع جنازة مدير التصوير تيمور تيمور ويسرا تعتذر عن عدم الحضور    تدق ناقوس الخطر، دراسة تكشف تأثير تناول الباراسيتامول أثناء الحمل على الخلايا العصبية للأطفال    8 ورش فنية في مهرجان القاهرة التجريبي بينها فعاليات بالمحافظات    رابط نتيجة تقليل الاغتراب.. موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 والكليات والمعاهد المتاحة فور اعتمادها    منافسة بنكية ساخنة على رسوم تقسيط المشتريات تزامنًا مع فصل الصيف    في تبادل إطلاق النيران.. مصرع تاجر مخدرات بقنا    رئيس جامعة المنيا يبحث التعاون الأكاديمي مع المستشار الثقافي لسفارة البحرين    ملف يلا كورة.. تعثر الزمالك.. قرار فيفا ضد الأهلي.. وإصابة بن رمضان    الداخلية تكشف حقيقة مشاجرة أمام قرية سياحية بمطروح    لأول مرة بجامعة المنيا.. إصدار 20 شهادة معايرة للأجهزة الطبية بمستشفى الكبد والجهاز الهضمي    رئيس الأوبرا: واجهنا انتقادات لتقليص أيام مهرجان القلعة.. مش بأيدينا وسامحونا عن أي تقصير    توقعات الأبراج حظك اليوم الأحد 17 أغسطس 2025.. مفاجآت الحب والمال والعمل لكل برج    شهداء ومصابون في غارة للاحتلال وسط قطاع غزة    تعليق مثير فليك بعد فوز برشلونة على مايوركا    المصرية للاتصالات تنجح في إنزال الكابل البحري "كورال بريدج" بطابا لأول مرة لربط مصر والأردن.. صور    أول يوم «ملاحق الثانوية»: تداول امتحانات «العربي» و«الدين» على «جروبات الغش الإلكتروني»    «أوحش من كدا إيه؟».. خالد الغندور يعلق على أداء الزمالك أمام المقاولون    مي عمر على البحر ونسرين طافش بفستان قصير.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    كيف تتعاملين مع الصحة النفسية للطفل ومواجهة مشكلاتها ؟    عاوزه ألبس الحجاب ولكني مترددة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز إخراج الزكاة في بناء المساجد؟.. أمين الفتوى يجيب    «زي النهارده».. وفاة البابا كيرلس الخامس 17 أغسطس 1927    بريطانيا تحاكم عشرات الأشخاص لدعمهم حركة «فلسطين أكشن»    "عربي مكسر".. بودكاست على تليفزيون اليوم السابع مع باسم فؤاد.. فيديو    «زي النهارده».. وفاة العالم والمفكر أحمد مستجير 17 أغسطس 2006    يسري جبر يوضح ضوابط أكل الصيد في ضوء حديث النبي صلى الله عليه وسلم    حزن ودعوات| المئات يشيعون جثمان «شهيد العلم» في قنا    القائد العام للقوات المسلحة: المقاتل المصري أثبت جدارته لصون مقدرات الوطن وحماية حدوده    وزير الأوقاف: مسابقة "دولة التلاوة" لاكتشاف أصوات ذهبية تبهر العالم بتلاوة القرآن الكريم    الشيخ خالد الجندي: الإسلام دين شامل ينظم شؤون الدنيا والآخرة ولا يترك الإنسان للفوضى    الإصلاح والنهضة يواصل تلقي طلبات الترشح لعضوية مجلس النواب عبر استمارة إلكترونية    وزير الري يتابع موقف التعامل مع الأمطار التي تساقطت على جنوب سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الصندوق القاتل".. فيلم ساذج يرقص علي السلالم

عندما تكون لديك فكرة فلسفية عميقة تريد أن تقدمها للسينما، فمن الأفضل أن تبحث عن إطار تشويقي يجذب الجمهور، ويصل بالمعني من أقرب الطرق، ولكن ذلك لا يزيد عن الخطوة الأولي لأن علي المعالجة لابد أن تراعي وصول الفكرة بدون تعقيد أو غموض، وأن تلتزم البناء المشوق الذي يطرد النوم عن عين المتفرج، أما فيلم "The Box" أو كما عرض تجاريا تحت اسم الصندوق القاتل فقد حقق فشلاً مزدوجًا حيث بدت المعالجة والسيناريو المأخوذ عن قصة قصيرة في حالة مؤسفة من الاضطراب، ولذلك ظهر الفيلم كمن يرقص علي السلم، ضاع التشويق رغم وجود بذرة صالحة وجيدة، وتاهت الفكرة وسط ضباب من الأحداث والتفريعات والتفاصيل، وبدا كما لو أن صناع الفيلم قد اعتمدوا علي اسم "كاميرون دياز" وحدها لإنقاذ الموقف، وهو أمر لا يكفي بالتأكيد لكي تصمد علي مقعدك حتي النهاية.
بعد جهد كبير، وتركيز فائق، تستطيع أن تستنتج - ولك في النهاية أجر الاجتهاد - أن فكرة الفيلم محورها التجربة والاختيار سواء بالمعني الديني أو الفلسفي، التجربة في المسيحية تساوي بالضبط معني الابتلاء في الإسلام حيث يجد الإنسان نفسه في موضع الاختبار والامتحان، ويفترض أن يختار ما يعتقد أنه الصواب في ضوء قيمة وتعاليم دينه، والتجربة والاختيار هما محور الفلسفة الوجودية حيث يتعرض الإنسان لعشرات المواقف، والاختيار لحظة فارقة يمكن أن تغير المسار إلي الأبد، وفي "الصندوق القاتل" الذي أعدله السيناريو والحوار مخرج الفيلم "ريتشارد كيلي" هناك حديث صريح عن مسرحية "الجحيم" ل"چان پول سارتر" التي يمكن أن تعتبر مسرحياته "تجارب" يمر بها أبطاله، وعليهم دائمًا أن يصلوا إلي قرار صعب، وفي هذه المسرحية يعتبر الفيلسوف والأديب الفرنسي أن الجحيم هو عيون الآخرين، وفي الفيلم ستجد شخوصًا هائمة تطارد بطل الفيلم وزوجته في أماكن مختلفة، ويسددون تجاههم نظرات ثابتة ومستمرة، ولكن ما هي التجربة في فيلم "الصندوق الكامل"؟
في عام 1976، وفي منزل صغير بمدينة "ريتشموند"، يزور رجل مشوّه الوجه يدعي "ستيوارد" (فرانك لانجيلا) الزوجة "نورما" (كاميرون دياز) التي تعمل كمدرسة، كان قد أرسل إليها صندوقًا معلقًا به جهاز غامض، فلما التقاها أخبرها أنها لو حركت زرّا بالجهاز سيموت شخص ما في مكان ما، ومقابل هذه الحركة البسيطة ستحصل وزوجها الذي يعمل في وكالة "ناسا" واسمه "آرثر لويس" (چيمس مارسدن" علي مليون دولار، ولأن المدرسة مهددة بالاستغناء عنها، وفقد وظيفتها، ولأن هناك فواتير والتزامات جديرة بالدفع لمنزلها ولرعاية طفلها الوحيد "والتر"، فإن التجربة أو الاختبار هنا هو هل ستقبل بالضغط علي الزرّ بصرف النظر عن النتائج أم ستقول لا؟ ويشترط الزائر الغامض في كل الأحوال عدم إخبار أحد سوي الزوج "آرثر".
البذرة جيدة جدًا، وتصلح بالفعل لتقديم عمل تشويقي مميز، وفكرة الصندوق لها دلالة رمزية واضحة تتجاوز مظهره أو طبيعة عمل الجهاز بداخله، وسيكتشف الزوج عند فك الجهاز أنه لا يوجد شيء بداخله، كما أن شخصية الزائر الغامض "ستيوارد" ثرية ومليئة بالإيحاءات، ستسأل نفسك مثلاً عما إذا كانت الشخصية تجسيدًا جديدًا لفكرة الشيطان بمعالجة عصرية ومختلفة؟ ورغم كل هذه المقدمات التي توحي بعمل هام، إلاّ أنك سرعان ما ستجد تفصيلات عن ظروف "نورما" التي بترت أصابع إحدي قدميها ورغبة زوجها في إجراء عملية لها، وتفصيلات أخري عن عمل الزوج ضمن فريق وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" لإعداد كاميرا خاصة في سفينة الفضاء "ڤايكنج"، وتفصيلات أخري عن فشل الزوج في تحقيق حلمه بأن يصبح رائدًا للفضاء، ويتم كل ذلك عبر انتقالات تقليدية كأنك تشاهد مسلسلاً تليفزيونيا يأخذك من حجرة إلي مبني إلي مزيد من الأماكن المغلقة.
لن نأخذ وقتاً طويلاً في متابعة تردد الزوجين في الاختيار، بل أن الزوجة ستضغط علي الزر بسرعة وسط حوار مع زوجها، ويفترض أن ذلك سيسبب مقتل سيدة في مكان آخر، وبعد قليل سيظهر "مسترستيوارد" حاملاً معه المليون دولار، ولكن الزوج سيتنبه فجأة، وسيطارد سيارة الزائر الغامضة ليحصل علي رقمها، وسيعطي الرقم لوالد زوجته الذي يعمل بالمصادفة ضابطاً للبوليس، وهنا فقط سنكتشف أن "ستيوارد" يراقب "آرثر" ونورما من خلال اتباع كثيرين يعملون لحسابه في أماكن مختلفة، ويلاحظ دائماً طوال هذا الجزء أن السرد لا ينقل توتراً للمتفرج الذي سينتظر طويلاً قبل أن يعرف شيئاً عن لغز مستر "ستيوارد"، والملاحظ أيضاً أن الموسيقي التصويرية استخدمت بطريقة بدائية تذكرك بأفلام الثلاثينيات من القرن العشرين.
الأهم من ذلك، أنك لا تستطيع أن تفسر اختيار الزوجة ضغط الزر بسهولة، ولن تستطيع أن تفسر رغبة الزوج في جمع معلومات عن الزائر بعد أن تسلم المليون دولار وليس قبل ذلك، والمدهش فعلاً أن الزوجين لن يعرفا بالجريمة التي نتجت عن ضغط الزر إلا في وقت متأخر للغاية، ولكن المشكلة الأكبر ستظهر في النصف الثاني من الفيلم حيث ستختلط الأمور، فالمستر ستيوارد يظهر في مكان متسع وضخم أقرب لديكورات أفلام الفضاء، و"آرثر" يخوض تجربة تنقله إلي هذا العالم ليختار سكة النجاة من بين ثلاثة طرق، ثم يسقط من جديد في حجرة نومه بجوار زوجته مما يعطي تأثيراً كوميدياً، ونكتشف فيما بعد أنه رحل عن عالمنا إلي العالم الذي يعيش فيه "ستيوارد" ثم عاد إلينا من جديد، وتتداخل هذه التجارب الروحية مع معلومات تكشف سر "ستيوارد" الذي كان يعمل في "ناسا"، ولكن اصابته صاعقة شوهت وجهه، ورغم موته إلا أنه عاد من العالم الآخر لكي يسيطر علي مئات البشر الهائمين، ولكي يقوم بوضع البشر في تجربة الصندوق بتكليف من كائنات لم ولن نعرف عنها شيئاً!
تمخضت الفكرة الأولي فولدت احداثاً مضحكة من فرط سذاجتها، لم يكن الفيلم محتاجاً لكل هذه التفصيلات لكي يظهر رجل غامض يقدم صندوقاً فيه من الرمز أكثر مما فيه من الواقع، والأعجب أنك لن تفهم هل أنت أمام شيطان أم في حضرة رسول يريد أن يكشف النفوس البشرية الأنانية التي تريد المال حتي لو كان المقابل أن تضغط زراً يمكن أن يقتل إنساناً آخر؟ كيف يمكن أن يكون "ستيوارد" مشرفاً علي التجربة والاختبار في حين أنه شريك في التحريض علي القتل؟ "ستيوارد" أيضاً يمارس التفلسف عندما يقول إنه اختار فكرة الصندوق لأنها تلخص حياة الإنسان الذي يعيش في صندوق (منزل) ويستخدم صندوقاً في تنقلاته (سيارة) ثم يحمله إلي القبر صندوق. والحقيقة أنه حوار ساذج جدير بفيلم عقدته الأساسية عن رجل أحرقته صاعقة فمات ومع ذلك عاد إلي الحياة بنصف وجه مشوه فقط؟!
يفترض أن "نورما" وزوجها فشلا في الاختبار وقاما بالضغط علي زر الجهاز، ولذلك حق عليهما العقاب الذي يتمثل في أن يقتل الزوج زوجته كوسيلة وحيدة لانقاذ الطفل "والتر" من العمي والصمم (!!) ثم يتوجه "ستيوارد" إلي أسرة أخري لكي تخوض تجربة الصندوق من جديد، يريد الفيلم الساذج أن يقول إن البشر يفشلون دائماً في الاختبار، وأنهم عندما يختارون لا يرون إلا مصلحتهم، عليك أن تستنتنج هذا المعني بصعوبة وسط الأحداث المضطربة التي لم يخفف من تأثيرها أداء "كاميرون دياز" لدور مختلف تخلت فيه عن جمالها المعروف لتظهر كسيدة عرجاء تعاني من عاهة في قدمها، ولم يخفف من التأثير حضور فرانك لا نجيلا رغم غموض شخصيته لدرجة أنها ظهرت أكثر شراً من ضحايا اختباره، وبدا كما لو أن التجربة الأليمة في الصبر علي استكمال الفيلم، وليس في معاناة أبطاله مع الصندوق الغامض!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.