- قد يبدو العنوان عن أحداث "نجع حمادي" أو ما سبقها من أحداث تسري بين الحين والآخر.. أو ما قد يحدث بعدها في المستقبل وهو أمر وارد ومحتمل طالما بقيت عناصر متعصبة أو متطرفة في كل جانب حتي ولو كانت قلة لا وزن لها ولا شأن ولا تعبر مطلقاً عن ذلك التراث المصري عبر التاريخ وعن القيم الراسخة في ضمير أبنائها علي مر الأجيال وليس من شأنها أن تزعزع يقيناً ولا أن تنال من وجدان هذا البلد الأمين. - ولم تعد أهمية القضية في حادث يقع هنا أو هناك حتي ولو علت بشأنه بعض الأصوات التي تجاهر بها أو تتاجر من أي من الجانبين تعصباً وتطرفاً إذ إن ذلك يكفي لمواجهته أجهزة قادرة تحقق الأمن وتفرض سيادة القانون دون تميز لتأخذ العدالة حقها حفاظاً علي أمن هذا البلد الذي يحتل موقع الأولوية فوق رءوس الجميع بعيداً عن المزايدات أو ادعاء البطولات أو الأوهام والزعامات إذ تظل قيمة هذا المجتمع في احترام الأديان وحرية العقيدة قبل مبادئ الدستور وأحكامه.. وقبل المواطنة التي هي من الأزل في التاريخ المصري القديم أو التاريخ الحديث والمعاصر. - ويصعب علي العقلاء والحكماء في هذا البلد الأمين أن يزيدوا ويعيدوا لإثبات ما هو ثابت أو يقدموا الأدلة والبراهين للناس فيما ليس في حاجة إليه لأن ذلك في نظرهم قد يزعزع اليقين الثابت أو يخلق الشكوك فيما هو راسخ فهل يتحدثون عن التاريخ وعن الواقع وعن الدستور والقانون وعن الدليل والإحصاء وما جد علي الساحة كل ذلك واقع تعاظم مع الزمن وسطع مع القيم وحسن الفهم لهذا فهم يرون العزوف عن فتح الملف لأنه لا وجود له أصلاً!! - ويقول لنا أصحاب الحكمة والعقول المستنيرة ومنهم رجال التاريخ والدين يطلبون إلينا قراءة الثوابت في التاريخ ومواقف أبناء الوطن وقت الشدة وفي المحن حيث يقف الجميع معاً دون تفرقة أو إحسان بها يقفون معاً لخدمة الوطن ومصالحه العليا فقد كتبوا معاً للحكومة منذ قديم حيث كان حسين رشدي رئيس الوزراء عام 1919 يطالبون بتوكيل سعد زغلول عن الأمة ورفع الأحكام العرفية واستمرار الأحزاب نجد بينهم أصحاب وظائف أو المواطنين العاديين فيوقع سلامة ميخائيل القاضي إلي جوار توقيع علي ماهر مدير إدارة المجالس الحسبية وقتئذ وعلي زكي العرابي بمدرسة البوليس مع برسوم روفائيل بالبوستة ونجيب إسكندر من تفتيش صحة مصر وحبيب جرجس رئيس قلم بالخارجية وإسكندر إلياس بهيئة السكة الحديد وفؤاد برسوم بنزع الملكية وإسحق مرقص بمصلحة الأملاك ومعهم محمودفهمي النقراشي ناظر مدرسة كل هؤلاء وغيرهم يجتمعون بوزارة الحقانية يوم الأحد 3 إبريل عام 1919 أي منذ قرن من الزمان يوقعون عريضة بمطالب واحدة دون تفرقة ثم يعودون إلي الاحتجاج علي تهديد الحكومة ويقررون الاستمرار في الإضراب وبالاجماع بعدها تنعقد الجلسة المشتركة بالجامع الأزهر الشريف يوم الأربعاء 16 إبريل عام1919 برئاسة مفتي الديارالمصرية الشيخ بخيت ومندوبون عن جناب البابا بطريرك الأقباط الأرثوذكس وبطريرك طائفة الكاثوليك والأعيان للحصول علي المطالب القومية ولم نسمع أحداً في مثل هذه الظروف العصيبة يطالب بمزايا عنصرية أو طائفية انتهازا للفرص أو استقواء بمراكز القوي في الداخل أو الخارج لأن مصلحة الوطن فوق الجميع كل ذلك وغيره من ثوابت التاريخ فأي لسان نتحدث أيها السادة وعلي أي مصالح نتكلم ونصرخ!! - لكن القضية التي جدت علي الساحة وترفع درجة الانتباه والحذر تلك الأصوات الزاعقة التي تنتهز الأحداث والمناسبات فتجعل منها أسبابا للفتن وتطل علينا هذه الأصوات من كل جانب فتكشف عن قناعها وتعلو بالصراخ والعويل وربما بالتهديد والوعيد وأحيانا بالمطالب والمزايدات فتزداد الفتنة وتتصاعد اشتعالا وتجاهر علنا بالمطالب والمخصصات والحصص ثمناً لإخماد الفتن أو مقابلاً لإسكات الأصوات أو التلميح بعدم الاستقواء والاستصراخ. - ويزيد الأمر خطراً ذلك الوجه الإعلامي اللعين سواء في الداخل أو في الخارج الذي يشعل تلك الأجواء فيضخم من حالها ويزيد من الفتنة فيها حيث تجري الحوارات وتتسابق الإثارة ويعلو الصراخ ليملأ الدنيا عويلاً واتهاما وتهديداً وكأننا في بلاد الماو ماو أو في بلاد تركب الأفيال!! - لكن القضية كائنة والملف قائم يطالب البعض بفتحه لأغراض لا شأن لها باحترام الأديان أو حماية العقيدة أو الدفاع عن حقوق الإنسان أو المطالبة بحقوق المواطنة وإنما توظيف القضية وتستخدم لأغراض أخري خبيثة منها ما هو سياسي ومنها ما هو أكثر من ذلك في نفس يعقوب!! - ولسوف تشهد الأيام المقبلة مزيدا من الاشتعال المفتعل والإثارة المدمرة والصراخ المدبر والشكاوي الملفقة والتظاهر المنظم إصراراً وترصداً كلها تجاهر بالاستقواء تحت ستار حماية الأديان وفي سبيل الجهاد أو إعلاء كلمة الدين كل ذلك من بعض مثيري الفتن من الجانبين لكن ذلك كله ستار مفضوح من أجل المصالح أو اللعب علي المكشوف مع الكبار لنيل الزعامات أو الانتصارات الزائفة. - ولسوف تشهد الأيام المقبلة المزيد من الصراعات والطلبات من يطالب بالكوتة أو بعض المصالح محتجا بالمساواة أو تكافؤ الفرص ومنع التمييز لتحقيق المصالحات وتهدئة الأجواء واستتباب الأمن والدعوة إلي الإخاء أو بدافع الولاء والإخلاص وهذا ليس من الحقيقة في شيء وإنما انتهاز للفرص وإثارة للفتن وخلق القلاقل وزيادة الاحتقان أو إبرام الصفقات واللعب مع الكبار من خارج الديار. هؤلاء سوف يكشفهم الرأي العام وسوف يشهد عليهم التاريخ ويضعهم في صفوف الخائنين والجاحدين للتراب والكاذبين بالسلام وبالنعم ومنهم من كشف عن نفسه فأبان حقيقة الوجه والخداع لأنهم يقولون ما لا يفعلون وقد كبر مقتاً عند الله. - ولن ينخدع الرأي العام لأن الحقوق راسخة واليقين لا يتزعزع وعلينا أن نقول لتلك الأصوات في كل جانب التي تطل علينا في إحداث الفتن وتنتهز الفرص بأن أمن الوطن فوق الجميع والسلام لن يغيب وكل من استظل بسماء هذه البلد سوف يظل آمنا لأن الأديان فوق الجميع والله أعلم بمن ضل ومن اهتدي وكما انذر الله الماكرين المتمردين فلقد بشر المؤمنين الأقوياء والصابرين!! انتبهوا أيها السادة لذلك الصراخ اللعين وسط أحداث الفتنة التي يشعلها ويتربص بها المتعصبون والمتطرفون!!