اللهم احمنا من بعض أبناء وطننا، أما أعداؤنا فنحن كفيلون بهم.. علي الأقل يصنفون كأعداء صريحين. والحديث مرة أخري مشترك ما بين وقائع الحدود مع غزة.. ووقائع الفتنة في نجع حمادي.. الخطر واحد. الآن تجد كثيراً من الصحف تمصمص الصفحات علي وزن الشفايف تحسراً علي ما جري في الصعيد.. وإدانة له.. لكنها تنسي أنها ساهمت في إيغار الصدور.. وبث مقومات مناخ الطائفية.. تتحدث الآن عن الوحدة.. وعن الوطنية.. في حين أن طريقة تعاملها مع الموضوع الطائفي خلال سنوات مضت لا تؤدي إلا إلي بعض قليل مما جري في نجع حمادي. صحف ومحطات تعاملت مع وقائع سابقة بطريقة تساوي تعاملها مع جرائم عنف عادية.. نشرت صوراً عن أحداث في المنيا لو كنت مسيحياً لامتلأت غضباً بسببها.. ولو كنت مسلماً لظننت أننا في حرب مستعرة علي أن أشارك فيها.. ونقلت خطاب أقباط المهجر كما لو أنه أخبار مسلم بها.. وهي نفسها كانت منبراً للخطاب المتأسلم المرسخ للطائفية. لنقل إنها تلك الصحف والمحطات لا تريد طائفية.. سوف افترض ذلك وأمضي معهم حتي باب الدار.. ولكن أليست هي نفسها التي سوَّقت وعضَّدت ودعَّمت جماعة مثل الإخوان المسلمين.. وهي تسوق فكراً ضد المواطنة.. إن صحيفتين علي الأقل لدي نجيب ساويرس علاقة مباشرة بهما.. تمارسان هذا كل يوم.. ومن ثم فإن عليه إما أن يراجع خطاب الصحيفتين.. أو يراجع نفسه.. والحكاية لا تحتاج إلي أدلة إضافية. الاتجاهات ضد المواطنة والمرسخة للطائفية والمروجة لفكر ديني متطرف تحظي بدعم هائل من نوع محدد من الصحافة.. حتي لو ادعي محرروها الآن أنهم يبكون ويتحسرون ويحذرون من الخطر. الأمر نفسه تجده في محطات تليفزيونية مختلفة.. تعتقد أن استضافة المشايخ المتطرفين.. والأصوات القبطية الطائفية.. إنما يحقق جاذبية وجماهيرية.. هو يفعل ذلك.. ويرفع نسب المشاهدة.. ولكن مع كل مشاهد إضافي فإن متطرفاً يولد.. ومع كل إقبال جديد تنتشر الأجواء العنيفة ضد قيم التوحد. خذ عندك مثلاً.. شيخ فضائي من بين النجوم اللامعة.. سأله طفل علي الهواء: إذا أحضر لي بابا نويل هدية هل تكون حراماً أم حلالاً؟.. وعلي الهواء.. بدلاً من أن يقول له: إن بابا نويل شخصية أسطورية.. وأن الذي أتي بالهدية هو أبوه، قال له إنها حرام.. وأن بابا نويل نفسه فكرة حرام.. ماذا نريد بعد هذا من الجيل الجديد الذي تربيه تلك المحطات. إذا ما انتقلنا إلي موضوع غزة.. وواقعة شهيدنا الذي يريدونه "فطيساً" وقد قتله رصاص حماس.. تجد بيننا من لا يمكن اعتبارهم أبناء الوطن نفسه.. سياسي للأسف عضو في مجلس الشعب علي سبيل المثال.. اتهم مصر بأن تصرفاتها هي التي قتلت الشهيد "!!!!".. أي والله هذا ما كان. والمنطق هنا هو أن رصاص حماس له ما يبرره، وأن الحصار عليها يدفعها لأن ترتكب حماقات.. وإننا لو فتحنا الأبواب علي البحري ما كان هذا الغضب قد تفجر في وجهنا.. ومن ثم فإن الذي يستحق العقاب هو دولتنا وليس حركة حماس. أي وطنية تسري في عروق هؤلاء.. أي منطق يحكم عقولهم.. أي تبرير أعرج ومعوق هذا الذي يرددونه.. وأي إحساس بارد هذا الذي يخالجهم وهم يحللون واقعة استشهاد جندي مصري علي يد حماس، ألا يوجد قليل من الخجل.. بعض من المشاعر.. نثر من الإخلاص للبلد.. لا أقول كله.. أيكون المال قد هدم الانتماء إلي هذه الدرجة.. إن تلك لا يمكن أن أسميها نيراناً صديقة.. للأسف الشديد هي نيران عدوة.. ولو كانت قد جاءت من بين ظهرانينا.. النيران الصديقة تكون كذلك حين يخطئ فرد في الصف نفسه.. وهؤلاء من خارج الصف.. ويجب أن نكون كفيلين بهم. الموقع الإليكتروني: www.abkamal.net البريد الإليكتروني : [email protected]