إذا كنت ستعيش مائة عام فإنني أتمني أن أعيش مائة تنقص يوما واحدا كي لا أضطر للعيش بدونك.. فأسوأ اللحظات تلك التي يفقد فيها المرء رفيق الطريق ويضطر لاستئناف السير وحيداً دون صديق الطفولة والصبي.. فقط الذكريات تصاحب محمد منذ رحل كمال عن عالمه. يقول محمد طه 21 سنة: التقيت كمال بمدرستي الإبتدائية كنت في الثامنة من عمري عندما قررت الانضمام إلي فريق كرة السلة الذي كان أحد أعضائه جمعتنا غرفة واحدة في المعسكرات والرحلات ومنذ ذلك الوقت لم نفترق ولا أذكر أنه شب بين أحدنا خلاف أو نزاع حول شيء علي العكس كان كلانا مكملا للآخر ينبهه إلي نقاط الضعف التي يجب أن يتجنبها ويثني علي أفضل ما يميز شخصيته في حضوره وغيابه. يضحك محمد وهو يقول: كان كمال يهوي مغازلة الفتيات ولكنه عندما أحب بصدق لم يذكر حبيبته في حديثه وكان يتجنب حتي مجرد النظر إليها.. وبعيدا عن دروس المغازلة التي لا أجيدها كنت أتبع توجيهاته لي في تدريباتي لكرة السلة فأنا أمتلك اللياقة البدنية بينما يمتلك كمال الحس المهاري العالي اللازم لممارسة اللعبة فكان كلانا للآخر نعم العون ولو جوده في حياتي أشد الأثر حيث إنه الشخص الوحيد الذي شجعني علي ممارسة هوايتي في تصميم الأزياء وعلي الرغم من أننا افترقنا بعد الثانوية العامة فالتحقت بكلية التجارة جامعة قناة السويس أما هو فالتحق بكلية الشرطة. صمت محمد للحظات ثم تابع في أسي كان هذا فراقنا الأول رغم حرص كل منا علي ألا تنقطع أخبار الآخر اليومية عنه ورغم لقائنا الشهري إلا أنه لم يكن هينا ولم نقدر وقتها أن هناك فراقاً أكبر بانتظارنا فقد تعرض كمال لحادث سيارة أثناء انتقاله من السويس إلي مقر كليته واستمر يعاني بالمستشفي لمدة شهر كامل قبل أن يأتيني خبر وفاته بالقاهرة، لا أذكر كيف مرت علي تلك اللحظات ولكنها حتما أسوأ أيام حياتي التي مرت بها سنوات العمر ال 16 التي قضيناها معاًلم نفترق قط فقد رحل عني كمال وترك لي عبارة واحدة.. محمد أنت إنسان أبيض يا ريت ما تتغيرش.