"المعرفة سلطة " هذه هي عبارة فرانسيس بيكون الشهيرة التي اصبحت صالحة لكل زمان ومكان ،لكنها في عصرنا ،عصر العولمة واقتصاد المعرفة اخذت ابعادا جديدة وزوايا مختلفة بعد ارتباط الاقتصاد بالمعرفة وذلك عن طريق الوسيط التكنولوجي إن جاز التعبير . ذلك ان اقتصاد المعرفة يعني الادوات والاجهزة التي طورتها "التكنولوجيا الذكية" لتكون المعلومات والمعرفة جزءا لايتجزأ من نسيج الشبكة العنكبوتية التي تضخ المعلوماتية والافكار في الفضاء المعلوماتي المفتوح . وهنا تتدفق الاسئلة : - هل اقتصاد المعرفة يصلح للدول التي تعاني من "الفقر التكنولوجي " والعوز المعلوماتي ؟ - وما هو السبيل لسد ما يطلق عليه هذه الايام "الفجوة الرقمية "؟ - وكيف يحدث "الاستقرار المعلوماتي " بل و"الهدوء النفسي " للمجتمعات المحرومة من امتلاك العناصر الواجب توافرها في اقتصاد المعرفة وعلي راسها : * الادوات والاجهزة الذكية ذاتها . * الخلفيات النظرية لمفاهيم ودلالات اقتصاد المعرفة * القدرة الاقتصادية * القدرة الانتاجية * فكرة "التسريع" و"الدقة" وهما الفكرتان المحوريتان المتعلقتان بالتعامل مع التكنولوجيا المتقدمة . من القسوة البالغة ان تترك الدول المتقدمة تكنولوجيا الدول المعوزة تكنولوجيا في هذه "المصيدة السلبية" ،حيث تكابد مجتمعات هذه الدول ،الهشاشة والتهميش بل والتهشيم لبنيتها الحضارية والثقافية وهذه هي قمة المأساة . عند هذا المفصل يبرز السؤال الذي يشبه الكابوس : من يتصدي لأخطبوطية "الفجوة الرقمية "..وكيف ؟ الجواب باختصار : إن الدور الذي يجب ان تقوم به الدول والحكومات التي تتأذي وتتضرر مجتمعاتها من "علل " و"آفات" و" مشكلات" الفجوة الرقمية معلوماتيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا في رأينا يتمحور حول التمسك ب : 1 ) شجرة التراث وعندما نقول شجرة التراث فإن ذلك لايعني فحسب التشبث بالقيم والمبادئ والمعايير الحضارية والثقافية لهذه الشجرة وما يرتبط بها من تراث في مجال الحرف والمهن والصناعات التقليدية والمهارات "المنتجة" والاعمال الفنية اليدوية وماشابه ذلك . إن إحياء شجرة التراث بالمفهوم الذي اشرنا اليه يمكن الدول المعوزة تكنولوجيا من الوقوف علي قدميها فضلا عن الاحتفاظ بخصوصية شخصيتها وهويتها ،وذلك امر غاية في الاهمية بالنسبة للمنافسة في عصر "اقتصاد المعرفة " الذي يبتلع هذه المجتمعات في جوفه الاخطبوطي. 2) تحويل الرؤية الاستهلاكية السلبية لافرازات العصر الرقمي الي رؤية ايجابية بحيث تتم الاستفادة من المعلوماتية و"الثقافة" و "الخبرة التكنولوجية"في المجالات الجوهرية ومن أهمها : - المجال التربوي . - المجال الاقتصادي . - المجال المعرفي . - المجال الاجتماعي . إن الرؤية الايجابية عند التعامل مع مفردات "عصر المعرفة " مسألة حيوية لانها تمهد الطريق امام المجتمعات المعوزة تكنولوجيا لكي تضع اللبنة الاولي في بناء المساهمة والمشاركة في صنع حضارة "العصر الرقمي " أليس كذلك ؟! الامر كذلك .. ولذلك فإن علي خبراء اقتصاد المعرفة في مجتمعاتنا أن يوضحوا أو يفسروا كل ما يتعلق ب"قضايا" الفجوة الرقمية والعصر الرقمي ،وهي مسألة ترتبط ب"محو الامية المعلوماتية " علي اصعدة التفكير والتطبيق وتقليص المفاهيم الاستهلاكية السلبية . وأيضا وضع النقاط علي الحروف بالنسبة للعلاقة الجدلية بين كلمتي "الاقتصاد" والمعرفة " ومدي التناسج الحيوي التبادلي بينهما حتي يمكننا اللحاق والمساهمة مع دول العالم من منطلق الرؤية "الانتاجية" لا "الاستهلاكية " والمزاحمة في مجال تبادل الخبرات وفتح مراكز الابحاث ذات العلاقة ب"اقتصاد المعرفة " شريطة توفر الدعم المالي والمعنوي مما يبرز "الانتاج" المحلي ويدعمه ماديا ومعنويا وعدم الهرولة نحو كل ما هو مستحدث حتي برغم عدم جدواه ومنفعته خاصة للدول محدودة الدخل والتي تعاني من التعثر الاقتصادي والمعرفي في ذات الوقت .