الثلاثاء الماضي بدأ أسبوع الصلاة من أجل الوحدة الذي ينظمه مجلس كنائس الشرق الأوسط وتشارك فيه كنيسة سان جوزيف للاتين وكاتدرائية مارجرجس بمطرانية الجيزة. وكاتدرائية جميع القديسين الأسقفية وكنيسة القديس نيقولاوس للروم الأرثوذكس وكاتدرائية مارجرجس بشبرا الخيمة. وكاتدرائية القديس انطونيوس للأقباط الكاثوليك، والكنيسة الانجيلية بمدينة نصر. والكاتدرائية المرقسية الكبري بالانبا رويس. اسبوع الصلاة هذا العام يقام تحت شعار "كونوا شهودا للرب" ويقول الاستاذ جرجس إبراهيم صالح الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط. أن شعار هذا العام هو خير حافظ لنا لنحيا حياة مقدسة مباركة نشهد فيها للمسيح ونسعي لتحقيق الوحدة فليبارك الرب هذا العام ويجعله عام خير وسلام علي العالم اجمع وعلي شرقنا الأوسط وعلي مصر الحبيبة. وفي نشرة الاحتفالية كتب الأب الدكتور "كابي هاشم" مدير قسم الإيمان والوحدة في مجلس كنائس الشرق الأوسط "كلمة مهمة تكشف عن دور مجلس الكنائس العالمي منذ 1910 ومجلس كنائس الشرق الأوسط واظهرت الكلمة الايجابيات لكنها لم تذكر أسباب عدم حدوث الوحدة حتي الآن.. وقد جاء فيها. في سنة 1910، في مدينة أدنبره الإيكوسية، انطلقت شرارة الحركة المسكونية الحديثة التي وضعت حدًا للقطيعة بين الكنائس، وفتحت الباب علي مصراعيه أمام الجهود الحثيثة في سبيل استعادة الوحدة والشراكة بين جميع المسيحيين. ففي مؤتمر المجلس العالمي للإرساليات التابعة لكنائس الإصلاح صوت صارخ دوي ليذكر الحاضرين بجوهر الرسالة المسيحية، بعيدًا من السعي الطائفي والمذهبي والأهداف الشخصية، يومها وقف الدكتور شانغ، مندوب الكنائس الحديثة العهد في الشرق الأقصي، وقال: "لقد ارسلتم إلينا مرسلين يبشروننا بيسوع المسيح. شكرًا لكم ولكنكم حملتم إلينا أيضا خلافاتكم وانشقاقكم. فمنكم من يبشر بالمثودية... وآخرون باللوترية أو بالمشيخية. ونطلب منكم أن تبشرونا بالإنجيل. وكان هذا الكلام كافيًا لتعود الكنائس رويدًا رويدًا إلي هدي الروح، وإلي بذل المساعي الخيرة للتلاقي والتحاور والاتحاد. وهكذا خطت الحركة المسكونية خطوات جبارة اعادت للمسيحيين الأمل بتحقيق أمنية الرب الغالية في صلاته إلي الأب عشية آلامه وموته وقامته: "ليكونوا بأجمعهم واحدًا". قرن من المحبة والتقارب والحوار، عوض الكثير من الجفاء والعداء والتباعد، وأكثر من مائة عام من الصلاة معًا لأجل الوحدة المنظورة المنشودة أحداث كثيرة وخطيرة طبعت هذا القرن المنصرم من حياة الكنيسة وتاريخها. نشاط دءوب وتضحيات جمة بذلتها كل من حركة المسيحية العملية ولجنة إيمان ونظام، خلال العقود التي تلت مؤتمر أدنبره، وقبل أن يولد، سنة 1948، مجلس الكنائس العالمي الذي صار مرادفًا للحركة المسكونية في القرن العشرين. تسع جمعيات عمومية وألوف اللقاءات والبرامج جمعت اللاهوتيين، والشباب، والرؤساء، والمؤمنين من الكنائس المختلفة حتي بتنا اليوم في حال من الأخوة التي تفرح قلب الرب. هذا ما قامت به ودفعت إليه الكنائس الناشئة من الإصلاح الإنجيلي. أما الكنائس الأرثوذكسية بعائلتيها الشرقية والبيزنطية، فقد لحقتا بركب هذه الحركة علي مراحل إلي أن اكتمل عقد عضويتها في مجلس الكنائس العالمي سنة 1961. وقد عقدت الكنائس الأرثوذكسية البيزنطية في أوائل الستينيات ثلاثة مؤتمرات عامة في جزيرة رودس أقرت في خلالها الدخول في حوار مع الكنائس المسيحية الأخري. أما الكنيسة الكاثوليكية، فشهدت عنصرة جديدة مع انعقاد المجمع الفاتيكاني الثاني الذي طور المفهوم اللاهوتي لسر الكنيسة، وأقر بوجود الشراكة، وإن كانت غير تامة، مع الكنائس والجماعات المسيحية غير الكاثوليكية. كما اسهم قبول مبدأ الخلاص خارج أسوار هذه الكنيسة المنظورة في انطلاقة العديد من الحوارات اللاهوتية. وأضاف الدكتور "كابي" أما عندنا نحن الشرقيين، فقد واكبت كنائسنا الحركة المسكونية العالمية وسعت إلي اللقاء والحوار من خلال المجالس المختلفة. أولاً في مجلس مسيحيي الشرق الأدني الذي اقتصر في عضويته علي المصلحين حتي سنة 1964، حين تحول إلي مجلس كنائس الشرق الأدني بعد انضمام الكنيسة السريانية الأنطاكية الأرثوذكسية إليه. وشهدت سنة 1974 ولادة مجلس كنائس الشرق الأوسط الذي جمع العائلات الكنسية المصلحة والأرثوذكسية الشرقية والأرثوذكسية البيزنطية (الروم) إلي أن انضوت تحت لوائه، سنة 1990، العائلة الكاثوليكية. ولاريب في أن هذا المجلس، بصفته بنية مسكونية، يعتبر هدية من السماء ووسيلة وضعه الروح في كنائسنا لتسهيل لقائها بعضها ببعض، ولإنعاش الروح المسكونية، والحث علي التحاور والتقارب في سبيل استعادة الشراكة التامة، ولا يخفي علي أحد، ما يمر به هذا المجلس اليوم من ظروف عصبية تستدعي التفاف جميع المسيحيين في المنطقة حوله لاعادة تصور الحركة المسكونية وتعزيز المسعي الوحدوي. ولكن تحديات الحضور المسيحي في الشرق، وليس أقلها ما يستوجب التعايش والتحاور مع الأديان الأخري، ولا سيما الإسلام، خدمة الإنسان العربي والمشرقي ورقيه، ومسألة السلام والعدالة الاجتماعية، هذه التحديات تتطلب جهدًا مسكونيًا مضاعفًا، وتعاونًا أوثق، وثباتا في الشهادة أمتن وأنصع. إن ما يحصل في فلسطين والعراق يحثنا علي الشهادة معا. وما تعيشه جماعاتنا المسيحية من خبرات ناجمة عن العولمة وتأثيرها علي الصعد كافة، يدعونا إلي المزيد من التعاون الراعوي والتجدد الروحي والكنسي.